دول الخليج تستنكر الهجوم الذي استهدف شركة دفاعية في تركيا    هاريس تُجدد تحذيراتها بشأن لياقة ترامب الذهنية ونواياه تجاه الرئاسة الأمريكية    قصف إسرائيلي يستهدف محيط مستشفى كمال عدوان في قطاع غزة    بايدن يعلن عن تقديم 20 مليار دولار كقروض إلى أوكرانيا    جدول ترتيب دوري روشن السعودي قبل مباريات اليوم الخميس    ارتدوا الملابس الخريفية.. تحذير عاجل من الأرصاد بشأن طقس الأيام المقبلة    ناصر القصبي يغازل فتاة روبوت في ثاني حلقات "Arabs Got Talent" (صور وفيديو)    الذكرى ال57 للقوات البحرية| الفريق أشرف عطوة: نسعى دائما لتطوير منظومة التسليح العسكري    حزب مستقبل وطن بالأقصر ينظم قافلة للكشف عن أمراض السكر بمنطقة الكرنك    «شكرا أخي الرئيس».. كل الأجيال لن تنسى فضله    منها إجبارهم على شرب مياه ملوّثة .. انتهاكات جديدة بحق المعتقلين بسجن برج العرب    إعلام لبناني: 10 غارات إسرائيلية تدمرمجمعًا سكنيًا بالضاحية الجنوبية لبيروت    قصف جوي أمريكي بريطاني يستهدف مواقع للحوثيين في مطار الحديدة    محافظ الإسماعيلية ورئيس هيئة قناة السويس يشهدان احتفالية ذكرى انتصارات أكتوبر    محمد عبدالله: دوافع الزمالك أكبر للفوز بالسوبر المصري    أكروباتية خرافية من هالاند.. سيتي يقسو على سبارتا براج بخماسية في دوري أبطال أوروبا    النصر الليبي يعلن مواجهة الزمالك في مهرجان اعتزال أسطورته    مدرب برشلونة يتغنى بهاتريك رافينيا أمام بايرن ميونخ ويوجه رسالة نارية ل ريال مدريد    «اتصالات النواب» توضح حقيقة رفع أسعار خدمات الإنترنت    حريق هائل يدمر شقة المطرب نادر أبو الليف بحدائق الأهرام    انقلاب مروع على طريق "القاهرة-الفيوم" يودي بحياة شخصين ويصيب 7 آخرين    «الأمن الاقتصادى»: ضبط 7787 قضية سرقة كهرباء ومخالفة شروط التعاقد خلال 24 ساعة    تسلا تسجل أرباحا مفاجئة خلال الربع الثالث    أجرأ 40 صورة لنجمات الفن في مهرجان الجونة السينمائي بدوراته السابقة    نشرة التوك شو| موعد المراجعة الرابعة لصندوق النقد الدولي.. وحقيقة رفع أسعار خدمات الإنترنت    الأزهر للفتوى يهدي طلاب جامعة عين شمس منحة لتلقي برنامج تأهيل المقبلين على الزواج (ًصور)    خمول وتعب في الصحة العامة.. توقعات برج الدلو اليوم الخميس 24 أكتوبر    قصة عجيبة.. سيدة تدعو على أولادها فماتوا.. والإفتاء تحذر الأمهات من ساعة الإجابة    ما هي بدائل الشبكة الذهب؟.. الإفتاء توضح للمقبلين على الزواج    أذكار النوم: راحة البال والطمأنينة الروحية قبل الاستغراق في النوم    الأكاديمية الطبية العسكرية تنظّم المؤتمر السنوى ل«الطب النفسي»    مفاجأة بشأن موعد محاكمة ثلاثي الزمالك في الإمارات    قبل قمة الأهلي والزمالك.. إعلامي يطرح سؤالا مثيرا للجمهور بشأن محمد بركات    «جذع نخلة وماسورة مياه» وسيلة الوصول لمدارس 3 عزب بأسيوط    السكة الحديد تنظم ندوة توعية للعاملين