رنين أجراس الكنائس تقرع اليوم معلنةً قيامة المسيح من بين الأموات وأصداؤها تتردد فى وطننا وقلوبنا وكنائسنا ورعايانا. إنه العيد الكبير: اعيد الأعياد وزمن الأزمنة وموضوع فرحنا الدائم فى انتصارنا وغلبتنا على الموت والخطيئةب كما يقول القديس غريغوريوس النزينزى فى إحدى عظاته الفصحيّة. زمن القيامة الذى نعيشه سنأخذه شعاراً لنا مدى حياتنا المسيحية ليستمر فينا ويملأنا إيماناً ورجاءً بالفرح الحقيقى، وبالسعادة التى لا تذبل مستفيدين من ثمارها... فلو الم يقم المسيح من بين الأموات فتبشيرنا باطلٌ، وإيمانكم باطل. بل نكون عندئذٍ شهود زورٍ... وإذا لم يكن المسيح قد قام، فإيمانكم باطل ولا تزالون بخطاياكمب (قورنتس الأولى 14:15-17)، كما يعلّمنا القديس بولس الرسول. أما وقد قام، فإننا نأخذ من قيامته زخماً جديداً وانبعاثاً روحياً ينقلنا من موسم الخوف والقنوط واليأس إلى حالة الانتصار والافتخار بمن غلب الموت ودحرج الحجر. فى هذه الأجواء التى تلف أرواحنا تحمل لنا فى أعماقنا دعوةٌ واحدة إلى الفرح الذى لا ينتزعه أحد. وهذا الفرح جاءنا به المسيح القائم من الموت معطياً لنا وللبشارة به قوة دفع جديدة لا تتوقف. من القبر الفارغ بدأ تاريخ جديد: من ظلمة الموت ونور القيامة، بين الصليب ومجد القبر الفارغ تكمن حقيقة الخلاص. مشروع الفداء تحقق بالمسيح يسوع حيث تصالح الإنسان مع الإله الخالق وبدأ تاريخ جديد. تاريخ كُتِبَتْ فصوله بدم المخلّص، الذى أخذ عاهاتنا وآلامنا. كم من مرة احتفلنا بذكرى الفصح المجيد وبقى احتفالنا روتينياً؟ قد يكون صعباً أن نقوم بخطوة إلى الأمام لندخل إلى العمق الفارغ لنعرف معنى الفصح الحقيقي. لماذا لا نحاول أن نتقدّم ولو قليلاً بثباتٍ وإيمان كى ندخل ونعاين قوة المحبّة التى سحقت الموت، وبدّدت الظلام، ووهبت الحياة الحقّة لكل إنسان؟. فى أيامنا هذه بات الحزن منتشراً يعمّ مساحات واسعة من الوجوه والقلوب. وغدا الفرح جوهرة ثمينة نادرة، يصعب الحصول عليها أو حتى رؤيتها. غريب هذا العالم الذى نعيشه على الرغم من التقدّم والتطوّر والتقنيات الحديثة، وانتشار الأنظمة المعلوماتية التى تعمل فى سبيل سعادة الإنسان، كل إنسان... فإننا نجد فى المقابل وطأة الحزن والشقاء والحرمان والقهر والألم... لماذا ازدادت المعاناة والصعوبات والحروب فى عالمنا؟.
لماذا حرمنا من ملاقاه الفرح والطمأنينة؟. لماذا معظم الناس غارقون فى هموم الحاضر ومشاكله، قلقون بشأن المستقبل ويتحسّرون دائماً على ماض لن يعود. تعال يا صديقى العزيز وأخى القارئ لنرفع معاً كل حاجز وسور يمنعنا من الدخول فى فرح القيامة وبهجتها وسعادتها. تعال لنسير معا تحت راية انتصار الحقّ على الباطل التى يرفعها المخلّص ويعلّمنا من خلالها على نشر العدالة والمساواة والسلام، لنمسح دموع الحزانى والبائسين، المضطهدين والمهجرين، المنبوذين والمهمّشين لنبنى معاً حضارة المحبّة. قام المسيح ووهب لنا الحياة: زمن القيامة ينادينا لننفض غبار الموت عن بصائرنا فنرى مجد الحياة التى وهبها الله لنا بجودٍ ودفقٍ لا ينضب. على الصليب رأته جموع غفيرة بينها المؤمن والمُخْلِص، اللامُبالى والعدو، الخائن والناكر الجميل. يوم القيامة المجيدة فرحت السماوات وبدأ الملائكة يمهدون لكشف السرّ أمام البشر. على مدار السنة ننشد كل يوم أحد، وهو افصح الأسبوع، «فصح القيامة»، ونرنم أناشيد الظفر والرجاء والحبّ والوفاء، ونقول: اإن النسوة حاملات الطِيب أتين إلى قبركَ بالطيوب يا مخلّص، فسمعن ملاكاً يخاطبهن: المَاذا تبحثن عن الحيّ بين الأموات؟بب(لوقا 5:24). زمان البكاء قد مضى فلا تبكين، بل بشّرن الرُّسل بالقيامة: االمسيح قام من بين الأموات ووطيء الموت بالموت ووهب الحياة للذين فى القبور له المجد أبد الدهورب. المسيح قام... حقاً قام أسقف الإسكندرية للأرمن الكاثوليك لمزيد من مقالات المطران كريكور أوغسطينوس كوسا