بلغت شفقة النبى صلى الله عليه وسلم، ورحمته بالناس أنه كان يخفف من صلاته عندما يسمع بكاء الأطفال؛ رأفةً بهم وبأمهاتهم، قال صلى الله عليه وسلم: «إنى لأدخل فى الصلاة وأنا أريد إطالتها، فأسمع بكاء الصبى فأتجوز فى صلاتي، مما أعلم من وَجْدِ أمِّه من بكائه» (رواه البخاري) وحذَّر النبى صلى الله عليه وسلم، من القسوة والجفاء والغلظة فى التعامل، وأخبر بأنَّه من يفعل ذلك يعاقب بدخول النار، روى عن أبى مسعود الأنصارى قال: كنت أضرب غلامًا لى فسمعت من خلفى صوتًا: «اعلم أبا مسعود، لَلهُ أقدر عليك منك عليه»، فالتفتُّ فإذا هو رسول الله ?، فقلت: يا رسول الله هو حُرٌّ لوجه الله، فقال: «أما لو لم تفعل للفحتك النار». وروى أن الأقرع بن حابس، انه أبصر النبى صلى الله عليه وسلم، يقبِّل الحسن فقال: إن لى عشرة من الولد ما قبَّلت واحدًا منهم، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «إنه من لا يَرحم لا يُرحم». قال العلماء: هذا عامٌّ يتناول رحمة الأطفال وغيرهم؛ أى من لا يرحم غيره بأى نوع من الإحسان والرفق لا يحصل له الثواب، كما قال الله تعالي: «هَلْ جَزَاءُ الْإِحْسَانِ إِلَّا الْإِحْسَانُ» [الرحمن: 60]. وروى عن عبد الله بن شداد عن أبيه، أنه قال: خرج علينا رسول الله، صلى الله عليه وسلم، فى إحدى صلاتَى العشاء وهو حامل حسنًا أو حسينًا فتقدَّم رسول الله، فوضعه ثم كبَّر للصلاة فصلَّي، فسجد بين ظهرانَى صلاته سجدة أطالها، فلما قضى رسول الله الصلاةَ، قال الناس: يا رسول الله، إنك سجدت بين ظهرانَى صلاتك سجدة أطلتها حتى ظننا أنه قد حدث أمر أو أنه يوحى إليك، قال: «كل ذلك لم يكن، ولكنَّ ابنى ارتحلنى - أى جعلنى كالراحلة فركب على ظهرى - فكرهت أن أعجله حتى يقضى حاجته». (رواه النسائي) دار الإفتاء