فسرت لى المتابعة الدقيقة للماتشات سر الهجوم على اى شخص ناجح فكل من فى الملعب لا يهاجم إلا الشخص اللى معاه الكرة (وهذا بالمناسبة هو أفضل تعريف للناجح ). أما المتميز فهو الشخص الذى يفشل الناس فى تصنيفه، للتصنيف سقف إذا لمسته ستصبح ناجحا وإذا لمسته كثيرا ستصبح شخصا يحافظ على نجاحه، التميز ان تلمس فى كل مرة سقفا جديدا. الجلوس فى البيت جعلنى فيلسوفا، فانا لا أغادر البيت إلا نادرا عملا بنصيحة عبد الله بن مسعود رضى الله عنه (نعم صومعة الرجل بيته)، أقضى الوقت مستمتعا بأشياء كثيرة أكثرها دفئا الاستماع عبر اليوتيوب إلى أغنيات عبد الوهاب القديمة وفى مقدمتها تلك التى يسأل فيها الوابور عن وجهته. صرت لا أقبل من الموسيقى إلا ما يضيف إلى ثقافتى، لا أستمع إلى الموسيقى على سبيل الاستهلاك، أراها خبرة ما يقدمها لى شخص لديه ما يعرف أنه سيدهش الناس، ستفهم طريقتى عندما تتجاوز الأربعين ، بعد هذا السن ستحتاج كل قليل إلى جرعة من الدهشة ، ستحتاج إلى أن تكتشف شيئا جديدا حتى لو كان فكهانيا أفضل من الذى اعتدت على التعامل معه. أفتش عن القصص التى تصحح ما استقر فى عقل الواحد بشكل خاطئ، وجدت واحدة عن أرشميدس تقول إنه لم يكن نائما فى البانيو يلعب فى شعر صدره عندما صاح «وجدتها وجدتها ». الحكاية أن الملك طلب من صائغ شهير أن يصنع له تاجا من الذهب الخالص و بعد أن تسلمه شك فى أن الصائغ ربما يكون قد خلط الذهب ببعض الفضة فاستعان بأرشميدس المتعلم الوحيد فى المملكة و سأله عن حل لهذا الشك الذى سيقتله ، فذهب أرشميدس إلى حمام عام و كان نادرا ما يغتسل و قفز فى الماء فلاحظ أن المنسوب ارتفع وفاض خارج المغطس ..شىء حدث من قبل مع شعوب من المستحمين لكن أرشميدس وجد فيه الحل، كرر التجربة فاكتشف علاقة بين حجم الماء المزاح و وزن الجسم المغمور، وهكذا أصبح حل الفزورة سهلا يكفيه أن يغمر التاج فى الماء و مقارنة حجم الماء المزاح ساعتها بحجم الماء المزاح من غمر كتلة من الذهب الخالص مساوية لوزن التاج ، رزق الله أرشميدس قوة الملاحظة لأن الصائغ كان عمره قد انتهى.. فقد أعدمه الملك و أودع أرشميدس فى مصحة عقلية . وجدت أيضا قصة عن اللون الأسود، لكننى عثرت إلى جوارها على بعض الحكم، تقول الحكمة الأمريكية» البنك هو مكان يقرضك مظلة عندما يكون الطقس معتدلا و يطلب منك استعادتها عندما تمطر»،وتقول حكمة أجنبية أخرى « لن تصل إلى المكان الذى تحلم به فى كل مرة تتعب فيها، و لكن دون تعب لن تصل يوما إلى المكان الذى تحلم به»، ويقول أحد كتب التراث أن الأسد هو الكائن الوحيد الذى (يحلى) ثم (يحدق) فهو يتناول فريسته ثم يتجه إلى أكثر مصادر الماء ملوحة من حوله فيلعق طميه المملح ليقضى على الطعم السكرى الذى خلفه دم الفريسة فى فمه ، الأسد هو الكائن الوحيد الذى يأكل بالطريقة نفسها التى وعدنا الله أن نأكل بها فى الجنة راجع الآيات فستجد الفاكهة دوما مقدمة على اللحوم ، فليسامحنا الله إذ إننا لم نلتفت لإشارته فى الترتيب الذى يجب أن نتناول به طعامنا لأننا غالبا لدينا اختيار واحد (يا اللحمة يا الفاكهة). يقول الشاعر الفرنسى : « ليس هناك مكان ينام فيه الشخص بأمان مثل غرفة أبيه «، ويقول ابن القيم « لما طلب آدم الخلود فى الجنة عن طريق الشجرة ، عوقب بالخروج منها.. و لما طلب يوسف الخروج من السجن عن طريق صاحب الرؤيا ، لبث فيه بضع سنين» ، فليكن سؤالك عن طريق الله فقط، و لا تكن مثل ابن صديقى الذى سألنى (هيه الجنة تحت أقدام كل الأمهات يا عمو؟) .. فقلت له ( نعم تحت أقدامهن جميعا ) فسألنى – وكان صادقا – (حتى أمنا الغولة؟) . أنا شخصيا لا أثق أبدا فى شخص يبدأ كلامه معى بجملة ( أصلى عيبى إنى صريح) ، الشخص الذى يقول لك إنه مريض بالصراحة ، هو مريض بالفعل و لكن بأشياء أخرى ، فهو يخفى خلف الصراحة انفعالات سلبية كثيرة ، هو أما كذاب بالفطرة ،أو هو يتخذ هذه الجملة كمدخل للتدخل فيما لا يعنيه،أو شخص يشعر بالغيرة و يعرف أن غيرته مفضوحة فينعت نفسه بالصراحة كغلاف وردى ورقيق لانطباعه الملىء بالنفسنة ليقنعك بأنه شخص موضوعى، أو هو شخص فاقد لخاصية اللباقة و يعرف أنه متى تحدث فإنه يدب كلاما جارحا و غير موضوعى ، أو هو شخص له مصلحة مضادة، لا أثق فى شخص يبدأ كلامه معى ب ( عيبى إنى صريح) ، لا أثق أصلا بشخص يرى أن الصراحة عيب. الحياة بها الكثير من المفاجآت مثل قصة اللون الأسود، ستفاجأ مثلى أن ارتداء الأسود على الميت تقليد يعنى الحزن عليه منذ أن وعينا على الدنيا لكن التقليد كان له بداية مختلفة حيث كانوا الأوائل يؤمنون أن الشخص عندما يموت تهيم روحه بحثا عن جسد آخر لتستقر فيه ، فكانت القبيلة كلها ترتدى السواد حتى تعمى الروح الهائمة عنهم و تصرفها بعيدا، الأسود الذى قد تعتقد أنه وفاء للميت كانت بدايته مجرد ندالة . [email protected]