مصر تولد من جديد.. تاريخ يسطره المصريون علي صفحات من نور الثورة المجيدة.. مصر البؤس والفساد والظلم والتخلف شمرت عن ساعديها, ورفعت رأسها تحاول بإصرار النهوض من عثرتها من وسط أوحال وركام الماضي الكئيب, مصر بانتخاب أول رئيس مدني في تاريخها بإرادة شعبية حرة عبرت نهر الأمل في خطوة عملاقة لم يكن أحد في مصر أو خارجها يتخيلها أو يحلم بها فالمصريون أنقذوا ثورتهم ونجحوا بفضل الله في إجهاض مخطط الثورة المضادة. لقد أصبح لمصر رئيس يدرك أنه أجير عند شعبه لاتحيطه هالة مزيفة من القداسة.. ومع تسليم السلطة من المجلس العسكري وفاء بعهده إلي أول رئيس مدني منتخب, وأداء التحية العسكرية من قادته الكرام لشخصه الكريم رفعت مصر رأسها إلي العلا في ثقة وفخر, وهي تخاطب العالم بأسره وهو يري كيف تبني قواعد المجد كما بناها بناة الأهرام في سالف الدهر. وينبغي علي الرئيس محمد مرسي ألا يلتفت اطلاقا للحملات المثارة ضده والرد الوحيد والعملي علي أولئك الحاقدين هو العمل الدءوب والانجاز علي أرض الواقع اللذين يتطلبان التفرغ والتركيز والنظر إلي الامام, وفي الوقت نفسه عليه أن يتقبل النقد البناء الذي يسعي أصحابه الشرفاء إلي انارة الطريق الوعر أمامه, وكشف مواقع الخلل أمام ناظريه, فالدكتور مرسي يواجه تحديا تاريخيا غاية في الصعوبة, والخطورة ليس فقط لصعوبة وتعقد وتراكم مشكلات مصر وأزماتها, ولكن أيضا لأن الشعب بكل أطيافه بات يراقب أداءه وقراراته بأعين مفتوحة وبصائر متحفزة, وأتصور أن فترة مائة يوم لتقييم أداء الرئيس وقدرته علي الوفاء بتعهداته أو معظمها ليست كافية في ظل ظروف مصر المضطربة, والتركة الثقيلة التي ورثها عن العهد البائد والفترة الانتقالية, ولذلك أري أن فترة ستة أشهر فترة مناسبة وواقعية ومنصفة لتقييم مبدئي لأدائه. ان التحدي الأكبر الذي يواجه الرئيس ان يسعي في دأب واصرار إلي الاستقلال في قراراته وسياساته عن جماعة الإخوان المسلمين, وأن يتصدي بكل حزم ووضوح لأي تصريحات أو تصرفات منفلتة أو متطرفة من أي قيادي أو عضو في الجماعة, وأن يعلن تبرأه وتبرأ الاسلام من أي فعل متطرف أو عنف أو ترويع يصدر من شباب متعصب أهوج يعرض أمن الناس للخطر, أو يتعرض لحريتهم الشخصية. يجب أن يضع الرئيس نصب عينيه هدفا وطنيا عظيما لا يحيد عنه, وهو توحيد صف المصريين خلفه ليؤكد ثقة من اختاروه وينال رضا واقتناع واطمئنان من رفضوه في الانتخابات. انها مهمة جلل لن ينجح في الاضطلاع بها إلا اذا أحاط نفسه بفريق كفء ومخلص من المستشارين من كل التيارات السياسية والفكرية والأيديولوجية, فلقد أتت ثورة25 يناير به رئيسا وهي نفسها التي ستوجه إليه سهام النقد إذا حاد عن الطريق المستقيم. محمد سعيد عز