مع دخول وقف المعارك في صعدة أمس يومه الثاني إثر إعلان الرئيس اليمني علي عبدالله صالح الخميس إنهاء الحرب السادسة وهو ما قوبل بتجاوب عبدالملك الحوثي زعيم المتمردين الحوثيين وإصداره الأوامر لاتباعه باحترام قرار وقف إطلاق النار يثير تساولا منطقيا يفرضه توقف هدير المدافع.. من المنتصر ومن المهزوم في الحرب التي دامت ستة أشهر بين الجيش اليمني والمتمردين الحوثيين الذين تحولوا إلي صداع في رأس نظام الرئيس منذ عام 2004 حيث نشبت أول مواجهة عسكرية بين الطرفين انتهت بهدنة هشة سرعان ما تجدد القتال بعدها خمس جولات منفصلة دون أن يتمكن أحد الطرفين من فرض إرادته علي الطرف الآخر. واللافت أن الجولة السادسة والأخيرة شهدت دخول أطراف إقليمية السعودية ودولية الولاياتالمتحدة في الحرب بشكل مباشر بعدما سعي الحوثيون إلي تدويل النزاع عبر احتلال أجزاء من الأراضي السعودية الحدودية وهو ما فرض علي الجيش السعودي أن يخوض أولي حروبه منفردا بعدما شارك إلي جانب قوات التحالف في إخراج القوات العراقية من الكويت عام 1991 كما وجدت إدارة الرئيس الأمريكي باراك أوباما نفسها مضطرة للدفع بعناصر استخباراتية مدربة لقتال الحوثيين إلي جانب شن ضربات جوية انتقائية علي قياداتهم خشية أن يتحولوا إلي ملاذ آمن للقاعدة العدو الأول لواشنطن والتي جاء حادث تفجير طائرة ديترويت ليذكي مخاوف الأمريكيين من التعرض لهجمات مماثلة لما حدث في 11 سبتمبر عام 2001. وليس بخاف أن إيران التي فرضت نفسها منذ غزو العراق كلاعب مشاغب علي مسرح الشرق الأوسط شاركت بشكل أو بآخر في حرب صعدة سواء عبر تسليح المتمردين الشيعة بواسطة تبني خطاب إعلامي ودبلوماسي متعاطف معهم وهو ما جعل حرب صعدة شيئا مختلفا عن النظر إليها كحركة تمرد ضد سلطة الدولة اليمنية.. إن توقف حرب صعدة بعد وساطات شيوخ القبائل وموافقة الحوثيين علي شروط الحكومة الست وفي مقدمتها الانسحاب من الأراضي السعودية لا يعني أن الجيش اليمني حقق نصرا واضحا علي المتمردين الشيعة رغم التسليم بأنه مع الجيش السعودي والضربات الأمريكية ألحقوا خسائر فادحة بالحوثيين لكن شوكتهم لم تضعف إلي الدرجة التي تحرمهم من إشعال جولة سابقة في المستقبل. وأغلب الظن أن تطورات الملف النووي الإيراني وما تلاه من إعلان نجاد عن تخصيب أول نسخة يورانيوم بنسبة 20% وتأكيد طهران قدرتها علي رفع معدلات التخصيب إلي 100% فرضت علي كل الأطراف المباشرة وغير المباشرة في الحرب الركون إلي إعلان الهدنة انتظارا لما ستسفر عنه المواجهة الحالية بين الغرب وطهران فمنذ جانب طهران يمكنها الادعاء أن خلفاءها لم يخسروا الحرب تماما كما حدث مع حزب الله وحماس في عامي 2006 و2009 أما بالنسبة للولايات المتحدة فإن لها مصلحة مباشرة في تهدئة الأمور باليمن للتفرغ إلي مواجهة طهران ومنعها من حيازة قنبلة نووية. والأمر المؤكد أن الجيش اليمني يري في وقف الحرب فرصة لالتقاط الأنفاس بعد ستة أشهر عصيبة تكبد خلالها خسائر بشرية ومادية هائلة كما أنه خاض الحرب في ظل انقسام الجبهة الداخلية ومخاطر تلويح الجنوب بالانفصال عبر ما يسمي بالحراك الجنوبي. إن الوقف الهش لإطلاق النار في صعدة فرصة حقيقية لكل الأطراف لمراجعة حساباتها ولكن لا يستبعد أن يتجدد القتال في أي وقت وهذا شأن كل الحروب التي تنتهي بدون نصر أو هزيمة.