أحسن السفير سامح شكرى وزير الخارجية حين جمع فى احتفال الوزارة بيوم الدبلوماسيين هذا العام بين تكريم المحالين منهم الى التقاعد أخيرا ورثاء من غيبهم الموت فى غضون الفترة الماضية ، وكانت هذه لفتة انسانية رائعة تحسب لهذا الوزير الناجح بجانب النجاحات الموضوعية التى حققتها الدبلوماسية المصرية فى عهده ، والتى تم توثيقها فى فيلم تسجيلى متقن أعدته أجهزة الوزارة وتم عرضه فى هذا الاحتفال . لم يسبق لى حضور مثل هذه الاحتفاليات خلال السنوات الأخيرة إما لانشغالى بأمور أخرى أو بسبب بعض العوارض الصحية . وكنت أظن أنها مجرد مناسبات مراسمية تجمع أبناء المهنة فى اطار اجتماعى ظريف إلا أننى وجدت فيها هذا العام شيئاً مختلفاً ومثيراً للافكار والخواطر . مرت بى خلال تلك الأمسية خواطر ومشاعر شتى يدور بعضها حول الطبيعة الخاصة لهذه المهنة الدبلوماسية وما تحمله للوطن عموماً ولأبناء المهنة أنفسهم من فرص وتحديات . ووجدت نفسى أتساءل عن القيمة الحقيقية لتلك الخبرة المهنية التى تجعل أصحابها فيما بعد بلوغ سن التقاعد مؤهلين ربما بأكثر من غيرهم لمواصلة عطاءاتهم فى مواقع وطنية وأجنبية أخرى. طافت بالرأس أيضاً خاطرة حول أهمية الأدوار المساعدة التى تعين الديبلوماسى فى أدائه مهامه ، وأهمية تكريم اصحاب هذه الأدوار فى مناسبات واحتفالات مماثلة .. ومنهم على سبيل المثال الاداريون ومهندسو الاتصالات ، وحراس الأمن ومعاونو الخدمة فى ديوان الوزارة وبعثاتها الخارجية ، ومنهم أيضاً رجال الاعلام والمراسلون المتخصصون فى تغطية الأخبار الدبلوماسية . وقد يتسع المقام أيضاً فى مراحل لاحقة لتكريم عدد من ابناء الوزارات والأجهزة الوطنية الاخرى الذين يعملون بالمكاتب الفنية الملحقة بالسفارات. ووسط شواغل الفكر استوقفنى مشهد خاص حين رأيت بين الحاضرين بعضاً من شيوخ الديبلوماسيين المخضرمين الذين تجاوزت أعمارهم الثمانين عاماً وقد أصروا على حضور هذا الاحتفال رغم العوارض الصحية التى ألمت بهم وقد كانوا حتى وقت قريب مضرب الأمثال فى توقد الذهن وحيوية الحركة ووفرة العطاء . وتمنيت آنذاك على شباب الدبلوماسيين وغيرهم أن يدركوا أولاً المعنى الأخلاقى فى (مداولة الأيام بين الناس ) ، وأن يسارعوا ثانياً فى استلهام الخبرات والمعارف الموضوعية التى يحملها هؤلاء السابقون من الرواد وهى غزيرة ومتنوعة . أقول هذا مع اعترافى بالتقصير فى التواصل مع بعض هؤلاء الأساتذة الرواد ، وكأن دموعى التى غالبتنى حين رأيتهم فى تلك المناسبة تنذرنى بأن دورى فى » مداولة الايام بين الناس » قد اقترب ، وأن احتياجى لوفاء الناس وتواصل الشباب أصبح وشيكاً. لمزيد من مقالات السفير/هانى خلاف;