8 قرارات جديدة للحكومة.. تفاصيل    الإسكان: 5% لذوي الهمم أو ذويهم من إجمالي 6575 وحدة سكنية مطروحة للتسليم الفوري    بنك مصر يخفض العائد على الشهادات الدولارية «القمة وإيليت»    محافظ سوهاج يناقش الموقف التنفيذي لملف التصالح على مخالفات البناء وإزالة التعديات على الأراضي الزراعية وأملاك الدولة    سفير عمان بالقاهرة: تطابق في وجهات النظر مع مصر حول القضايا الدولية الشائكة    الزمالك يبحث عن إنجاز جديد في السوبر المصري.. وجوميز يبدأ الاستعداد مبكرًا    القيعي يدافع عن إدارة الأهلي في ملف الصفقات    وكيل شباب الغربية يطلق شارة بدء ماراثون الجري احتفالا بالعيد القومي    الأرصاد تكشف حالة الطقس في مصر غدا الخميس 10 أكتوبر 2024    تفاصيل امتحانات شهر أكتوبر لطلاب النقل بجميع المراحل التعليمية    معرض وفعاليات فنية بالمتحف القومي للحضارة بمناسبة انتصارات أكتوبر    إصابة شخص بسبب سقوط سيارته من أعلى كوبري أكتوبر    «أخرس الجميع».. فالفيردي يبدع في وصف مبابي    فيلم اللعب مع العيال يحافظ على المركز الثالث في منافسات شباك التذاكر    ذكرى ميلاد بليغ حمدي: مشوار بليغ.. أمسية غنائية في مكتبة مصر الجديدة    سلوت يستقر على بديل أليسون بيكر في ليفربول    جريمة غامضة.. تحقيقات موسعة لفك طلاسم العثور على جثة طفلة بالسلام    ضبط 2600 كيلو سكر تموين مدعم قبل بيعه فى السوق السوداء بالبحيرة    الفائز بجائزة نوبل فى الفيزياء يحذر من مخاطر الذكاء الاصطناعى    إيمان العاصى:نور الشريف طلب وضع اسم أحمد عز قبله بمسجون ترانزيت والأخير رفض    منشآت هيئة الرعاية الصحية بأسوان تستقبل وفدًا من منظمة الصحة العالمية    إصلاح وتجديد.. خطة عاجلة لإنشاء خط طرد جديد 1200 مم بمياه أسيوط    مصرع سباك إثر سقوطه من الطابق الخامس أثناء عمله بالشرقية    برلماني: تفتيش حرب الفرقة السادسة رسالة مهمة للداخل والخارج    بعد رحيله عن ليفربول.. يورجن كلوب يُحدد وجهته المقبلة    الأقوى على مر التاريخ.. إعصار ميلتون يصل ولاية فلوريدا الأمريكية    إحالة عدد من العاملين بمدرستين في الفشن ببني سويف للتحقيق    مصر الخير تطلق 22 شاحنة مواد غذائية لأهالي شمال سيناء    رحمة رياض تنضم لفريق لجنة تحكيم برنامج "X Factor"    خبير اقتصادي: قرار حظر تدابير الدولار لاستيراد السلع الترفيهية "حماية للاحتياطيات الأجنبية"    «الصحة» تبحث تقوية نظام الترصد الوبائي باستخدام التحول الرقمي مع الأمم المتحدة    رئيسة قومي الطفولة تبحث مع مفوضية اللاجئين إنشاء فروع جديدة للمجلس    وزارة الصناعة توقع وثيقة تعاون مع منظمة العمل الدولية    "رحلة حامل".. تفاصيل مذكرة تفاهم ضمن مبادرة العناية بصحة الأم والجنين    انطلاق برنامج البناء الثقافى لأئمة سوهاج.. صور    «العدل» يعلن إعادة الهيكلة واستحداث أمانات جديدة لتعزيز الأداء    رئيس المركز الاعلامى لمبادرة ألف قائد: تأهيل شباب مسؤولية ولا غنى عن عودة المجالس المحلية    أخبار الأهلي : صفقة تبادلية بين الأهلي وزد ..