يدخل اليمن العشرية الثانية من القرن الحادي والعشرين, محملا بتحديات عاتية أمنيا وسياسيا, تفرضها عليه ملفات ساخنة, تهدد كيانه ومستقبله واستقراره, وتجعله يسير نحو أفق من الدم والنار. يأتي في مقدمة هذه الملفات, الحرب التي تخوضها صنعاء حاليا, وبضراوة ضد تنظيم القاعدة, الذي يجد في اليمن, مناخا مواتيا- سواء من حيث الموقع الجغرافي, الذي يربط قارتي آسيا وإفريقيا, أو من حيث الطبيعة الجبلية- لتنفيذ عملياته, الأمر الذي جعل من اليمن حلقة وصل بين الجماعات الإرهابية في الصومال وأفغانستان وباكستان والعراق. ومع تغلغل القاعدة في اليمن, وتوالي عمليات التنظيم, والتي كان أشهرها قصف المدمرة الأمريكية كول في ميناء عدن, والذي أسفر عن مقتل17بحارا. مما حدا بالحكومة اليمنية إلي تكثيف عملياتها العسكرية ضد التنظيم, وتوجيه الضربات الأمنية له, ومن ثم قبول الدعم الأمني الأمريكي, في إطار حرب أمريكا المفتوحة علي الإرهاب. وجاء التمرد الحوثي في الشمال, ليعلن عن نفسه, كأحد الملفات الخطيرة أيضا في اليمن, والذي تفجر علنا وبصورة لافتة في عام2004, في شكل حروب مسلحة علي نظام الرئيس علي صالح, وخطف السياح, وقطع الطرق والسلب والنهب, وأدت هذه الحروب إلي سقوط آلاف القتلي والجرحي. ويغذي هذا التمرد, معتقدات مذهبية خاصة في المحافظات الشمالية, وبالتحديد في صعدة المعروفة تاريخيا بانتمائها إلي المذهب الزيدي الشيعي, فضلا عن تدخل أطراف خارجية, وخاصة إيران لدعم الحوثيين بالمال والسلاح. ومع توالي الضربات العسكرية التي تقوم بها القوات اليمنية, ضد عناصر الحوثيين, وظهور عدة بادرات من الداخل والخارج, لإنهاء التمرد, توارت نسبة الخطر بعض الشيء. وهذا يستلزم من الحكومة اليمنية, مضاعفة الجهود السياسية والإعلامية لعلاج عقدة الاضطهاد لدي الحوثيين, وعدم النظر إليهم علي أنهم مجموعة متمردة تريد الإطاحة بنظام الحكم, وإقامة دولة شيعية تقوم علي الإمامة. ومع فرض الحرب مع القاعدة, ومواجهة التمرد الحوثي في الشمال, يأتي ملف آخر لا يقل خطورة, يتمثل في دعاوي الانفصال في جنوب اليمن, الذي شهد أخيرا صدامات دموية عنيفة علي خلفية دعوة بعض القوي السياسية والشعبية هناك إلي الانفصال, خاصة في محافظات لحج والضالع وأبين, وانضمام العديد من المتقاعدين العسكريين وشيوخ قبائل الجنوب, لما يسمي بالحراك الجنوبي, بدعوة تدهور الأوضاع المعيشية والاقتصادية في الجنوب وتميز الشمال, وقد أعلن الرئيس اليمني علي صالح, أخيرا أنه تم احتواء المشكلة بدعم من بعض الجوار, خاصة مصر للحفاظ علي الوحدة اليمنية, التي تحققت عام1990. وأخيرا, وبرغم الجهود العسكرية والأمنية والسياسية, التي تبذلها صنعاء لمواجهة هذه الملفات الصعبة, والسيطرة عليها, فإن نيران هذه الأخطار مازالت متأججة, خاصة في ظل عدم وجود حلول جذرية لها, الأمر الذي يجعل مستقبلها مرهونا بكل الاحتمالات, وتستمر معاناة اليمن السعيد...