◙ النائبة شيرين فراج: استيراد المخلفات ب 384 مليون دولار فى 6 أشهر ◙ رئيس شعبة تدويرها : الحل سرعة إصدارقانون لتنظيم التداول ◙ وزارة البيئة: هيئة التنمية الصناعية المسئولة.. وسمحنا باستيراد بعض الأنواع «الآمنة»
384 مليون دولار هى قيمة ما استوردته مصر خلال النصف الأول من العام الجارى تحت بند» نفايات ومخلفات»!! نعم.. المصانع المصرية تستورد مخلفات.. فى الوقت الذى نعانى فيه بيئيا وصحيا من تراكم أكوام القمامة فى كل الشوارع! رغم أن تلك المصانع أنشئت بالأساس للتخلص الآمن من قمامتنا.. مفارقة غريبة كشفت عنها النائبة شيرين فراج فى بيان عاجل تقدمت به لرئيس مجلس الوزراء ووزيرى البيئة والتنمية المحلية منذ أسابيع، لكنها لم تكن «مفاجأة» لوزير البيئة، إذ علق قائلا: «طول عمرنا بنستورد المخلفات الصناعية أو الورق»، وتابع مفسرا بأنه لا يوجد فى السوق من المخلفات الورقية والبلاستيك ما يكفى حاجتنا الصناعية، بسبب «النبيشة» الذين يفرزون القمامة ويبيعون ما يفرزونه بأسعار مرتفعة ، بالإضافة الى تراجع السياحة وقلة استهلاك العبوات البلاستيكية. د. شيرين فراج شددت فى حديثها معنا على أن ما يحدث «كارثة» فى وقت تعانى فيه البلاد من نقص العملة الصعبة من جهة، وتراكم القمامة فى الشوارع من جهة أخرى، وأوضحت انها استقت المعلومات والأرقام التى أعلنتها فى مجلس النواب، من خلال قاعدة بيانات الجهاز المركزى للتعبئة والاحصاء، حيث اطلعت على كل ما يندرج تحت بند «نفايات» ضمن باب « الاستيراد» خلال النصف الأول من العام الجاري، كان أبرزها نفايات البلاستيك والورق والكرتون والزجاج وزيوت الطعام. فراج رأت أن لجوء مصانع إعادة التدوير للاستيراد. وتشرح الامر قائلة: «خلط القمامة بأنواعها من عضوية ومواد صلبة وورق ، يقلل من قيمتها وجودتها بعد الفصل، وبالتالى يمثل شراؤها «خسارة» للمصانع، بينما ما تستورده يكون عالى الجودة وبحالة جيدة، وبالتالى تستهلك كميات أقل مقارنة بما ستستهلكه من المخلفات المحلية لتتمكن من تصنيع نفس المنتج النهائى». وتابعت فراج: «حتى لو تم إنشاء الشركة القابضة، دون تطبيق تجربة الفصل من المنبع، ستستمر المشكلة». حاولنا التواصل مع أحد المصانع المعروفة فى مجال إعادة تدوير مخلفات البلاستيك المعروفة ب ال PET ، وهى تتمثل فى عبوات المياه المعدنية والمشروبات الغازية وزيوت الطعام وغيرها من العبوات البلاستيكية،إلا أنهم رفضوا الادلاء بأى حديث، لشرح الاسباب التى تدفعهم للاستيراد من الخارج، ويبدو أنهم قد رأوا أن الإعلان عنها قد يهدد مصالحهم بشكل أو بآخر! «أنا مش فاهم إزاى بنستورد مخلفات؟!» .. هكذا أبدى د.شريف الجبلي- رئيس غرفة الصناعات الكيماوية باتحاد الصناعات ورئيس شعبة تدوير المخلفات بالغرفة- اندهاشه الشديد من المعلومة التى طرحناها عليه، وقال: إذا صح ذلك، فهذا أكبر دافع لسرعة إصدار تشريع ينظم تداول المخلفات، ، فلا يمكن أن تترك صناعة مهمة بهذا الحجم لهذه العشوائية فى التعامل، فلا توجد أى بيانات دقيقة توضح عدد المصانع التى تعمل فى المجال، ولا حجم استهلاكها أو حاجتها للمخلفات، ولا يمكن أن نترك استغلال المخلفات والتعامل معها فى يد عدد من الافراد يتحكمون فيها، ولا أحد يستطيع مواجهتهم . يتابع الجبلي: «نحن الآن بصدد إعداد مشروع قانون إدارة المخلفات بالتعاون مع وزارة البيئة ونستلهم تجارب دول ناجحة مثل ماليزيا على سبيل المثال، ونوفقها مع ظروفنا المحلية، كما نحاول أن نجمع كل البيانات المتعلقة بحجم هذه الصناعة فى مصر». «رقم مبالغ فيه» .. هكذا علق د. خالد أبو المكارم- رئيس شعبة البلاستيك فى غرفة الصناعات الكيماوية باتحاد الصناعات- على ما أعلنته النائبة، مشيرا الى أن وزير التجارة والصناعة قد أصدر قرارا فى أبريل الماضى بالسماح باستيراد خردة ونفايات لدائنية «بلاستيكية»، لحل مشكلة توافر الخامات لقطاع الصناعات البلاستيكية ، بعد أن عجزت المصانع عن الالتزام بعقودها التصديرية وتكبدت خسائر جعلتها تتوقف عن الانتاج. أبو المكارم شدد على أن مخلفات البلاستيك المستوردة تخضع لاشتراطات محددة وصارمة، وضعتها وزارتا البيئة والتجارة والصناعة، لكنه أكد أنه رغم فتح باب الاستيراد ، فإن أقل من 10 % مما تستهلكه مصانع إعادة التدوير يستورد من الخارج، بينما النسبة الباقية كلها من السوق المحلية، وعندما سألناه كيف لا تغطى السوق المحلية احتياجات تلك المصانع، وحاججناه بأن المشكلة تكمن فى عدم الاستفادة من القمامة المتراكمة فى الشوارع أجاب: «أكثر من 90% من مخلفات البلاستيك فى مصر وتحديدا ال PET وهى عبوات المياه المعدنية والمشروبات الغازية وزيوت الطعام ، يتم إعادة تدويرها، والحقيقة أنها لا تغطى طاقة مصانع إعادة التدوير ، فهى تحتاج فى اليوم الواحد ما يبلغ 680 طنا من مخلفات ال PET ، بعد أن زاد عدد تلك المصانع فى السنوات الست الأخيرة ، وهى تستعمل تلك المادة فى إنتاج الالياف الصناعية المستخدمة فى المنسوجات، ولذلك هناك بعض المصانع التى ترغب فى عمل توسعات لكنها تخشى عدم توافر الحجم اللازم من المخلفات، وهناك مصانع لا تنتج بكامل طاقتها بسبب نقص مخلفات الPET ، ولذلك طالبنا بفتح باب الاستيراد». كان ينبغى أن نستمع لصوت من الجانب المتهم بفرز القمامة ، وتصديرها للصين، وبالتالى دفع المصانع المحلية للاستيراد . رزق يوسف- أحد التجار الذين يبيعون مخلفات الPET ، لمصانع إعادة التدوير التى تنتج خامة نهائية ، وعددها خمسة تقريبا موزعة بين مدينة 6 اكتوبر والسويس والمحلة ومدينة السادات. رزق أكد أن تلك المصانع تعتمد على المنتج المحلي، ويوجد مصنع قام باستيراد شحنة من الخارج بعد فتح باب الاستيراد منذ أشهر، لكن المشكلة من وجهة نظره؛ أن أصحاب تلك المصانع كانوا يتفقون على تحديد سعر موحد لشراء ال PET من التجار ، تكون قيمته «غير عادلة» لدرجة تدفع التجار لتصديره ، لكن الوضع اختلف الآن بعد رفع رسم الصادر على طن البلاستيك الى خمسة آلاف جنيه ، وكانت هناك نحو 50 شركة صينية فى مصر تقوم بالتصدير للصين لكنها توقفت الآن، ومنها ما غير نشاطه، أو نقل نشاطه إلى دول أخرى، خاصة أن الصين نفسها حظرت استيراد معظم مخلفات البلاستيك، ويتابع رزق: «أنا شخصيا توقفت عن التصدير منذ ست سنوات، وحاليا التجار مضطرون للبيع بالسعر الذى تحدده المصانع، حتى يتخلصوا من الكميات التى فى حوزتهم، ويحصلوا على المال اللازم لاستمرار عملهم». ويضيف: «المشكلة تزداد فى الشتاء حيث تقل نسبة مخلفات عبوات المياه المعدنية والمشروبات فى القمامة، بينما يزداد طلب المصانع عليها لصنع الألحفة والملابس والبطاطين، وأعتقد أنه مادامت الحكومة فتحت باب الاستيراد، فيجب عليها إلغاء أو تقليل رسم الصادر، حتى لا يتحكم طرف فى الآخر، وتصبح تجارة حرة». من جانبها شددت د.ناهد يوسف رئيس جهاز إدارة المخلفات الصلبة التابع لوزارة البيئة أولا على أنهم ليسوا جهة إصدار تراخيص لدخول مخلفات أيا كان نوعها للبلاد، مشيرة الى أن هيئة التنمية الصناعية هى وحدها من تحدد حاجة الصناعة لأى مواد أو مستلزمات، وبالفعل تم السماح بعد موافقتنا- لاستيراد ثلاثة أنواع من البلاستيك لا تشكل خطورة- وهى بولى ايثيلين وبولى بروبلين ، و بولى إيثيلين تريفثالات أو ما يعرف بالPET ، لكن عندما طلبت مصانع الاسمنت على سبيل المثال- استيراد الوقود البديل أو ما يعرف ب «الRDF»، رفض الجهاز طلبها لان هناك صناعة قائمة بالفعل فى مصر لإنتاج الوقود البديل. د. ناهد أوضحت أن جهاز ادارة المخلفات ليس تنفيذيا ، وإنما دوره تنظيمي، ومعنى أساسا برسم السياسات والخطط والمقترحات فيما يتعلق بإدارة المخلفات بكل انواعها، ويشجع الاستثمار فيها واستغلالها.