فى إطار تنظيم عمليات التنقيب عن الآثار المصرية، ووضعها فى نهج علمى لحماية التربة، وإيقاف الهدر البيئي، والتنقيب العشوائي.. تم توقيع بروتوكول للتعاون بين وزارة الآثار والمعهد القومى للبحوث الفلكية والجيوفيزيقية، من أجل التكامل العلمى، والحفاظ على المعابد والآثار المصرية، لاسيما من خطر المياه الجوفية، والصرف الصحي. فى البداية، يؤكد الدكتور عباس محمد، رئيس معمل المغناطيسية الأرضية بالمعهد، أن البروتوكول يستهدف حماية البيئة والآثار المصرية، ومساعدة الأثريين فى الاستكشاف الأثري، بما يحقق منع أى هدر بيئى بسبب التنقيب غير المدروس. ويشير إلى أنه يتوافر لدى المعهد أجهزة تسهم فى تقديم صورة كاملة لكل شىء تحت الأرض سواء كانت ألغاما أو كهوفا أو آثارا أو أى أجسام أثرية، وتقوم بتحليل تلك المعلومات والبيانات لمعرفة مدى عمق مكان الأثر، عكس الطرق التقليدية، التى تعتمد على خبرة الأثرى بالموقع، والحفر بشكل عشوائى، وهو ما من شأنه أن يجرح الأثر، بجانب الهدر البيئى وهدر الوقت، وكذلك التأريخ لمعرفة عمر الأثر. ويضيف أنه يتوافر لدى المعهد أيضا التكنولوجيا التى ترسل موجات صوتية وكهرومغناطيسية إلى باطن الأرض، ثم ترتد إلينا؛ لتحديد أى اختلافات فى التربة، موضحا أن تلك الاختلافات قد تكون إشارة لاتجاه أثرى فى المكان. خطر.. وحماية ويتابع عباس أن المحور الآخر هو التركيز على حماية الآثار من التأثيرات البيئية والبشرية، مشيرا إلى أنه من المعروف فى التاريخ الفرعونى وجود المعابد فى الجزء الشرقى لنهر النيل، والمقابر فى الجزء الغربى من النيل، وقد تعرضت كثير من المعابد لهجمة من الأراضى الزراعية، والبناء العشوائى لمناطق مثل ميت رهينة، حيث يوجد بها معبد حتحور، الذى تأثر من جراء الصرف الصحى والزراعى، وكذلك معبدا الكرنك وكوم أمبو، اللذان واجها مشكلة المياه الجوفية، فضلا عن التأثيرات السلبية لتلك المياه، التى تحوى مواد حمضية تؤثر بشكل سيىء على التربة، وتؤدى الى تآكل الصخور. ويواصل: «لذلك تم وضع أسلوب للحماية يعتمد على تحديد طبقات التربة التى تحمل تلك المياه مع تحديد أماكن ومصادر الضعف المسببة خاصة إذا كان المعبد مبنيا من الحجر الجيرى، وكذلك متابعة مسارات المياه فى تلك الصخور، ومن خلال وضع نظام حماية حول الأثر يتمثل فى أسلوب محاصرة تلك المياه». ويضيف عباس أنه فى تسعينيات القرن الماضى كانت توجد مشكلة فى صرف منطقتى نزلة السمان وترعة المنصورية، مما أثر بشكل مباشر على تمثال أبو الهول، ومن خلال دراسة الهضبة لأبى الهول تمت إقامة صرف للمناطق المحيطة من خلال آبار صغيرة لشفط المياه من أجل جعل منسوب المياه منخفضا، وكذلك معبد كوم أمبو، الملاصق للنيل. ويحذر من أن أى ارتفاع لمنسوب المياه يؤدى لحدوث إذابة لبعض الصخور، لذلك تم وضع أسلوب لقياس وزن المعبد لدراسة حالة التربة من خلال قياس قوة الصخور الموجودة أسفله، ومن خلال استخدام طرق رادار أرضى وكهربى لمعرفة تركيب الصخور أسفل المعبد، كما وُضعت التوصيات للحفاظ على اتزان المعبد حتى لا تحدث له أى انهيارات. صخرة قايتباى ويضيف عباس أنه كذلك بالنسبة لقلعة قايتباى بالإسكندرية، وبسبب عمليات النحر من البحر، فإن الصخرة الأم المبنية عليها القلعة، حدث لها تآكل لبعض الأجزاء، وكانت مهمتنا كخبراء جيوفيزيقا وضع دراسة كلية للقلعة، وتقويم مستوى الصخور المكونة للقلعة، وفق ثلاثة مستويات: درجة آمنة، وأخرى متوسطة الخطورة، والثالثة عالية الخطورة، وهى المعرضة لتآكل شديد. ويوضح أنه فى البداية تم وضع ساتر مائى فى شكل بلوكات أسمنتية، لكن مع الوقت ساعدت، وبشكل عكسى، فى ازدياد التآكل الصخرى، لذلك وُضعت خوازيق وساتر إضافى لكسر أى موجات تصل للصخور، وتم إجراء عملية حقن أسمنتى للمناطق الضعيفة فى صخور القلعة، بالإضافة لوضع محطة عجلة زلزالية لرصد أى نشاط زلزالى، وأى هزات غير طبيعية يكون لها تأثير على القلعة، فضلا عن بعض المشاريع بالاسكندرية، التى يقدم المعهد من خلالها توصياته الجيوفيزيقية لحماية الآثار من تأثيرات المياه الجوفية للمنطقة الأثرية فى معبد أبو صير بالساحل الشمالى. هرم هوارة ويضيف الدكتور عباس أنه وفق التوصيات الأخيرة للدكتور خالد العنانى، وزير الآثار، بضرورة تناول موضوع هرم هوارة فى الفيوم من قبل المعهد، وهو هرم يعود للأسرة الثامنة عشرة، ومُنشأ من الطفلة فى شكل قوالب، ومازال موجودا برغم الحقب الطويلة، لكنه يعانى وجود ترعة تمر من أمامه، مسماة ببحر وهبة، فضلا عن تأثيرات الزراعات فى محيطه، مما جعل مدخل الهرم مسدودا بكميات هائلة من المياه، ومع اختلاف مناسيب المياه أدى ذلك لحدوث خلخلة للتربة المقام عليها الهرم، وبالتالى أثرت على صخور وبنية الهرم.