أكد فضيلة الإمام الأكبر الدكتور أحمد الطيب شيخ الأزهر أنه لا يوجد سبب معقول أو مبرر منطقى واحد يتقبله إنسان القرن ال 21 لما تشهده المنطقتان العربية والاسلامية من الحروب التى اندلعت نيرانها، مما يشكل فترة استثنائية وقاسية تمر بها المنطقة والعالم كله حاليا.. مشيرا إلى دهشته وحزنه، و ألمه، من تصويرُ الدِّين فى هذا المشهد البائس، جاء ذلك خلال كلمته أمام المؤتمر الدولى «الحرية والمواطنة... التنوع والتكامل».. والذى عقد أمس برعاية الرئيس عبد الفتاح السيسي، ومشاركة البابا تواضروس الثانى بابا الإسكندرية وبطريرك الكرازة المرقسية. وأضاف الطيب، أن الأزهر حين يدعو إلى نشر مفهوم «المواطنة» بديلًا عن مصطلح «الأقلية والأقليات»، فإنما يدعو إلى مبدأ دستورى طبقه نبى الإسلام على أول مجتمع مسلم فى التاريخ، وهو دولة المدينة، حين قرر المساواة بين المسلمين من مهاجرين وأنصار، ومِن اليهود بكل قبائلهم وطوائفهم بحسبان الجميع مواطنين متساوين فى الحقوق والواجبات. وقال الإمام الأكبر: أظنكم تتفقون معى فى أن تبرئة الأديان من الإرهاب لم تعد تكفى أمام هذه التحديات المتوحشة، وأن خطوة أخرى يجب علينا أن نبادر بها، وهي: النزول بمبادئ الأديان وأخلاقياتها إلى هذا الواقع المضطرب، وأن هذه الخطوة تتطلَّب - من وجهة نظري- تجهيزاتٍ ضرورية، وأولها إزالة ما بين رؤساء الأديان وعلمائها من بقايا توترات وتوجسات لم يَعُد لوجودها الآن أيُّ مُبرِّر، فما لم يتحقق السلام بين دُعاته أوَّلًا لا يمكن لهؤلاء الدُّعاة أن يمنحوه للناس. وتقدم شيخ الأزهر بخالص الشكر للرئيس عبدالفتاح السيسى الذى رحَّب بأن يرعى هذا المؤتمر برعايته الكريمة تقديرًا للدور الكبير فى الدعوة إلى السلام والحرية والمواطنة والتعايش المشترك بين الناس. ومن جانبه، قال قداسة البابا تواضروس الثاني، بابا الاسكندرية وبطريرك الكرازة المرقسية، إن مصر والمنطقة العربية كلها عانت من الفكر المتطرف والمتشدد، الذى يشكل أخطر تحديات العيش المشترك، معتبرًا أن هناك أنواعا مختلفة من الإرهاب منها الإرهاب الدينى والبدني، والإرهاب الفكرى المتمثل فى فرض الفكر والهجوم على ممارسات الآخرين، وهناك الإرهاب المعنوى الذى يمثل حالة التطرف الفكرية. واختتم قداسة البابا كلمته بضرورة الأخذ من مبادئ الأديان والقيم الإنسانية النبيلة، التى تساعد فى إرساء قيم الاحترام والتنوع والعيش المشترك واحترام التعددية الدينية، مؤكدًا أهمية نشر ثقافة التسامح والتعايش المشترك وحب الخير وحق قبول التعبير وتشجيع الحوار بصورة حضارية، وأهمية استخدام مواقع التواصل الاجتماعى لتصحيح المفاهيم التى يثيرها أصحاب الفكر المتطرف. وقال الشيخ عبد اللطيف دريان، مفتى الجمهورية اللبنانية إن العيش المشترك والمواطنة يرتبطان فى أى مجتمع بالحفاظ على ثوابت أساسية هى كيان الدولة والهوية وحكم القانون، مضيفًا أن هذه الثوابت باتت تتصدع فى العالم العربى وانعكس ذلك سلبيا على العيش المشترك والمواطنة. وقال البطريرك الكردينال مار بشاره بطرس الراعي، بطريرك أنطاكية المارونى إن المواطنة انطلقت فى الأساس لحماية حقوق الإنسان وصون الحريات المدنيّة وخلق انتماء وطني. وقال أحمد أبو الغيط الأمين العام لجامعة الدول العربية، إن المنطقة شهدت تجارب تاريخية متعددة خلال عصورها المختلفة التى مرت بها بفترات رخاء وتنمية أحيانا وفترات من النزاعات والحروب أحيانا أخري، موضحًا أن المنطقة حاليا تمر بأحداث مأساوية جراء تفسير النصوص المقدسة تفسيرًا خاطئا لتبرير سفك الدماء من قبل الجماعات المتطرفة مما أدى إلى تآكل قيم التعايش والمواطنة.