إلى إخوتى الكهنة الأحباء والراهبات الفاضلات،وأبناء الكنيسة الأرمنية الكاثوليكية فى أبرشية الإسكندرية، وإلى المؤمنين بالمسيح أبناء الكنيسة الواحدة الجامعة المقدسة الرسولية، «إنه ليس ههنا، فقد قام كما قال» (متى 6:28). بكلمات الرجاء التى بشّر بها الملاك النِسّوة حاملات الطيب فجر الأحد. كلمات تحمل البشرية من مرارتِها وقلقِها وصعوباتِها ومشاكِلِها إلى تذوّق الفرح الحقيقي... وكل ذلك لا يتمّ إلاّ «بسرّ الألم والقيامة»، الذى يختصر محبّة المسيح وارتباطه واتحاده الكلّى بنا. فى صباح عهدٍ جديد وبقيامة السيّد المسيح الظافرة من بين الأموات، أعاد مصالحتنا مع الله ومع ذواتنا ومع القريب وأصبحنا أبناء «رجاء صالح». إن القيامة، عنوان المسيحية وسِرّها العميق مع القائم من بين الأموات، لأنها حدث التاريخ. هذا التاريخ الذى يسير بنا ومعنا كل الرجاء الجديد... ومعنا من وعدنا بأن يبقى معنا كل الأيام إلى منتهى الدهور. إنه المتجسّد من العذراء مريم، والذى تألم ومات، وقُبِر وقام مِن أجل خلاصنا. إنه «عمانوئيل» الله معنا: «وهأنذا معكم طوال الأيام إلى نهاية العالم» (متى 20:28). إنَّ القيامة وحدها أثبتت أنَّ كل ما كانَ يؤكده المسيح عن ذاته كانت الحقيقة عينها. إننا نؤمن بقيامة الموتى، وهذا ما نجاهر به عندما نتلو قانون الإيمان: «ونترجى قيامة الموتى والحياة فى الدهر الآتي». وقد رسخت هذه العقيدة فى ذهن بولس الرّسول بحيث أنه رآها واقعا راهنا، قبل أن تحصل، فقال: «كُنّا بطبيعتنا أبناء الغضَبِ كسائر الناس، ولكنَّ اللهَ الواسعَ الرّحمةَ، لِحُبّهِ الشديدِ الذى أحَبَّنا به، مع أنَّنا كنا أمواتاً بزلاّتنا، أحْيانا مع المسيح (بالنعمةِ نِلتُمُ الخلاص) وأقامنا معه وأجلسنا معه فى السموات فى المسيحِ يسوع» (أفسس 3:2-6). وإذا كان مصير جماعة المؤمنين، وهم يؤلفون الكنيسة، الخلود السعيد والحياة الأبدية فى الملكوت السماوي، فهذا يعنى أن الكنيسة بجميع أبنائها قد وُلِدت مِن موت السيّد المسيح وقيامتهِ. وإذا كان من يؤلفون هذه الكنيسة مجتمعين فى الله. فالكنيسة إذاً لم تتكوّن بعد قيامة المسيح، ولا جاءت بعده، لأنها وُلِدت مِن موتِ المسيح وخُلِقت فى يوم قيامتهِ. فهى المسيح القائم مِن الموت، والمقيم فى العالم فى جسدهِ الذى هو الكنيسة المقدّسة. لقد قام المسيح فى شكل الكنيسة، على حدِّ قول القدّيس اوغسطينوس: »لقد بذل المسيح دمه لتِلك التى سيحصل عليها فى قيامته. والتى سيحصل عليها تعني، فى وقتٍ واحد، بشرية المسيح الجسدية، والكنيسة هى جسد المسيح». المسيح هو الخلاص الآتى لملاقاة العالم. وهذا هو سبب فرح المؤمن الذى عبّرَ عنه القدّيس يوحنا فم الذهب بقولهِ: «إدخلوا جميعاً فى فرح سيّدكم: الأولون والآخرون. إقبلوا الجزاء: فقراء وأغنياء. رتّلوا فى جوقةٍ واحدة: متقشّفين وبطّالين. عيّدوا هذا اليوم بفرح. الوليمة معدّة. هلمّوا جميعاً، تلذّذوا على مائدة الإيمان. لا يبكين أحد فقره: الملكوت مفتوحٌ للجميع. ولا ينتحبنّ أحد على خطاياه: الغفران صعد من القبر. لا يخافنّ أحد الموت: موت الرّب جعلنا أحراراً».. أين غلبتُكَ وشوكتُكَ أيها الموت؟ المسيح قام وانتصر عليكَ.. المسيح قام والملائكة فى فرح كبير.. المسيح قام وسقط الشياطين.. المسيح قام وجميع الموتى خرجوا مِن القبور.. إنّ شهداء مصر عامةً مسيحيين ومسلمين، وشهداء الكنيسة البطرسية فى القاهرة ، والمرقسية فى الاسكندرية ومار جرجس فى طنطا ، هم قديسون لنا فى السماء . وهم البذور التى تنمو فى الكنيسة والوطن . فى صباح هذا اليوم الأغر، يوم القيامة الذى انتصر فيه السيد المسيح على الخطيئة والكراهية والعداوة والشر، نطلب من الدول والجماعات التى تموّل الإرهاب وقف هذه الأعمال اللإنسانية ، وأن يتحرّك المجتمع الدولى للقضاء على هذه الظواهر الشنيعة، وأن يتحمّل مسئولياته تجاه ما يحدث من انتهاكات لحقوق الإنسان وكرامته وحريته الدينية فى منطقة الشرق الأوسط والعالم. تعازينا القلبية الحارة لفخامة رئيس الجمهورية عبدالفتاح السيسي، وإلى قداسة البابا تواضروس الثاني، وإلى أُسر الشهداء ولكل الشعب المصرى الأبى المخلص . كما نطلب من الله القدير العلى الشفاء العاجل للجرحى والمصابين. المسيح قام.. حَقَاً قام.. أجل، المسيح قام مِن بين الأموات (وهو بكر الراقدين)، ووطيء الموت بالموت، ووهب الحياة للذين فى القبور، له المجد أبد الدهور. نهنئكم بهذا العيد، ونسأل السيّد المسيح، بشفاعة العذراء مريم، أن تكون قيامته عُربوناً لقيامتنا وقيامة أوطاننا والعالم لغدٍ أفضل. أسقف الإسكندرية للأرمن الكاثوليك لمزيد من مقالات المطران كريكور أوغسطينوس كوسا;