نجح الرئيس التركى أردوغان فى القفز على الأزمة السورية فحقق - حتى اللحظة – مكاسب كبيرة وفتح صفحات جديدة مع موسكو وطهران وبغداد فى الطريق ومع واشنطن من قبل منذ محاولة الانقلاب فى يوليو الماضي,هذه المكاسب لم تتحقق إلا بتحولات حادة فى مواقفه واللعب على كل الحبال والتضحية بأقرب أصدقائه وشركائه مادام وجد فى ذلك ما يحقق مصالحه حتى أولئك الذى ارتبطوا معه بعلاقات وشراكات استراتيجية كالمملكة السعودية مثلا التى تخلى أردوغان عن شراكتها وخطتها لإزاحة الأسد متوجها إلى كازاخستان لإبرام تحالفات واستراتيجيات جديدة بعدما وقع اتفاقا مع موسكو لوقف إطلاق النار نظن أنه أيضا لايتفق مع السياسات السعودية,ليس هذا المهم فى الأمر ولكن الإشارة واجبة إلى طبيعة السياسات التركية منذ عقود لحل إشكالية الهوية,فمرة تنكفئ على ذاتها لبعث الروح القومية ومرة ترفع شعارتركيا الأوروبية فترجو عتبات الاتحاد الأوروبى ثم تبحث عن تركيا الإسلامية فتحاول فى محيطها الإسلامى بعث العثمانية ودولة الخلافة,وفى هذه الرحلة الطويلة الشاقة تفقد تركيا الكثير من أمنها وأمانها واستقرارها وتبدل من تحالفاتها,ونأمل من واقع حبنا للسعودية الشقيقة التى نكن لها كل الاحترام والتقدير ولا يزايد أحد على هويتها العربية-الإسلامية ألا يكون قد أصابها شيء من هذا الارتباك خاصة فى التعامل مع أزمات المنطقة بعدما راهنت على واشنطن فتخلت عنها وسلكت اتجاها اخر,ثم راهنت على انقرة فخانتها بتحالفات مضادة,ةالآن تبحث عن أشياء مفقودة فى اثيوبيا بعيدا عن محيطها ومجال أمنها الوطني,لا يستطيع طرف أن يفرض على دولة مهمة كالسعودية كيفية رسم سياستها الخارجية ولكن من المهم لأمتنا العربية فى ظل هذه الظروف القاسية ألا تفقد أركان قوتها الحقيقية وألا تتشتت فى مغامرات غير محسوبة. لمزيد من مقالات عماد عريان;