أكد الدكتور حسام الدين فرفور، نائب وزير الأوقاف بسوريا، وأستاذ الفقه المقارن، ضرورة وحدة العالم العربي والإسلامي في مواجهة ظاهرة العنف والإرهاب الأسود، والفكر المتطرف. وقال في حوار مع «الأهرام» إن مصر لها دور تاريخي وكبير وريادي لا ينكره أحد في علاقتها بكل الدول العربية والإسلامية. وطالب جميع المؤسسات الدينية وعلى رأسها الأزهر الشريف بالعمل على تصحيح صورة الإسلام في الخارج وخاصة أن هناك قلة تتعمد تشويه صورة الإسلام. وقال عن الإرهاب الأسود يستهدف المسلمين والمسيحيين دون تفرقة، بسبب الفتاوى المغلوطة والتفسير الخاطئ للآيات القرآنية. وإلى نص الحوار: كيف يمكن التصدى للجماعات الإرهابية التى تهدد أمن واستقرار الدول العربية وتسيء لصورة الإسلام فى الخارج؟ هؤلاء الذين يحاولون تشويه صورة الإسلام، يعلمون جيدا أن الإسلام بريء من العنف، وانه دين السلام والوسطية وينادى بالعيش المشترك فى ظل حقوق المواطنة، وهى ثوابت أساسية فى الدولة المسلمة، وحينما نسمع عن وقائع عنف هنا أو هناك وننسبها للإسلام فهذا الأمر غير منطقي، فهذه صراعات سياسية وأجندات خاصة، ولذا ننبه إلى أن التطرف سيزداد فى الأيام القادمة ويجب على القيادات العربية والإسلامية أن تنتبه لهذا الأمر الخطير الذى يشكل تهديدا كبيرا للأمة بأسرها ويأكل الأخضر واليابس، وعلينا جميعا أن ننحى جانبا خلافاتنا السياسية للقضاء على الإرهاب الأسود مبكرا. وأن ندرك جميعا أن عالمنا العربى والإسلامى فى خطر، ويقع تحت دائرة مخططات ومؤامرات خارجية، ونحن كعلماء دين يجب ان نتصدى لهذه المؤامرات، ونسعى إلى دعم جميع القضايا الإسلامية والعربية، كما يجب تفعيل التوصيات التى تخرج من مؤتمراتنا من أجل نشر الإسلام الوسطي، والسلم، والأمان، والنهوض بالأمة، بالإضافة إلى نشر ثقافة المحبة والإخاء والسلام. وهناك دور كبير أشيد به لمرصد الفتاوى التكفيرية بدار الإفتاء المصرية لما يقوم به من رصد الفتاوى الضالة والرد عليها، وهى تجربة رائدة يجب على الجميع دعمها، وأطالب وسائل الإعلام بإلقاء الضوء على رجال الأزهر المستنيرين المعروفين واستضافتهم فى الفضائيات للرد على المغالطات والفتاوى المغلوطة، والتفسيرات الخاطئة لبعض الآيات الكريمة. على الرغم من جهود المؤسسات الدينية فى مواجهة الفكر التكفيرى إلا إنه ينتشر، وتزايدت أعمال العنف فى هذه الأيام؟ لا تنحصر أعمال العنف والإرهاب فى العالم العربى والإسلامى وحده، ولكنها امتدت إلى كثير من دول العالم ورأينا فى بعض بلدان أوروبا وأمريكا من يحاولون تشويه صورة الإسلام والمسلمين، ويلصقون بهم تهمة الإرهاب، ونقول لهؤلاء أن الإرهاب لا دين له ولا وطن، وأصبحت جريمة وتهمة الإرهاب جاهزة (معلبة) ليحملها أى مسلم فى العالم، وذلك لأسباب عديدة: ظهور الفرق التكفيرية والمتشددة التى تعمل تحت شعار الإسلام، والفتاوى الضالة والتفسيرات الخاطئة للآيات القرآنية، ولذا وجب علينا تعزيز ثقافة الحوار الذى يؤسس لصورة المسلم الوسطى المستنير فى العالم الذى يواجه الفكر بالفكر، وإظهار أن الدين الإسلامى هو دين الرحمة والسلام والمحبة دين يحرم القتل، ويقبل التعايش مع كل الأطياف، ويرفض التطرف ويجمع الناس ولا يفرقهم، ويأمرهم بالتعاون على البر والتقوى. ماذا عن نشأتكم الدينية وتخرجكم من جامعة الأزهر؟ التحقت بجامعة الأزهر فى كلية الشريعة والقانون وتخرجت منها عام 1970م ثم حصلت على ليسانس اللغة العربية من كلية اللغة العربية بالأزهر لأننى سجلت مباشرة فى السنة الرابعة وحصلت على الليسانس عام 1971م ثم حصلت على دبلوم الدراسات العليا وتقدمت لرسالة الماجستير فى قسم اللغة العربية بجامعة دمشق وحصلت على درجة امتياز عام 1992م. ووالدى هو العالم الجليل الشيخ محمد صالح الفرفور الذى ربى أولاده تربية دينية إسلامية سليمة، وعلمهم مكارم الأخلاق والإخلاص فى طلب العلم ونشره بين الناس. وهناك تعاون بين معهد الفتح الإسلامى الذى يتبع جمعية الفتح الإسلامى التى أنشأها والدى - وكان رحمه الله من العلماء الذين تخرجوا من الأزهر الشريف - بهدف إعداد جيل مؤمن يتلقى علوم الشريعة الإسلامية وعلوم العربية، وحاليا اشغل وظيفة نائب المشرف العام على مجمع الفتح الإسلامي، ومدرس فى إدارة الإفتاء العام بوزارة الأوقاف، وأقوم بالخطابة فى جامع بدر، ونائب وزير الأوقاف. ويقوم مجمع الفتح الإسلامى بإعداد الطلبة فكريا وثقافيا ودينيا وتوسيع آفاقهم الفكرية، ويعدهم إعداد جيدا على مستوى تعليمى عال وبعيدا عن التعصب والفكر المتشدد. قبل أيام قليلة من عيد الفطر المبارك، ما الكلمة التى توجهها للمسلمين فى العالم؟ أوصيهم بالصبر على البلاء وإظهار روح التسامح بين الجميع، ولنا فى رسول الله صلى الله عليه وسلم أسوة حسنة فى ذلك، وفى قول الله تعالى: (فَبِمَا رَحْمَةٍ مِنَ اللَّهِ لِنْتَ لَهُمْ وَلَوْ كُنْتَ فَظًّا غَلِيظَ الْقَلْبِ لَانْفَضُّوا مِنْ حَوْلِكَ فَاعْفُ عَنْهُمْ وَاسْتَغْفِرْ لَهُمْ وَشَاوِرْهُمْ فِى الْأَمْرِ فَإِذَا عَزَمْتَ فَتَوَكَّلْ عَلَى اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُتَوَكِّلِينَ)، كما أوصيهم أيضا بقبول الآخر والانفتاح على الحضارة الغربية، وعدم الانغلاق على أنفسنا، والعودة إلى التربية السليمة للنشء فى البيت المسلم، والاهتمام باللغة العربية، وعلى العلماء أن يكونوا حريصين فى المناهج التعليمية والتربوية على الثوابت والمعاصرة لقناعتنا الكاملة أن تعلم اللغة والشرع ينبغى أن يبقى مع الأصول ومع الكتب الأم.