تعرف على التفاصيل    جامعة بنها تنظم قافلة طبية متخصصة في أمراض العيون بقرية بطا    فريدة الشوباشي: إسرائيل تكتب نهايتها بأيديها    ممثلة الأمم المتحدة للمرأة في فلسطين: نساء غزة يواجهن فظائع لا يمكن تحملها    النائب هاني العسال: تعديل قانون صندوق مصر السيادي ضرورة لتعزيز الاستثمار    بشرى سارة على صعيد العمل.. حظ برج الثور اليوم الأربعاء 9 أكتوبر 2024    لماذا رفضت منال سلامة دخول ابنتها أميرة أديب مجال الفن؟    تمنى وفاته في الحرم ودفنه بمكة.. وفاة معتمر مصري بعد أداء صلاة العشاء    الرمادي: اعتذرنا للزمالك لعدم بيع بيكهام.. وأخطأنا في رحيل خالد صبحي للمصري    جنود إسرائيليون فى رسالة تحذيرية: إما وقف إطلاق النار أو التوقف عن الخدمة    مسئول أممى: الجيش الإسرائيلى يهاجم لبنان بنفس الأساليب التى يستخدمها فى غزة    جيش كوريا الشمالية يعلن إغلاق الحدود مع كوريا الجنوبية بشكل دائم    المشاط: المنصات الوطنية ضرورية لترجمة الاستراتيجيات إلى مشروعات قابلة للتمويل وجاذبة للاستثمارات و"نُوَفِّي" نموذج عملي    محافظ أسيوط يتفقد مركز بني محمديات المتميز للخدمات الصحية للأم والطفل لبحث تشغيله ودخوله الخدمة    بالأسماء، السماح ل 21 شخصًا بالتنازل عن الجنسية المصرية    الحالة المرورية بشوارع وميادين القاهرة الكبرى.. الأربعاء 9 أكتوبر    أمين الفتوى: الوسطية ليست تفريط.. وسيدنا النبي لم يكره الدنيا    اليوم.. الجنايات تستكمل محاكمة المتهمين بقتل طفل شبرا الخيمة    هدنة غزة.. «رويترز» تكشف عن خطوة مفاجئة من قيادات حزب الله والسبب لبنان    الدعاء وسيلة لتحسين العلاقة بالله وزيادة الإيمان    الدعاء كوسيلة للتخلص من الهموم وجلب الطمأنينة    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



نحو عبور خطوط بارليف الجديدة

قبل أربعة وأربعين عاماً كان استهداف الوطن مشروعاً استعمارياً واضح المعالم، سافراً فى خصومته، محققاً لعداوته احتلالاً يدنس سيناء أرضنا المباركة، محتمياً بأحدث عتاد الحرب وعدتها، ومتستراً خلف سواتر ترابية تحول بين مصر وأرض الطور والرسالات، وتحجب عن الجند المرابطين وعموم المواطنين مشاهد الحق المسلوب، على أمل أن يُنسينا تتابع الحوادث حقاً أكيد التحقق، وثأراً لهزيمة اكتوى بنيرانها الشعب قبل الحكم.
كان (بارليف) خطاً سميك العداوة، ظاهره مثل باطنه معجون بكراهية الإنسانية، ومُشَيَّد على سواعد بغضاء سداسية النجمة، يحلم صُنَّاعُه بأن يستحيل جداراً يعزل كيانهم الغاصب عن كل صاحب حق سلبوه إياه، وربما تَرْجَم صُنّاعُه حلمهم فى مرحلة لاحقة إلى (الجدار العازل).
ظن العدو أن (بارليف) قد صار حصناً، وأن سوء الإدارة فى جولة من جولات المعركة، سيصبح السمت العام الذى يصبغ روح الشعب ليرضخ للهزيمة، تفريطاً فى الحق والأرض، وليتحول (بارليف) فى الوعى الجمعى المصرى من خط إلى سد منيع، يأوى خلف أسواره كل وحوش الأساطير التى لا تُقْهر، ولا مصير لمن ينجح فى اجتيازه إلا أن يحمل توصيف (مفقود).
