«العمل» تعلن 4774 فُرصة عمل تطبق الحد الأدنى للأجور في 15 محافظة    لماذا توقفت أسعار الذهب العالمي عن الارتفاع هذا الأسبوع؟    «المشاط»: 2.25 مليار دولار تمويلات مُيسرة لقطاع الطاقة المتجددة عبر منصة «نُوَفِّي»    «القاهرة الإخبارية»: غارات إسرائيلية عنيفة على عدة بلدات بجنوب لبنان    "المرصد العربي" يناقش إطلاق مؤتمرًا سنويًا وجائزة عربية في مجال حقوق الإنسان    جالانت: حزب الله يتلقى ضربات قاسية جدا.. ولدينا مزيد من المفاجآت    لاعب الزمالك الجديد: مصر بلد جميل.. وزيزو أفضل لاعب في إفريقيا    تحرير محاضر ضد تجار للتصرف في السلع التموينية بالشرقية    احتفالية فنية بمناسبة انتصارات أكتوبر تشمل عرض فيلم المحارب أحمد بدوي    قناة السويس تكشف حقيقة بيع مبنى القبة التاريخي    غدًا.. حفل ختام مهرجان الإسكندرية السينمائي في دورته ال 40    "يقترب من مليون".. تعرف على إيرادات فيلم "عاشق" أمس    الصحة العالمية تعطي الضوء الأخضر لأول اختبار لتشخيص فيروس جدري القرود    لغز الجثة الطائرة في الإسماعيلية.. روان صلت العشاء وسقطت من الطابق التاسع    مستقبل صناعة التعهيد في مصر    الصور الأولى من خطوبة مصطفى شوبير حارس النادي الأهلي    الموعد والقناة الناقلة والمعلق.. كل ما تريد معرفته عن قمة الأهلي والزمالك في دوري السيدات    الأهلي والزمالك.. كلاسيكو نسائي بنكهة فلسطينية    مهرجان الإسماعيلية الدولي للفنون الشعبية.. استعراضات فلكلورية مبهجة تزين عروس القناة في الدورة 24    مهمة مستحيلة.. أحد أبطال حرب أكتوبر يكشف تفاصيل معركة "وادي سدر"    نائب وزير الصحة: الدولة مهتمة بتعظيم الخدمات الصحية المقدمة للمواطنين    روسيا تعلن نشوب حرائق في مستودعات وقود بعد هجوم أوكراني مزعوم بمسيرات    انطلاق القافلة الدعوية المشتركة بين الأزهر والأوقاف والإفتاء بشمال سيناء    سليمان: زيزو أيقونة زملكاوية.. وبنتايك مثقف جدا    خبير: بعض اتهامات القرصنة بين أمريكا والصين غرضها «الدفاع»    بالصور- ضبط 4.5 طن لحوم ودواجن فاسدة بالمنوفية    ضبط تشكيل عصابي تخصص في سرقة أصحاب السيارات بالجيزة    التعليم: توزيع 138 ألف جهاز تابلت على طلاب سيناء ومدن القناة خلال 5 سنوات    الإسكان: إزالة مخالفات بناء وظواهر عشوائية بمدن جديدة - صور    تراجع أسعار الحديد اليوم الجمعة 4-10-2024 بالأسواق.. كم يسجل الطن الآن؟    بالأرقام.. نتائج فحص حالات لسيارات ذوي الهمم خلال السنوات الثلاث الماضية    كاتب صحفي: الاستثمارات الإماراتية في مصر تؤكد الثقة المتبادلة بين الدولتين    عادل حمودة: أحمد زكي كان يندمج في التمثيل إلى درجة المرض النفسي    أذكار يوم الجمعة.. كلمات مستحبة احرص على ترديدها في هذا اليوم    واعظ بالأزهر: «الوسطية» منهج رباني لإصلاح أحوال الناس    مياه سوهاج تكرم أبناء العاملين المتفوقين دراسيًا    السيطرة على حريق بخط غاز زاوية الناعورة بالمنوفية    حملة للتبرع بالدم في مديرية أمن البحر الأحمر لإنقاذ حياة المرضى    ضمن «حياة كريمة».. فحص 1703 مواطنين في قافلة طبية ببني سويف    فحص 1703 مواطنين في قافلة طبية ببني سويف    في يوم الابتسامة العالمي.. 5 أبراج تحظى بابتسامة عريضة ومتفائلة للحياة    جيش الاحتلال يصدر أوامر إخلاء عاجلة لسكان 20 قرية في جنوب لبنان    «وَمَا النَّصْرُ إِلَّا مِنْ عِندِ اللَّهِ».. موضوع خطبة الجمعة اليوم    تحقيق عاجل في مصرع وإصابة 7 في انقلاب سيارة ميكروباص بطريق مصر إسكندرية الصحراوي    اللجنة الأولمبية الجزائرية: ما يحدث مع إيمان خليف حملة ممنهجة    بحضور وزير الأوقاف.. نقل شعائر صلاة الجمعة من مسجد السيد البدوي    أسهم ميتا تحلق ب زاكربيرج للمركز الثاني عالميا    هيئة الأرصاد تكشف عن موعد بدء فصل الشتاء 2024 (فيديو)    ارتفاع أسعار البيض اليوم الجمعة في الأسواق (موقع رسمي)    لازم يتجوز.. القندوسي يوجه رسائل إلى كهربا لاعب الأهلي (فيديو)    حقيقة نفاد تذاكر حفلات الدورة 32 من مهرجان الموسيقى العربية.. رئيس الأوبرا ترد؟    دعاء أول فجر في ربيع الثاني.. «اللهم بارك لنا في أعمارنا»    دعاء يوم الجمعة.. تضرعوا إلى الله بالدعاء والصلاة على النبي    حقيقة اغتيال هاشم صفي الدين    نائب مدير الأكاديمية العسكرية: نجحنا في إعداد مقاتل بحري على أعلى مستوى    خروج عربة ترام عن القضبان في الإسكندرية.. وشهود عيان يكشفون مفاجأة (فيديو وصور)    لاتسيو يسحق نيس ويتصدر الدوري الأوروبي    تعرف على نصوص صلاة القديس فرنسيس الأسيزي في ذكراه    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



