علي هدير المدافع وأزيز النيران تودع اليمن عام2009 مثقلة بأزمات خطيرة يمتد لهيبها من الشمال إلي الجنوب ويتفاقم تأثيرها إلي كل الأرجاء ويفتح مستقبل البلاد علي كل الاحتمالات. ويستقبل اليمنيون العام2010 وما تزال أكبر ثلاث ةتحديات تهدد استقرار وأمن البلاد في مقدمتها حرب صعدة ضد الحوثيين ثم مخاوف الانفصال في الجنوب ومواجهة تنظيم القاعدة النشط فضلا عن تحديات أخري لا تقل أهمية منها تردي الوضع الاقتصادي في ضوء تراجع عائدات النفط وكمياته والذي تعتمد عليه موازنة البلاد بشكل رئيسي. وما تزال حرب المتمردين الحوثيين السادسة في صعدة وعمران مشتعلة والتي كانت اندلعت في10 أغسطس الماضي مستنزفة دماء اليمنيين وطاقتهم وموارد بلادهم الضعيفة أصلا في مواجهات عبثية اختلط فيها السياسي بالديني والداخلي بالخارجي والقبلي بالحزبي دون أن يستطيع أحد التكهن بقرب نهايتها سواء بالحسم العسكري أو بالتفاهم السياسي. ومع التقدم البطيء الذي تحرزه القوات اليمنية المدعومة برجال القبائل والقوات الشعبية وعلي الرغم من دخول القوات السعودية علي خط المواجهات في الرابع من نوفمبر الماضي بعد اعتداءات حوثية علي أراضيها إلا أن المتمردين ما يزالوا قادرين علي مشاغلة جيشين نظاميين بوسائل مبتكرة في حرب العصابات. ويؤكد المسئولون اليمنيون مرارا تصميمهم علي حسم المعارك عسكريا ورفض أية وساطات مع الحوثيين تمكنهم من التقاط أنفاسهم مرة أخري متبعين سياسة النفس الطويل واستنزاف قدرات المتمردين حتي لو استغرق ذلك سنوات بحيث تكون الحرب السادسة هي الأخيرة. وتتجدد الاتهامات اليمنية لإيران في كل فرصة مواتية بدعم الحوثيين عبر الحوزات الدينية والإعلام دون أن تقدم صنعاء علي أية خطوات تصعيدية من قبيل قطع العلاقات الدبلوماسية أو سحب السفراء لكن يلاحظ أن الرئيس اليمني علي عبد الله صالح يحظي بدعم عربي وإقليمي ودولي واسع في حربه ضد المتمردين الشيعة من خلال مواقف قوية من مصر والجامعة العربية ومجلس التعاون الخليجي وأوربا وأمريكا مما يساعده كثيرا في توفير الغطاء الخارجي للتخلص من الحوثيين لكنه في الوقت نفسه غير قادر علي انتزاع هذا الدعم داخليا بالدرجة الكافية, حيث يناهض سياسته في الحرب تكتل المعارضة الرئيسية المعروفة باللقاء المشترك وكذلك بعض القبائل المناوئة. وفيما يشتعل الشمال في حرب صعدة يغلي الجنوب بحرب أخري من نوع مختلف تمثلت في زيادة الاضطرابات في المحافظات الجنوبية إثر تحول الحراك السلمي الجنوبي الداعي إلي مطالب حقوقية إلي حراك مسلح مدعوم من قيادات سابقة للجنوب مقيمة في الخارج يطالب صراحة بفض الوحدة بين شطري اليمن والتي تحققت بشكل إندماجي في22 مايو1990 هذه التطورات المتلاحقة خلال عام2009 جعلت مراكز الشرطة والمؤسسات الحكومية والموظفين والتجار الشماليين هدفا لمرمي نيران هذا الحراك خصوصا في محافظات أبين ولحج وشبوة والضالع وهو تصعيد متوقع له أن يستمر خلال العام2010 بوتيرة أعلي إذا لم تستطع السلطات اليمنية احتواءه ومعالجة أسبابه في الوقت المناسب. ويبدو ملف المواجهة مع تنظيم القاعدة رأس مثلث الأزمات الخانقة في اليمن غير أن نهاية عام2009 حملت أنباء سارة في مضمار المواجهة بعد تنفيذ عملية كبيرة وشاملة في ثلاث محافظات في وقت واحد أسفرت عن مصرع34 عنصرا واعتقال17 آخرين حيث سيحتاج التنظيم إلي فترة أخري لإعادة ترتيب صفوفه. وبخلاف هذه الملفات الساخنة تواجه اليمن مشاكل اقتصادية مزمنة فضلا عن أعباء استقبال الآلاف شهريا من النازحين الأفارقة الهاربين من جحيم الحروب الأهلية.