ظننت وكان ظني كله إثما قبيحا أن ترزية القوانين والقرارات الرئاسية المحملة بالحيل والألاعيب قد اختفوا من حياتنا إلي غير رجعة بإزاحة حسني مبارك عن السلطة وحل الحزب الوطني. لكن الواقع الجديد أثبت أن هؤلاء الشماشرجية مثل الحرباء قادرون علي التلون والتأقلم مع كل بيئة وأي رئيس مهما كانت خلفيته ومرجعيته.. وهؤلاء تسببوا في أزمة هائلة للرئيس الجديد في أقل من عشرة أيام, لأنهم لم يدركوا الفارق العام بين مصر قبل25 يناير وبعدها, فورطوه في قرار جمهوري يستحيل تنفيذه, ليس هذا فحسب, بل إن بعضا منهم خرج علينا في الفضائيات وصفحات الرأي في الصحف العامة والخاصة بأقوال ما أنزل الله بها من سلطان, وهي نفس الغاغة التي كان يصنعها ترزية قوانين مبارك والحزب الوطني, كلما تفتق ذهنهم عن مصيبة يخالفون بها القانون أو يلفون من حوله أو يتحايلون عليه.. ومازال البعض منهم يقاوح حتي هذه اللحظة ويدفع بالسلطات في الدولة المصرية المنهكة نصف المفككة إلي مزيد من التصادم والصدام والانقسام, ويفتونا بأن البرلمان مازال قائما ولم يمت بعد, أو من حق الرئيس أن يفعل كذا وكذا أو... هؤلاء لا يعنيهم سوي مصالحهم الضيقة أو مصالح حزبهم أو جماعتهم, أما استقرار الوطن أو أن يأخذ هدنة يعالج فيها بعضا من أحواله المعوجة وما أكثرها فلا تعنيهم, وأغلبهم يقدم فروض الطاعة للسلطان الجديد, ويحاول تسويق بضاعته الفاسدة, بطريقة وضع الفيل في المنديل وتعبئة الشمس في زجاجات.. المدهش أن كل أرائهم التي يصرخون بها في وجوهنا ويستميون في الدفاع عنها فضائيا تندرج تحت اللعب السياسي العاري جدا بينما المسألة في أغلبها قانون في قانون, فتبدو الخلطة غريبة مربكة. مصر تحلم أن ترتاح من هؤلاء الترزية, ويا ليتهم يحبسون أنفسهم في شهر رمضان رحمة بالمصريين..وكلما وسوس لهم شيطان الترزية بالنزول إلي الميدان لتفصيل قانون أو قرار من تلك العينة الخبيثة أن يبتهلوا إلي السماء قائلين اللهم نحن صائمون تسعة وتسعين مرة, حتي ينصرف عنهم الشيطان.. اللهم أحمنا من ترزية القوانين والقرارات أما أعداؤنا فنحن كفيلون بهم! المزيد من أعمدة نبيل عمر