فى قلب القاهرة الفاطمية العريقة، ومنذ أكثر من سبعمائة وخمسين عامًا من عمر الزمان بُنيت مجموعة قلاوون الأثرية بأمر من السلطان المنصور قلاوون عام 684ه / 1285 م ، والتى اشتملت على مسجد مزين بالمشكاوات الأثرية القيّمة ومدرسة مزخرفة بحنايا محمولة على أعمدة من الرخام، يتوسط جدرانها محراب مزخرف بالفسيفساء المذهبة تحملها أعمدة أسطوانية من الجرانيت الأحمر ، ويقبع أسفلها القبر الذى دفن به فيما بعد الملك المنصور قلاوون وابنه الملك الناصرمحمد . ضمن المجموعة يقبع البيمارستان القلاوونى الذى أنشأ كمستشفى عمومى لمعالجة شتى أنواع الأمراض آنذاك ، ولأن قلاوون كان شديد الاحتفاء بالبيمارستان ، فقد حرص على جعله فى خدمة جميع الناس بمختلف طبقاتهم ، كما اعتنى بتنظيم إدارته وخصص له قسماً كبيراً من أوقافه، ورتب فيه أطباء من شتى التخصصات وفرقاً من الصيادلة والممرضين والمعاونين رجالاً ونساء ، وزوده بأفخر الأثاث والأدوات الطبية وألحق به عيادة خارجية ، وتم تخصيصه فيما بعد لعلاج الأمراض العقلية وحدها، وبمرور الوقت ارتبطت كلمة «البيمارستان» بالأمراض العقلية من قبل العامة ، فصارت العامة تسميه بعد التحريف « مورستان » ، واستمرت الكلمة فى موروثنا الشعبى إلى الآن ، وفى عام 1915 ، اقتصر البيمارستان على علاج أمراض الرمد والعيون ،واستمر عليها حتى يومنا هذا ، وعلى الرغم من التغيرات الزمنية التى طرأت عليه وخضوعه لأعمال التحديث والتطوير عبر السنين ، إلا انه لم يتخل عن دوره فى تقديم خدماته لراغبى الخدمة الطبية المتميزة فى مجال طب العيون على مدار الساعة، ويظل المستشفى الأثرى الذى يرتاده المئات كل يوم شاهداً ناطقاً على عظمة تاريخ مصر .