أقام مجلس نقابة المهن الموسيقية مؤتمرا صحفيا الأسبوع الماضى للكشف عن أسباب الخلاف بين أعضاء المجلس وبين النقيب الفنان إيمان البحر درويش، الرجل الذى يتمتع بتاريخ مشرف واختيارات تنحنى لها أعظم المبادىء احتراما وإجلالا.. ولم أفاجأ فى واقع الأمر بعد سرد جميع التهم التى أطلقوا عليها "فسادا ماليا وإداريا" أن المؤتمر ما هو إلا سياسة انقلاب "استهبال" شهدت مثلها فى مواقع عديدة من قبل. اصطنعوا خلافات مع النقيب فى سياساته لإدارة نقابة من أعرق النقابات فى مصر، ورغبوا فى الظهور فى الاعلام كما قال وكيل النقابة "مصطفى كامل" –اشمعنا هو يعمل مؤتمر صحفى- لا أدرى إذا كان هناك لبسا فى مفاهيم اللغة العربية لدى مجلس إدارة نقابة المهن الموسيقية للدرجة التى تتساوى فيها معانى كلمات "الفساد المالى والادارى" و"الاختلاف فى الرأى والمنهج" المصطنع لغرض ما فى نفس يعقوب.. لم يأتى على هواهم أن تدار النقابة بيد من حديد للقضاء على الفاسدين فيها وللحفاظ على أموال أعضائها.. ورغم أننى لن أستطيع أن أخترق نفوس أعضاء مجلس الإدارة إلا أننى أستطيع أن أجزم أن وجود النقيب على رأس النقابة يعرقل مصالح مشتركة بينهم وخاصة بعد سماعى لتسجيل صوتى منتشرعلى الانترنت لنفس المطرب الشعبى يهدد فيه بإحضار بلطجية ويحلف يمين الله أن سكرتير النقابة حرامى وهو نفس السكرتير الذى يتحالف معه الآن للإنقلاب على النقيب.. طالبت على مدار ثلاث ساعات متواصلة أضاعوها من وقتنا بأن يكون المنطق هو سيد الحوار مادامت اتهاماتهم لا تحمل فى طياتها أى مستند يدعمها، إنما ما حدث فى المؤتمر ما هو إلا إستخفاف بعقولنا نحن الصحفيين. حديثهم جاء مفتقرا للمنطق ومناقضا لنفسه بل جاء بمثابة الحيّة التى التفت حول فريستها فخنقت نفسها.. يدّعون أن النقيب قام بسبهم وقذفهم على صفحات الجرائد فى حين يصدقون أن شيرين عبد الوهاب ظلمت حين قامت بسبه وقذفه على صفحات الجرائد وأن الصحافة تجنّت عليها.. برغم أنها لم تحاول إثبات حسن نيتها ولم تقاضى هؤلاء الصحفيين الذين ظلموها على حد تعبيرها.. والمؤكد لكل الشكوك أنهم أقرّوا بصدور قرار جماعى للمجلس بإيقاف كل من يسىء أو يهين أى عضو وتحويله إلى التحقيق "قرار مجلس موقع بتاريخ 22 / 8 / 2011" بينما يدّعون أن قرار إيقاف شيرين وتحويلها للتحقيق بسبب سب وقذف النقيب كان قرار فرديا له.. أوليس الكيل بمكيالين شيمة المنافقين فقط؟ أم تحسسوا "بطحة" على رؤوسهم عندما أشار النقيب لوجود فساد بالنقابة؟ وأكثر ما أكّد شكوكى فى نواياهم أنهم يتهمون النقيب بصرف مبلغ 15000 جنيه بدون سند ليتبرع بهم لموسيقيين ليس لهم حق قانونى فى صرف منحة فى رمضان 2011 ولم يعيدهم لخزنة النقابة برغم أن الجهاز المركزى للمحاسبات قد أقفل السنة المالية 2011 بدون أى عجز.. وهل منطقى أن يتم السكوت على هذه الواقعة لمدة عام كامل؟ وماذا عن مئات الألوف التى كانت تصرف دون وجه حق على سفر وبدلات وعلاج النقيب السابق ومجلسه؟ ماذا تعنى كلمة فساد مالى يا سادة؟ كيف لمن تنازل لمدة عام عن تقاضى أجرا قانونيا عن عمله النقابى أن يأخذ أموالا غير قانونية؟ وكيف تتهمونه دون سند قانونى؟ فإذا كان المتحدث فقيرا للسند القانونى فإن المستمع ولله الحمد لا يفتقر للعقل والمنطق. أقترح على السادة أعضاء مجلس نقابة المهن الموسيقية أن يجدوا أستاذ لغة عربية ليعلمهم معانى مفردات الكلمات لعلّهم يستوعبوا معنى "فساد مالى أو إدارى"، ومدرس لتعليم الأصول والمبادىء التى كانت تحتم عليهم عمل جمعية عمومية فى وجود نقيبهم للرد على كل اتهاماتهم المرسلة بالدليل والسند والحجة المنطقية ومجالس الاجتماعات المصورة صوت وصورة لتكون الكلمة الأخير لأعضاء الجمعية العمومية الذين منحوه ثقتهم واستأمنوه على أموالهم بدلا من عمل مؤتمر صحفى للتشهير به والخوض فى شرفه.. ولكنه اجراء بالتأكيد لن يصب فى صالح أعضاء المجلس. لا أدرى ما المسمى اللغوى السليم لوصف سياسة إستغلال ثورة 25 يناير التى انتشرت مؤخرا فى مؤسسات ووزارات عديدة.. أصبح الخلاف فى الرأى أوفى السياسة الإدارية مع رئيس المؤسسة أو الهيئة مبررا يصوره شيطان يدّعى "الحرية" لعمل تعبئة ضد هذا الرئيس.. منهم من هو طامع فى سلطة ومنهم من هو ضعيف الشخصية ومنقاد وراء القطيع ومنهم من لا يفهم شيئا مما يجرى حوله ومنهم من يحسبها بدقة لينضم للفريق الأكبر عددا حتى يضمن له مكانه اذا ما نجحت خطة الانقلاب ومنهم من هو مضلل مغيب العقل لا يستطيع تمييز الحق من الباطل.. تبدأ الخطة الاستغلالية بإثارة الزوابع حول هذا الرئيس ثم إلقاء التهم باطلا.. وتؤلف الحكاوى بصياغة دقيقة بحيث تتضمن جزء من الحقيقة ثم تليها مرحلة مزج هذه الحقائق بأكاذيب وضيعة لتختلط الحقائق بالروايات المزيفة.. سياسة إنقلاب.. أو استهبال.. أو بالأحرى سياسة استغلال للثورة وتحويلها إلى فوضى لإلباس الباطل ثياب الحق.. هل هذه هى الحرية التى أعطتكم إياها ثورة 25 يناير؟ يقول شكسبير "إننا بحاجة للخلافات أحيانا لمعرفة ما يخفيه الآخرون فى قلوبهم.. قد تجد ما يجعلك فى ذهول، وقد تجد ما تنحنى له إحتراما" وهذ المؤتمر الذى حضرته زادنى احتراما للفنان الأصيل صاحب التاريخ المشرف والاختيارات القيمة - إيمان البحر درويش- وزادنى تأكيدا أن من يستغلون الثورة ويحولونها إلى فوضى لتحقيق مصالح شخصية للأسف أكثر من شرفاء هذا البلد الذين لا يريدون إلا تطهيرها.. المزيد من مقالات ريهام عادل