انشغلت الدنيا بالحديث عن الرئيس الجديد في الجمهورية المصرية الثانية, ولكن لم اجد احدا يتحدث عن المواطن الجديد في هذه الجمهورية, المواطن الذي قام بثورته من أجل تأسيس هذه الجمهورية المواطن الذي عاني كثيرا من قهر الدكتاتورية التي علمته الذل والاستكانة, في عالم مفروض عليه, هذا المواطن البائس, كيف سيتحول في الجمهورية الثانية ليصبح شخصا آخر حرا كريما؟ هذا هو السؤال الجوهري, فالمواطن في الجمهورية الأولي دمرته انسانيا الآلة الجهنمية للدولة البوليسية الأمنية المتسلطة بأذرعها المتشعبة وأتباعها في كل مكان.. ولكن ونحن نبدأ الجمهورية الثانية وحتي لانسير علي نهج الجمهورية السابقة, علينا ألا نكتفي باختيار الرئيس وتحديد مدة ولايته بما لايتجاوز فترتين, فيكون هذا هو الانجاز الوحيد في الجمهورية الجديدة, بل علينا ان نتطلع لدولة متقدمة حديثة يصنعها المواطن بعزيمته, ولاننسي أن الثورات قد تصاب بالهزيمة عندما يظل المواطن علي حاله, بعقليته وضعفه ومخاوفه, ولم يتطور ليواكب مرحلة ما بعد الثورة, ففي ثورة رومانيا ضد الديكتاتور شاوشيسكو, درس قوي لنا, فقد سقط الدكتاتور عام1989 ولكن بعدها بسنوات طويلة استمرت المعاناة, لأن المواطن هناك لم يتغير بل ظل في أعماقه علي خنوعه وانتظاره لمن يتخذ له القرار, ظل يتطلع لمن سيوفر له الخبز والوظيفة والشقة, بل ربما تصل لمن يحدد نيابة عنه أسماء أبنائه, لهذا لم تتقدم رومانيا بعد الثورة, فالشعوب تتقدم بمواطنيها وليس فقط بمن يحكمها, فالمواطن الجديد في الجمهورية الثانية يجب أن يتمتع بإرادة نافذة يستمدها من قدرته علي تحريك الأحداث في بلده بعد أن أصبحت له مكانة, المواطن الجديد عليه التخلص من تواكله ويبادر فيكون شخصا متميزا إيجابيا في فكره وعمله وسلوكه, واثقا في نفسه وقدرته علي تحديد مصيره, ولابديل أمامنا عن ذلك, لأنه بدون هذا المواطن الجديد لن تكون لدينا جمهورية جديدة. المزيد من أعمدة د. عبدالغفار رشدى