اسمع الله عز وجل يقول «قل يا أهل الكتب تعالوا إلي كلمة سواء».. أسمعه يدعونا جميعا إلي التوحد خلف إيماننا بألوهيته، مع إحتفاظ كل منا بإختلاف عقائده. هذا الاختلاف الذي دعانا المولي للحفاظ عليه، فيقول «ولو شاء ربك لجعلكم أمة واحدة ولا يزالون مختلفين» ، فالإختلاف مراد الله ، وتمت كلمة ربك ، لا راد لكلمته ، ما علينا جميعا سوي مواصلة السير في الطريق الذي أختاره كل منا ، دون أن ننسي هدفنا من المضى قدما عليه، فكلنا يطلب رضا الله. ومن يريد الله ينبغي أن يخلع علي نفسه من صفاته الحسني ، فإني سمعت الله يقول «كونوا ربانيين »، أي تخلقوا بصفات الله ، فمن منكم يعرف الله إلا رحيما لطيفا رؤوفا جبارا للمنكسرين، عليا عن الصغائر ، كبيرا عن الدنايا ، ملكا لا يرد ملهوفا ، يغيث الناس، يصف عبادا له فيقول فيهم «يحبهم ويحبونه» . عصم دماء جميع خلقه من عصاه ومن عبده ، فقال في محكم آياته «أنه من قتل نفسا بغير نفس أو فسادا في الأرض فكأنما قتل الناس جميعا» ، وحثهم علي إنقاذ خلقه فعظم أجرهم وقال «ومن أحياها فكأنما أحيا الناس جميعا » . فليحسن المرء منا في خلقه، وليكن ربانيا، مراد الله هو محبته ، ولو صدق المحبون لتشبهوا بمن يحبون.