شاءت الظروف أن أكون وسط مجموعة من أهل سيناء وبسطاء المستثمرين فيها، وتابعنا بتركيز حديث افتتاح الرئيس عددا من المشروعات القومية العملاقة فى محافظة الاسماعيلية، واشتركنا كلنا فى معاناة العبور اليومى عبر «معدية ستة» عبر قناتى السويس مما وتكبدنا مشقة العبور بين القناتين الذى يستغرق وقتا أطول من عبور الجيش المصرى فى حرب التحرير عام 1973، مما دفع معظمنا للتفكير فى التخلص من الأرض والتخلى عن حلم تعمير سيناء خاصة بعد أن نشف الدم فى عروقهم فى الجرى خلف «لجنة محلب» لتقنين أوضاعهم التى أحالتهم إلى إدارة استثمار أراضى الدولة بالإسماعيلية، وبعد أن وصلنا اليها بالخرائط والإحداثيات و«السى دى» أعطانا المهندس نص شكوى لإرسالها الى لجنة محلب مرة أخرى! لهذا حملت كلمات الرئيس عن معجزة الأنفاق التى ستربط سيناء والوادى رسائل طمأنة للشعب المصرى حين طالبه ب «ألا يقلق من أى تهديد خارجي»،.كما حمل حديث الرئيس رسائل بين السطور أعطتنى الفرصة للاجتهاد فى تفسيرها لعلها تساعد القارئ فى فك ألغازها ومراميها! فمما قال الرئيس: (خلال الأيام الماضية حدثت تطورات كثيرة وحسيت أن الناس قلقت..أنا بطمنكم..لا يمكن أن يكون لديكم قلق يا مصريين، نحن نسير بفضل الله بخطى جيدة جدا، وسنكون مخلصين وصادقين معكم، اتفقت معكم سنقدم ما تم تنفيذه وما سيستكمل حتى 30 يونيو المقبل وما بعدها).. فلعل الرئيس يقصد «بالتطورات الكثيرة» العمليات الارهابية التى تتصاعد كلما تصاعدت إرادة المصريين فى التنمية والتعمير خاصة فى سيناء، فبعد أيام من الهجوم الغاشم على مسجد الروضة، تم الهجوم على طائرة وزير الدفاع التى كانت تحمل الفريق صبحى واللواء مجدى عبد الغفار وزير الداخلية، مما أصاب الناس بالقلق من نوعية العمليات الإرهابية، رغم توجيهات الرئيس لرئيس الأركان الجديد بالقضاء الحاسم على أوكار الإرهاب خلال ثلاثة أشهر، وهو ما يعكس الإصرار على تنفيذ المهمة التنموية، إلى جانب المهمة الأمنية فى سيناء مهما تكن التحديات! وتابع الرئيس: (إن حجم العمل، الذى قام به شعب مصر وليس أنا ولا الحكومة، يعد شيئا عظيما ومشرفا، سواء فى العمل الذى تم أو ما سيتم.. اليوم كنا نحتفل بافتتاح ثلاثة أنفاق من أصل أربعة كان سيتم افتتاحها جميعا فى 30 يونيو 2018 رغم أن هذا العمل كان مخططا الانتهاء منه خلال 12 سنة). وهو ما يعنى أن الكرة فى ملعب الشعب صاحب الإنجاز للحفاظ على ما أنجزه، سواء فى سحارة سرابيوم التى ستنقل المياه إلى سيناء، أو فى معجزة الأنفاق الأربعة فى وقت قياسى، بخبرات أجنبية، وأظن أن هذا يعد بعدا جديدا من أبعاد محاولات تعطيل التنمية فى سيناء وهو أن المصريين هم من يتولون العمل فى الأنفاق الاستراتيجية التى يعد الاقتراب منها سرا عسكريا وأمنا قوميا محضا! وقال الرئيس: «إن سيناء «أرضنا».. وأنا بقول للناس القلقانة إن القوات المسلحة ستتعامل مع الإرهاب بكل العنف.. وبفضل الله سنضع حدا للإرهاب الموجود فيها»، مضيفا: «سنضحى بأرواحنا جميعا من أجل «أرضنا» وهذا ليس كلاما، ونطمئن المصريين بألا يخافوا من أى تهديد، وأنا لا أحب أن أتحدث كثيرا فى هذا الأمر، ويجب أن يتحد جميع المصريين لأن الاتحاد سيجعلنا نتحدى الدنيا بأكملها» ، وهى رسالة فى اتجاهين: الأول، لمواجهة تهديدات الرئيس الأمريكى وأركان إدارته الذين سكتنا له فدخل بحماره وفيله ودهس القرارات الدولية وحق الشعب الفلسطينى، وهدد بقطع المساعدات عن الدول التى تتخذ موقفا مخالفا لقراره بنقل السفارة للقدس، أما الاتجاه الثانى يكمن فى تكرار الرئيس كلمة «سيناء أرضنا» أربع مرات فى جملة واحدة هو طمأنة المصريين من عدالة قضيتنا، ومواقفنا من عروبة القدس لا يعنى التفريط فى حبة رمل من «أرض» سيناء، وربما أيضا للرد على ما أثير عن العلاقة بين شراسة العمليات الإرهابية وإخلاء المناطق و«صفقة» تبادل الأراضى التى أكد وجودها الرئيس الأسبق مبارك، وجملة الرئيس السيسى حين أضاف: نحن لسنا أشرارا ولا متآمرين ولا نطمع فى خير ولا فى «أراض» أحد، وكشف الرئيس أنه كلف وزارة الإسكان والهيئة الهندسية للقوات المسلحة بإنشاء مشروع قومى عبارة عن تخطيط عمرانى متكامل فى بير العبد سيتم تنفيذه من 2 إلى 3 سنوات، يتكلف مائة مليار جنيه، ثم عودته مرة أخرى للتأكيد أن المعركة عسكرية بالمقام الأول، وليس تعمير وتنمية فقط. ووجه الرئيس حديثه للشعب المصرى قائلا: يجب أن يكون لديكم ثقة فى أنفسكم، لأن جميع المشروعات التى تم إنجازها بأيادى شباب ومهندسين وفنيين وعمال مصريين، لن نتعاقد مع شركات أجنبية مادامت تتوافر لدينا القدرة على تنفيذها بأيد مصرية.وأى آنجاز سببه «وحدة المصريين» مسيحيين ومسلمين فقانون تقدم الشعوب وانطلاقها عكس قانون السقوط بالجاذبية لأنه «كل ما نتحمل أكثر كل ما نطلع قدام أكثر». لمزيد من مقالات أنور عبد اللطيف