استهدف العدو أن يعمق الهزيمة فى الروح المصرية، عبر نقل آثارها من خانة فقد الأرض احتلالاً، إلى خانة التسليم للفقد امتثالاً، فقد باتت سيناء فى قبضة المحتل وأدخلها حصنه المنيع الذى هو خط (بارليف)، وكان الرهان أن يمتثل الشعب للاحتلال الذى بات واقعاً، وأن يسرى امتثاله خضوعاً لا يحرك ثأر الجند.واحتاج الشعب لسنوات ست ليصارع فيها أسباب الامتثال للفقد، وليعالج فيها عِلَلاً أنجبت جيشاً انهزم قبل أن يحارب، وليتجاوز خلالها خطاب إعلام التسطيح وسيادة فنون الهلوسة من عينة (السح الدح إمبو والعتبة قزاز والسلم نايلو فى نايلو)، وليزرع ثقافة الثقة فى الوطن القديم والشعب الحارس والجيش القادر، وليدعم ذلك باستخدام طاقات أهل الإبداع الذين يفكرون خارج الصندوق، فيكتشفون أن (بارليف) ليس حصناً، وإنما مجرد خط رسمه التراب، والذى عادة لا يصمد أمام تدفق المياه، هكذا كان السبيل للنصر، عندما قرر المقدم مهندس باقى زكى يوسف أن يدلى بدلوه أثناء اجتماع مع اللواء سعد زغلول عبد الكريم ليعرض فكرته لإزالة الخط (بارليف)، فقال فى ضوء خبرته أثناء بناء السد العالى (كل ما نحتاجه طلمبات تسحب المياه وتضخها على الساتر الترابى وتنزل الرملة بالمياه بوزنها، يعنى المرحلة الأولى من عملية التجريف فقط التى كنا نقوم بها فى السد العالي، ببساطة نستغل قوة اندفاع المياه اللى نضخها علشان تحرك وتشيل الرملة الى قاع النيل عندما يتم توجيه مضخات المياه على الساتر الترابى المياه تتحرك الرملة وتنزل بكل ثقلها فى قاع قناة السويس)، كانت الفكرة على بساطتها مدهشة للجميع فران الصمت على الحضور حتى قال (باقي) متسائلاً (هو أنا خرفت ولا إيه؟).
عبر الجيش المصرى خط (بارليف)، وأثبت للعالم أنه مجرد خط، من الصعب أن يمحو حقاً مصرياً تتابعت على رسمه فى صفحات التاريخ الإنسانى أيادى المصرى الذى يتجاوز عمره سبعة آلاف عام، وعادت سيناء خالصة لمصر بغير خطوط تفصل أو حصون تأسر. نما خط بارليف قديماً فى غفلة من الشعب، حين فقد القدرة على تحصين وعيه، وتنوير أفكاره، وحين سرت جرعات التخدير الإعلامى فى عقول الناس، وحين تعطلت الطاقات عن عمد، إنها الحالة التى عبر عنها فنان الكاريكاتير الراحل أحمد طوغان فى رسالة سطرها عقب الهزيمة، وتوجه بها إلى الرئيس جمال عبدالناصر، ولخص فى نهايتها المطلوب لتجاوز الهزيمة قائلاً (أدرك أنكم رب الكيان وبقيادتكم وبالتفاف الناس حولكم سوف نسترد الأرض ونحصل على النصر, وكل ما علينا هو الالتزام بالجدية وتقدير الخطر وإشراك الناس فى الأمر).
أربعة وأربعون عاماً، فصلت واقعنا عن خط التقسيم (بارليف)، وخلالها أعادت الآلة الاستعمارية العالمية إنتاج أدوات التفتيت، ليتطور شكل الاحتلال، مولداً أطواراً جديدة من خطوط (بارليف)، التى تستهدف إيهام المواطن بأن التسليم بالتبعية للهيمنة الخارجية قدره، والامتثال لمشاريع الفوضى الخلاقة فرض عين، ثم عليه أن يُصدق أسطورة تنظيم (داعش)، ذلك المتوحش الجبار الذى لم تستطع كل قوى العالم أن تهزمه على مدى خمس سنوات!
إن المصرى الذى محا خط (بارليف)، اكتشف أعداؤه أن مواجهته بخطوط مباشرة عالية الكلفة، وغير مضمونة النتائج، فقرروا منذ دخولنا عصر الانفتاح ثم عصر الربيع العربي، أن يعيدوا إنتاج خطوط بارليف فى العمق المصري، خطوط تحول بين أدوار المجتمع المختلفة وحقيقة رسالتها، خطوط تستهدف الفرد مباشرة، تحاصر القدرات فلا تُفَعّل، وتشيع الإحباط فلا يُقاوَم، وتعمم الهزيمة فيستسلم الجميع لها، وتعمق الفجوات بين الإدارة وصاحب السيادة، إنها خطوط بارليف الجديدة التى أنتجتها مشاريع (الشرق الأوسط الجديد والفوضى الخلاقة والعالم الجديد)، وهى الخطوط التى تستوجب من الجميع لعب دور المهندس البطل (باقى زكى يوسف)، حتى نتمكن من العبور بإنسانيتنا و أوطاننا إلى الضفة الأخرى من عالم يستهدف المحتلون إعادة ترسيمه وفقاً لمصالحهم.
لمزيد من مقالات عبد الجليل الشرنوبى;


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.