عن مخاطر تعاطي المخدرات    برلماني: الحوادث في مصر 10 أضعاف المعدل العالمي    إطلاق المرحلة الأولى لمبادرة «تشجير المدارس»    خبير اقتصادي: الهدف من مراجعة صندوق النقد تقليل وتيرة ارتفاع الأسعار    جامعة الأزهر تكشف حقيقة شكاوى الطلاب من الوجبات الغذائية    خبير: فشل النظام الدولي شجع دولة الاحتلال على القيام بالمزيد من الجرائم    محافظ بورسعيد: نعمل سويًا مع الجامعة لرفع كفاءة الملاعب وتطويرها    مشاكل تتعلق بالثقة بالنفس.. توقعات برج الجدي اليوم 24 أكتوبر    فرصة لزيادة الدخل وأحلام غريبة.. حظ برج القوس اليوم 24-10-2024    حظك اليوم| برج العقرب الخميس 24 أكتوبر.. «تعامل مع الخلافات بسلوك هادئ»    عاجل - "أفضل خيار لشراء سيارة سيدان أوتوماتيك لعام 2024 بسعر 250 ألف"    «آركين».. «كل نهاية بداية جديدة»    بيان عاجل من هيئة السياحة حول تأشيرة الترانزيت للسعودية: ما الحقيقة؟    تهنئة بقدوم شهر جمادى الأولى 1446: فرصة للتوبة والدعاء والبركة    «المصريين الأحرار»: لا يوجد نظام انتخابي مثالي.. والقوائم تتجنب جولات الإعادة    للمرة الثانية.. حزب الله يستهدف قوات الاحتلال في محيط «عيترون» بجنوب لبنان بقذائف المدفعية    سعر الذهب اليوم الخميس في مصر يواصل الارتفاع.. عيار 21 يحطم الأرقام القياسية (تفاصيل)    هندريك: مباراة الأهلي والزمالك تشبه كلاسيكو إسبانيا.. والأحمر سينتقم    حصاد 83 يوما .. حملة «100 يوم صحة» قدمت أكثر من 131 مليون خدمة طبية مجانية    وزير الصحة يبحث دعم خدمات الصحة الإنجابية مع إحدى الشركات الرائدة عالميا    لتغيبه عن العمل.. محافظ البحيرة تقرر إقالة مدير الوحدة الصحية بقرية ديبونو    محافظ المنيا: تقديم خدمات طبية ل 1168 مواطناً خلال قافلة بسمالوط    لماذا العمل والعبادة طالما أن دخول الجنة برحمة الله؟.. هكذا رد أمين الفتوى    رئيس فاكسيرا: توطين صناعة لقاح شلل الأطفال بالسوق المحلي بداية من 2025    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



وداعا.. أيها المفكر الكبير
نشر في الأهرام اليومي يوم 24 - 03 - 2017

كعادة المصريين.. تبقى دائما كلمات لا يتذكرها المرء إلا على درجات السلم أو على عتبات الأبواب.. وأنا فى انتظار المصعد فى الدور الحادى عشر فى مبنى الأهرام
بعد انتهاء الحوار الذى اجريته عام 1997 مع المفكر الكبير السيد يسين بمناسبة حصوله على جائزة الدولة التقديرية فى العلوم الاجتماعىة.. تذكرت أننى لم أقل له مبروك.. فقد كان كل همى كيف أقول له أننى لم آت لأناقش أفكاره.. بل أتيت لأناقش أفكارنا.. وأقصد بأفكارنا.. أفكار الناس العاديين.. وأيضا كيف أقول له ان رجل الشارع لا يعرف السيد يسين الباحث.. العالم.. المفكر.. المثقف كما يعرف نجوم وكواكب السينما.. ومن منهم تزوج.. ومن منهم طلق.. أو كما يعرف لاعبى كرة القدم.. ومن منهم أصيب فى ركبته.. ومن منهم أصيب فى ساقيه.
