لم يكد يمر عام واحد على تولى سعد الحريرى رئاسة الحكومة فى لبنان، حيث تم تكليفه بتشكيلها فى نوفمبر 2016، إلا وأعلن الرجل استقالته أمس من منصبه، لتفتح الاستقالة أبوابا من التأويلات والاستنتاجات تشى بأن لبنان الشقيق دخل مرحلة الخطر. خطاب الاستقالة، الذى ألقاه الحريرى فى أثناء وجوده فى الرياض، كان واضحا ولم يأت بكلمات يلفها الغموض أو اللغة الدبلوماسية. قال إن السبب الرئيسى للاستقالة هو حزب الله الذى وصفه بأنه بات دولة داخل الدولة. وقال إن الحزب استطاع فرض أمر واقع فى لبنان بقوة السلاح، وتسبب فى مشكلات كثيرة للبنانيين مع محيطهم العربي. ومادام الحديث دار حول حزب الله فإن إيران هى المعنية بالأساس، وهو الأمر الذى لم يخفه الحريري، حيث أوضح أن طهران ماحلت فى مكان إلا زرعت فيه الفتن والدمار والخراب، ويشهد على هذا تدخلاتها فى الشئون الداخلية للبنان وسوريا والعراق واليمن. وحذر من أن الوضع الآن فى لبنان يشبه ما كان عليه عندما اغتيل والده الراحل رفيق الحريرى فى فبراير عام 2005، بل وزاد سعد الحريرى على ذلك بإعلان يقينه بأن حياته هو شخصيا باتت مستهدفة كما سبق أن استهدفوا والده. والآن بات لبنان على مفترق طرق، وأصبح على الفرقاء السياسيين فيه الوقوف مع أنفسهم وقفة مصارحة ومكاشفة ليسألوا أنفسهم: هل تريدون لبنان المستقر الآمن أم تريدون تسليم بلدكم لإيران ليكون أحد محاورها فى تدمير المنطقة؟ إن الإجابة هى الآن عند أبناء الشعب اللبنانى نفسه، فلا أحد غيرهم سيستطيع الحفاظ على وحدة أراضيه وسلامة أبنائه والمحافظة على أمنه الوطني. كل العرب يتمنون أن تكون استقالة سعد الحريرى جرس إنذار للجميع، وأن يبقى اللبنانيون مسألة الاستقالة هذه فى حدودها السياسية ولا تمتد لتشكل مواقف حادة على الأرض، فلبنان لا يستحق مزيدا من التصعيد، وعلى كل العقلاء الاحتشاد للعمل على المحافظة على هذا البلد العربى الأصيل والجميل. لمزيد من مقالات رأى الاهرام