مشكلة رغيف العيش تناولتها جلسات مجلس الشعب بعد الثورة, لكنها لم تصل إلي حلول, وكما يؤكد أصحاب المخابز أننا في شهر رمضان, ومشكلة رغيف العيش متكررة. وتزداد الطوابير في الشهر الفضيل علي سائر الأشهر, بسبب قلة حصة الدقيق التي نحصل عليها, وازدحام الناس, ومحاولة حصولهم علي كميات كبيرة من الخبز. المناقشات البرلمانية كشفت عن أبعاد خطيرة للمشكلة, منها أن نصيب المواطن من الرغيف صار ثلاثة أرباع الرغيف يوميا, موضحا أن نوعية الدقيق صارت سيئة, وتستخدم في علف المواشي, كما أن عدد المخابز غير كاف, وهناك سوء في توزيعه علي المخابز, واقترح توفير الدعم للرغيف وليس للدقيق, وقال النائب طارق سباق: إن أزمة الخبز يعيشها أهل المدن قبل أهل الريف علي مدي30 عاما. وأكدت المناقشات أن مصر بحاجة إلي10 ملايين ونصف مليون طن من القمح, وتنتج5.5 مليون طن فقط, وهذا يؤدي إلي عجز ينبغي سده, لافتا إلي أنه في الوجه البحري بالذات يتم تخزين القمح في العراء, ويتعرض للفساد والتلف, وبرغم ذلك يؤخذ للمطاحن لطحنه. وحذر البرلمان من سوء نوعية القمح المستورد, خصوصا من أوروبا الشرقية, وأوصي بالتوسع في زراعة القمح, وتشكيل لجنة لاختيار القمح المناسب للأكل, مشيرا إلي أن هناك تقسيما بين المحافظات من حيث مستويات جودة الدقيق, وأنه لا توجد رقابة علي المخابز والمطاحن, والغريب أن مديريات التموين في قنا والأقصر وسوهاج تعتمد في توفير حصص المخابز بها علي السحب من المخزون الاستراتيجي لديها, وهو الأمر الذي دفع الوزارة لتزويدها بكميات إضافية من الدقيق, تجنبا لحدوث أزمة خبز بها. محمد سيد سليمان من بني سويف يؤكد أن هناك بعض المواطنين يأتون من القري المجاورة للمحافظة بغرض التجارة في رغيف العيش, وأكد أنهم لا يستخدمونه في الغذاء الآدمي, لكنهم يقومون بتجفيف هذا الخبز فوق أسطح المنازل لتقديمه علفا للماشية, فيترددون علي المخابز عدة مرات للحصول علي أكبر قدر من هذا الخبز, مما يجعل المواطنين الآخرين لا يحصلون علي حقهم في رغيف العيش. وللتأكد من هذه الظاهرة قام مندوب الأهرام بالمرور علي أماكن توزيع العيش بالجيزة لرصد الظاهرة, فوجدنا أن بعض الناس يأتون في صلاة الفجر لحجز أماكنهم في الطابور, ومعظمهم من القري المجاورة للجيزة, وبعد أن يحدد البائع أن أي مواطن لا يحصل علي خبز سوي ب2 جنيه فقط, وفي بعض المنافذ يحدد المبلغ بجنيه واحد, فرصدنا أن بعض الناس قاموا بالشراء ثم عادوا ووقفوا من جديد في الطابور, وتكرر هذا أمام عدة منافذ للخبز, كما ظهر بمنطق الجيزة بعض الباعة الجائلين يجوبون الشوارع بالأحياء الشعبية علي عربات كارو بميكروفون ويقومون بشراء الخبز ليستخدمونه في تجارة العلف, وبسؤال البائع المتجول أكد أنها تجارة رابحة, تدر عليه مائة جنيه يوميا, وأيضا المخابز الخاصة لا تقوم بخبز كل الدقيق, ولكن يبيعوا جزءا كبيرا منه علي مرأي ومسمع من كل الناس, ورصدنا في منطقة العمرانية أصحاب مخابز خاصة يهربون الدقيق في سياراتهم الخاصة إلي المنزل تمهيدا للبيع, لكن الأزمة المزمنة تحتاج إلي حلول مبتكرة كالتي وضعها مجموعة الشباب, وتتلخص في تسليم كوبونات شهرية للمواطنين حسب عدد كل أسرة, علي أن يتسلمها المواطن علي بطاقة التموين من المكتب التابع له, وبالتالي يعجز صاحب المخبز أن يبيع الدقيق, لأن هذه الكوبونات تثبت الكمية الفعلية التي قام بإنتاجها, علي أن يقدم أصحاب هذه المخابز ما تسلموه من كوبونات, ويتم صرف الدعم لأصحاب المخابز حسب عدد الكوبونات, وهذه الفكرة تلغي متاجرة الفلاحين بالأماكن المجاورة للمدن بالخبز, وتحمي الدقيق من التهريب وبيعه في السوق السوداء, علي أن توفر وزارة التموين العلف المناسب لكل من يثبت أنه يقوم بتربية الماشية أو الطيور, وبأسعار في متناول هؤلاء الناس, لأن معظم المنازل في الجيزة لديها هذه الطيور ويستخدمون الخبز الآدمي في تربيتها, وبهذه الأفكار ربما يجد وزير التموين الطريقة الأفضل لحل أزمة رغيف العيش.