لم يعترض على أى سؤال.. وابتسم حين قلت له: هناك كلمات تبادلها المثقفون.. وأنت واحد منهم.. تبدو كلوغاريتمات مثل التفكير المنهجى.. والحداثة.. ومابعد الحداثة.. والكوكبية.. والبنائية.. وبالتالى هناك اتهام موجه لكم بأنكم تكتبون لتقرأ لكم الطبقة المثقفة.. أى أنكم تكتبون لبعضكم البعض.. متجاهلين الجمهور العادى.. رد بهدوء: »لقد وصلنى اليوم بمحض المصادفة خطاب من قارئ عادى يعمل موظفا فى الهيئة العامة لمحو الأمية وتعليم الكبار فرع الدقهلية يتحدث فيه عن متابعته لمقالاتى وأبحاثى.. أنه واحد من طبقة القراء التى تضم الباحثين العلميين والمثقفين والقراء العاديين المتهمين الذىن أحرص من أجلهم على تقديم تعريفات دقيقة لكل المفاهيم التى تبدو كما تقولين غامضة«.
واصلت الاتهامات فى صيغة أسئلة حين قلت إن المثقفين يعيشون فى أبراج عاجية.. فهل تعتبر نفسك مثقفا مندمجا بثقافة الشعب؟.. قال: »لا تنسى أننى باحث فى علم الاجتماع.. أجريت عشرات البحوث الميدانية فى الريف والحضر.. أنا لست باحثا مكتبيا.. ولا مثقفا منعزلا فى برج عاجى.. إننى مثقف مندمج بعنف فى الثقافة المصرية بحكم نشأتى الاجتماعية.. وبحكم عملى كباحث.. وبحكم اهتماماتى الفكرية والسياسية لتحسين نوعية الحياة فى المجتمع المصرى.. أتابع متابعة دقيقة الإنتاج الأدبى وتجليات الثقافة الشعبية.. أعرف معرفة شخصية أبرز المبدعين فى مختلف المجالات«.
وأنا أعيد قراءة حوارى معه.. توقفت أمام اجابته على سؤال عن ظاهرة الإرهاب.. وهل تعنى من ضمن ما تعنى أن المثقفين لم يستطيعوا أن يصلوا إلى عامة الشعب ولم يلعبوا دورا للحد من هذه الظاهرة المخيفة؟
قال: »خطورة هذه المشكلة تكمن فى وجود 60% من الأميين.. من هنا يأتى جذر من جذور التطرف والتسطيح الفكرى.. لأنه فى الوقت الراهن يهيمن على تشكيل العقل الشعبى جماعات من انصاف المتعلمين وأيضا المتعلمين المتطرفين فكريا.. وهؤلاء يسيطرون على اتجاهات الملايين من البسطاء.. ويصبح التحدى هل يستطيع المثقفون أن يصلوا إلى هؤلاء الملايين.. وكيف يمكن استخدام النظام التعليمى والإعلامى والأدبى والفنى لتغيير اتجاهات البشر ودفعهم نحو التقدم«.
هنا سألته هل نظام التعليم بوضعه الحالى مع المنظومة الثقافية والإعلامية ينتج مثقفا؟.. فقال: »نظام التعليم فى الوقت الراهن يمر بنكسة شديدة.. لأنه مع تعدد المناهج وطولها واعتمادها على التلقين لا تتاح الفرصة إلا فيما ندر لتشكيل ما أسميه بالعقل النقدى.. ويلعب الاعلام دورا سلبيا فى هذا المجال بتشجيعه انتاج مواد تافهة.. لا تبنى العقول.. ولا تساعد المواطن على الألمام بمشكلات مجتمعه وتحديات عصره«.
حين انتهى الحوار.. الذى استغرق نحو ساعتين.. بسبب دخول وخروج المهنئين.. وكثرة رنين التليفون.. شعرت أننى كنت أمام رجل ممتلىء بالحماس والحيوية.. مهموم حتى النخاع بمشكلات ومستقبل وطنه.. راقىا رقيا شديدا.. عطوف.. ونبيل.. زاهد.. فارس.. نزيه.. متواضع.. متواصل ومتلاحم مع زملائه وتلاميذه.
أستاذ السيد يسين.. أيها المفكر الكبير.. أنت رجل عظيم ونادر.. سنفتقدك ونفتقد كتاباتك.. تحية لك ووداعا.
لمزيد من مقالات عايدة رزق


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.