عيدية
نشر في الأهرام اليومي يوم 23 - 06 - 2017

آخر الليالى العشر المباركات من رمضان هى ليلة العيد. والعيد نبع من الذكريات الطفلة. قمرُ ليلتِه هلال, وصباحه بدور من فضة فئة الخمسة أو العشرة قروش, أو ريال مكتمل؛ بدر تمام هو عشرون قرشاً بالتمام والكمال. وهو حادثة نادراً ما حدثت فى طفولتى أو طفولة مثلى, حيث كانت تمتد أيدينا الصغيرة تتلقى شاكرة العيدية من الجد أو الجدة, أو الخال والعمة, ناهيك عن الأب والأم. كانت العيدية المعتمدة بقوة العرف فى الستينيات تتراوح بين شلن (إن كان القريب بخيلاً) وعشرة قروش إن كان مبسوط اليد معطاءً, أما مانح الريال فهو مبذر متهور. ولا أتذكر فى طفولتى أن تلقيت عيدية كهذى.
وعلى العموم, كانت احتياجات الطفل, ليصرف ويصرف إلى حد العربدة, ويتمتع بكل مباهج العيد فى الشارع تحت البيت, لا تتجاوز الريال فى اليوم كله: فتأجير دراجة (وفى حالتى كانت عجلة بتلاتة) لمدة ساعة كاملة لا يتجاوز ثلاثة قروش, والبمب مهما أسرفت فى شرائه يتكلف قرشين, والبخت مثلهما أو أقل, والبالونة بقرش, فإذا فرقعت منك اشتريت أخرى بقرش آخر, والنحلة, التى تدور وتدور حول نفسها حتى تميل وتسقط منهكة على جانبها فى أسفلت الشارع, ثمنها أيضا قروش قليلة, والبلية الواحدة بتعريفة, أو بقرش إن كان بائعها لصاً, والبونبونى أو الباستيليا الأربعة بقرش.. جنة أطفال بكاملها, على امتداد أيام العيد الثلاثة, تتكلف بالكاد ومع البذخ ريالاً واحداً فى اليوم.. إلا إذا جاء العيد فى الصيف كما الحال الآن وكنت طفلاً مسرفاً, وأهلك متساهلون معك ومدللون إياك إلى حد الإفساد, بحيث قررت ووافق والداك الذهاب إلى سينما الحى الصيفية ثلاث ليال متوالية, وحجزت فى كل مرة تذكرة بلكون فاخرة ثمنها ويا للهول شلن.. خمسة قروش كاملة!
تخيّل معى الصدمة, التى ظللتُ إزاءها أخرس لا أستطيع النطق لعدة دقائق, ومتوولاً مذهولاً لزمن طويل لم أسلم من ذهوله حتى الآن, بعد أن مضت سنوات وعقود طويلة على ذلك الصباح المبارك, صباح عيد فى السبعينيات، وكنت كبرت فصرت مراهقاً, وها أنا أتأمل فى يدى نفحة والدى: ورقة زرقاء جديدة مسنونة, كبيرة ممتدة تملأ راحة اليد- رغم أن اليد صارت هى الأخرى كبيرة, إذا قيست براحة الطفل الذى كنته فى الستينيات- ورقة مالية عظيمة الحجم والقيمة فئة الخمسة جنيهات. نعم, جنيهات خمسة محتشدة فى ورقة واحدة زرقاء منقوشة لها جلال وهيبة. أخذت أتأملها فاقد النطق, نصف غائب عن الوعى. ولا أعلم حتى الآن إن كنت, وسط غيبوبتى تلك, شكرت أبى أم لا على هذه النفحة الاستثنائية, التى لم أتلق مثلها أو حتى ربعها من قبل.. ورغم ذلك هى لا شىء, إذا قيست بأقل ما أعطانيه أبى من حنان واهتمام وعلم ومعرفة و فى كلمة واحدة «أبوة». وبالطبع هى لا شىء إذا قيست بما أنفقه علىّ, خاصة بعد أن جُنّت الأيام مع انتصاف السبعينيات وحتى لاقى وجه ربه. لكنّ تلك النفحة, تلك العيدية العظيمة, تظل محفورة فى وجدان الطفل الذى بالكاد قد بلغ المراهقة, مثالاً على الكرم الذى كانه أبى؛ وليس معى فقط, وليس بالمال فقط, بل كل كلمة كتبها أو قالها كانت حالة عطاء وحنان وكرم فيّاض. ليلة غد هى ليلة العيد. يستيقظ الطفل الذى داخلنا, وتستيقظ معه ذكرياته الحلوة. فنرجو من الله أن يأتى العيد ويمر ونحن فى سلام وأمن, هانئين بما منحه الله لنا من عيدية الفرح, إن شاء وتكرَّم, وأذن أن نصرفها ونحن فى خير وسلام.
لمزيد من مقالات بهاء جاهين


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.