إحدي الجرائم الكبري للنظام السابق التي سنظل نعاني من آثارها السلبية والخطيرة, ربما لعشرات السنين, هي تغاضي الدولة عن جريمة البناء دون ترخيص, والتي تمخض عنها انهيار عشرات من المباني السكنية. وتصدع مئات وربما آلاف العقارات حتي أصبحت ظاهرة مصرية حصريا دون بلاد العالم التي لم نسمع أن عقارا بأفقر دولها قد انهار علي رءوس ساكنيه. ولعن الله الفساد الممنهج الذي فتح أبوابه علي مصراعيها الرئيس السابق وأسرته والحاشية المحيطة بها, حتي استشري في أوصال المجتمع بكل مؤسساته وفئاته الاجتماعية, وبات وحشا ضاريا ينهش في جسد المجتمع والبنية الأخلاقية والفكرية له, إن الأرقام الفلكية للعقارات المخالفة علي مستوي الجمهورية التي وردت في رسالة اللواء صالح خميس حسن, توضح أن الفساد في مصر وصل الي حد بات يهدد أرواح الناس وأمن المجتمع!! والمدهش في الأمر أننا لم نقرأ ولم نسمع عن توقيع عقوبات رادعة علي أصحاب تلك العقارات والمقاولين وكبار المسئولين في الأحياء الذين ترتكب مخالفات البناء وتعلية أدوار إضافية دون ترخيص أمام أعينهم وبعلمهم, وحيث إنه من المعلوم أن ارتكاب الجرائم عندما يمر دون عقوبات أو توقيع عقوبات مخففة يؤدي الي احساس عام لدي موظفي وقيادات الدولة بسهولة ارتكاب الجريمة دون خوف من عقاب ملموس, وينتج عنه بالمنطق نوع من اغراء النفس البشرية بتقبل المال الحرام مادامت النجاة من العقوبات المشددة واردة باحتمال كبير. ولذلك, فإن الحل الأوحد والحتمي والعاجل لوقف هذا المسلسل الكارثي, هو إصدار تشريع جديد, وفي أسرع وقت ممكن بسن عقوبات رادعة علي موظفي وقيادات المحليات تصل الي السجن المؤبد أو الإعدام, فحياة المسئولين الفاسدين ليست أغلي من حياة المواطنين الأبرياء الذين تزهق أرواحهم بسبب جشع وفساد أولئك الموظفين, مع ضرورة الإعلان عن تنفيذ هذه العقوبات المشددة في جميع وسائل الإعلام لتمثل ردعا وإنذارا لكل من تسول له نفسه سلوك طريق الشيطان. فإذا ما أقر تشريع جديد بعقوبات رادعة وجب تنفيذه بأثر رجعي علي كل الموظفين والمهندسين في الأحياء الذين يتحملون مسئولية العمارات التي انهارت علي سكانها الأبرياء, وكذلك المسئولون عن إقامة المباني والأدوار المخالفة حيث لم تعد ظروف مصر المنفلتة والمضطربة تتحمل الهوادة واللين أو التسامح مع المجرمين الذين أوصلوا بلدنا لهذه الأوضاع الخطيرة, ولا يستطيع المرء أن يستوعب تقاعس الجهات المسئولة في الدولة عن تنفيذ قرارات إزالة الأبنية والأدوار المخالفة دون توقيع عقوبات علي المسئولين في تلك الجهات حتي بات هذا التقاعس المذهل أمرا عاديا وسط كم الفساد الرهيب الذي يمسك بخناق هذا البلد التعيس!! إن أم المشاكل والأزمات المزمنة في مصر كانت تكمن في غياب الإرادة السياسية للاصلاح والغيرة علي أوضاع البلد المتردية لوضع حلول جذرية وقاطعة وسريعة لمشكلاتنا وأزماتنا المزمنة, أما وقد تغير الوضع وأصبح لمصر رئيس شرعي ينبغي ألا يشغله شاغل عن قضاياها ومشكلاتها فيتحتم عليه مواجهة هذه المشكلة الخطيرة وغيرها من المشكلات والأزمات, بتشريعات وإجراءات قوية ورادعة, فالحرج من مواجهة مظاهر الانفلات القانوني والشعبي بحزم وشدة خشية غضب بعض المواطنين والفئات لن يجدي فتيلا في عبور مصر لأوضاعنا المضطربة والمتأزمة, الشعب يطالب بيد من حديد بمواجهة الاجتراء علي القانون وتعطيل دولاب العمل والانتاج, وكما قال ذو النورين الخليفة الراشد عثمان بن عفان: إن الله يزع بالسلطان ما لا يزع بالقرآن. محمد سعيد عز