ليس هناك أقدر على تقديم إجابات اللحظة الراهنة من الدكتور صائب عريقات ,أمين سر منظمة التحرير الفلسطينية وكبير المفاوضيين الفلسطينيين ,فيما يتعلق بالمخاطر التى باتت تحدق بحل الدولتين, وإقامة الدولة الفلسطينية المستقلة , فى ضوء التصريحات السلبية تجاهه من قبل الرئيس الأمريكى الجديد دونالد ترامب, خلال قمته الأخيرة مع رئيس الوزراء الاسرائيلى بنيامين نيتانياهو فى واشنطن. على هامش زيارته للقاهرة قبل أيام, ومشاركته فى الملتقى الحوارى الثالث ,الذى نظمتمه مؤسسة ياسر عرفات والسفارة الفلسطينية بالقاهرة, أجاب عريقات على تساؤلات الأهرام وفيما يلي نص الحوار: هل ثمة قمة مرتقبة فى الأفق يتم الترتيب لها, بين الرئيس محمود عباس والرئيس الأمريكى دونالد ترامب فى أعقاب قمة الأخير نيتانياهو؟ لم تطرح مثل هذه القمة بعد لا من الجانب الأمريكى أو الجانب الفلسطينى. ودعنى أؤكد لك أن الاتصالات مع الجانب الأمريكى لم تنقطع فهى متواصلة على أكثر من مستوى, فنحن نسعى بكل جهد ممكن مع مختلف الأطراف الدولية المؤثرة ,وبالطبع فى المقدمة منها الولاياتالمتحدة فى ظل الخيارات التى نؤمن بها, والتى تتمثل فى التمسك بمبدأ الدولتين للصراع مع اسرائيل, والقانون الدولى والشرعية الدولية والمبادرة العربية للسلام. كيف قرأت كمسئول فلسطينى رفيع المستوى ما تضمنه البيان ,الذى صدر عن قمة الرئيس السيسى والعاهل الأردنى, وبالذات فيما يتعلق بالتأكيد على أن حل الدولتين من الثوابت ؟ لقد أثلج هذا البيان صدرى وصدور غيرى من القيادات الفلسطينية , لأنه تنبه لكل المخاطر التى نتجت عن محاولات نيتانياهو, لإسقاط مبدأ حل الدولتين وتعديل أو تبديل المبادرة العربية للسلام ,حول طروحات ما يسميه الحل الإقليمى الأمنى, وما الى غير ذلك من توجهات ترمى الى التنصل من كل مرجعيات عملية السلام المتفق عليها, وبالمناسبة فإنه لا نيتانياهو ولا حكومته هم الذين يحاربون الإرهاب, وبصورة أكثر وضوحا نحن العرب الذين نحارب الإرهاب ونحن الذين نقف فى الخندق الأول لهزيمة «داعش», وإذا كان نيتانياهو يزعم أنه يحارب الإرهاب ,فإنه عليه أن يدرك أن اسرائيل باستمرارها فى احتلال الأراضى الفسطينية, تجسد ذروة الأعمال الإرهابية فى المنطقة . ألايمكن النظر الى ما أكد عليه الرئيس السيسى والملك عبد الثانى بإعتباره رسالة للرئيس الأمريكى؟ قبل يوم واحد من هذا البيان المهم الذى صدر عن مباحثات الرئيس عبد الفتاح السيسى والعاهل الأردنى - كنا قد بعثنا برسالة الى الإدارة الأمريكية نشدد فيها على تمسكنا بمبدأ حل الدولتين وأنه لاحل للصراع مع اسرائيل الا من خلال تبنى هذا الحل , وإنهاء الاحتلال الاسرائيلى وأن المبادرة العربية للسلام تشكل نقطة ارتكاز رئيسية فى هذا الحل, وقد شعرت القيادة الفلسطينية وعلى رأسصها الرئيس محمود عباس بكل ارتياح بعد صدور البيان المصري الأردني المشترك. فى ضوء ذلك كله ماالذى يتطلع اليه الفلسطينيون من القمة العربية الثامنة والعشرين التى ستعقد فى التاسع والعشرين من مارس المقبل ؟ لاشك أننا نتطلع من هذه القمة أن تتبنى خارطة طريق للتعامل العربى, على صعيد القضية الفلسطينية, طبقا لأسس وثوابت وركائز المبادرة العربية للسلام, وأن التمسك بالسلام كخيار استراتيجى لايمكن أن يكون بأى ثمن, ولكن على أساس انسحاب الدولة القائمة بالاحتلال من جميع الأراضى العربية المحتلة فى عدوان يونيو 1967, وفى الصدارة منها القدس وإقامة دولة فلسطين المستقلة وعاصمتها القدس الشريف, وحل قضايا الوضع النهائى من حدود ولاجئين ومياه وأمن وأسرى. كيف قرأتم ما سربته بعض وسائل الإعلام الاسرائيلية ,عن قمة عقدت بين كل من الرئيس السيسى والعاهل الأردنى ورئيس الوزراء الاسرائيلى,بمشاركة جون كيرى وزير الخارجية الأمريكى السابق بالعقبة؟ لقد تابعت ما نشر فى الصحافة الإسرائيلية عن هذه القمة, بيدأن الأمر المؤكد أن الجانب الفلسطينى على قناعة تامة بمواقف الرئيس السيسى تجاه القضية الفلسطينية , كما نعلم أن 99 فى المائة من جدول أعمال أى لقاء مصرى اسرائيلى يخصص للدفاع عن حقوق الشعب الفلسطينى وعن استحقاقات القضية الفلسطينية ضد المشروعات الاستيطانية. ماالمدى الذى بلغه التنسيق المصرى الفلسطينى على هذا الصعيد ؟ لقد بلغ مدى واسعا, ويوم الخميس الفائت التقيت وزير الخارجية المصرى سامح شكرى وتحدثنا خلال اللقاء حول كل مفردات المشهد الفلسطينى وأصدقك القول أنه لايمر يوم واحد من دون تنسيق مع الأشقاء فى مصر والأردن والسعودية والأمر لايقف عند حدود التنسيق من المنظور الشكلى، ما أود أن أؤكده فى هذا الشأن , أننا لم نتسلم ورقة من اسرائيل أو سلمنا ورقة لها إلا بعد التنسيق مع الشقيقة مصر وكذلك مع الأردن ومع الجامعة العربية فنحن نودع كل وثائقنا وأوراقنا لدى الجامعة لأن قضية فلسطين قضية كل العرب. ما هى نظرتكم فى منظمة التحرير الفلسطينية والسلطة الوطنية للتقارب بين مصر وحماس هل ترونه خصما من رصيد العلاقة مع حركة فتح؟ نحن لاننظر الى الأمور وفق هذه المعايير, فمصر منذ إنقلاب حماس الأسود فى قطاع غزة فى يونيو 2006, كلفت من الجامعة العربية بملف المصالحة الوطنية وإنهاء الانقسام الفسطينى, لذلك فهى على الرغم من كل جراحها الناتجة عن وقائع الإنقسام فى غزة وتداعيات ذلك على أمنها الوطنى - تبذل كل جهد ممكن لتحقيق المصالحة الوطنية, وتخفيف المعاناة عن أبناء الشعب الفلسطينى فى القطاع, وقناعتنا أن ما يجرى فى هذا الشأن من تقارب , لايشكل خصما من رصيد علاقاتها مع السلطة الوطنية. لكن لوحظ أن زيارات أبو مازن للقاهرة باتت محدودة فهل نتوقع زيارة له قريبا ؟ إن شاء الله, وإن كان ليس ثمة موعد محدد لمثل هذه الزيارة, ويمكن أن تتم فى أى وقت فالتنسيق المصرى الفلسطينى مستمر على أعلى مستوى, والعلاقات بين الجانبين لم يطرأ عليها ما يعكر صفوها . ماذا عن جهود إنهاء الإنقسام الفلسطينى خاصة أن القيادى فى فتح عزام الأحمد كان فى زيارة للقاهرة مؤخرا لبحث هذا الملف مع المسئولين المصريين ؟ عزام الأحمد هو المسئول عن ملف المصالحة الوطنية فى السلطة الوطنية, وهو يبذل كل جهد ممكن مع الأِشقاء مع مصر وكذلك فى اتصالاته المستمرة مع حركة حماس, والذين نأمل منهم أن يتجاوبوا مع هذه الجهود الرامية لتشكيل حكومة وحدة وطنية. فى رأيك الى أى مدى يمكن أن تصل قوة اسرائيل فى عهد ترامب ؟ إن كل الإدارات الأمريكية المتعاقبة منذ انتهاء الحرب العالمية الثانية تتعامل مع اسرائيل بحسبانها جزءا من الحياة السياسية فى الولاياتالمتحدة, فهى حليفة لها فى المنطقة واسرائيل بالأساس دولة وظيفية تقوم بتنفيذ ما تريده واشنطن منها, ومع ذلك أقول أنه لايمكن إصدار إحكام مسبقة قاطعة، ونحن نقوم حاليا بدراسة كل المعطيات المتصلة بالتغييرات التى يمكن أن تطرأ على هذه الإدارة بالذات تجاه الصراع العربى الاسرائيلى والقضية الفلسطينية. هل تتوقع أن تقدم إدارة ترامب على نقل السفارة الأمريكية الى القدسالمحتلة ؟ نحن نقلنا الموقف الفلسطينى فيما يتعلق بهذه النقطة بالذات الى الإدارة الأمريكية, كما قام العاهل الأردنى الملك عبد الله الثانى بنقل الموقف العربى خلال زيارته لواشنطن, وكذلك الأمر نفسه فعله كل من الرئيس السيسى والعاهل السعودى, والجميع حذروا من نقل السفارة وحتى الآن لم يتم اتخاذ قرار من قبل الإدارة الأمريكية بهذا الاتجاه, ونأمل ألا يتخذ وقناعتى أنهم باتوا على دراية واسعة بتداعيات مثل هذا القرار. ألم يحصل الجانب الفلسطينى على تطمينات أمريكية ,خلال اللقاء الذى جمع أبو ما زن مع رئيس ال «سى آى أيه» مؤخرا فى رام الله ؟ لقد طلب الجانب الأمريكى منا التريث والانتظار, ومنح إدارة ترامب الفرصة, ومن جهته فإن الرئيس أبو مازن, أبلغه بخطورة نقل السفارة الأمريكية الى القدس, وأنه سيقود الى انهيار عملية السلام, بوضوح حددنا لهم 19 خطوة سنقوم بها ردا على هذه الخطوة ,من بينها سحب الاعتراف الفلسطينى بدولة اسرائيل.