الجمعة ثم الأحد.. يومان فى الأسبوع الماضى بفارق يوم بينهما.. اختيرا موعدًا للإرهاب فى القاهرة!. الإرهاب.. اختار يومين هما بمثابة عيد أسبوعى عند المسلمين والأقباط.. لإراقة الدماء المصرية.. هذا عن الموعد.. وهذه أول ملاحظة!. الملاحظة الثانية.. الهدف!. فى يوم الجمعة.. اختاروا رجال الشرطة هدفًا للإرهاب.. لإحباط الروح المعنوية للشعب عموماً وتحديداً للشرطة التى قدمت قرابة الألف شهيد خلال السنوات الخمس الماضية!. فى يوم الأحد.. العمل الإرهابى الثانى ضد رمز دينى قبطى هو كنيسة!. العملية تستهدف وحدة وطن استعصى عليهم تمزيق وحدته الوطنية طوال السنوات الماضية.. فعادوا بإرهابهم يريقون دماء أبرياء صعدت أرواحهم للسماء وهم فى صلواتهم لله!. هذه ملاحظة ثالثة!. الملاحظة الرابعة هى المكان!. العمل الإرهابى الأول فى محافظة الجيزة.. إلا أن الأخبار التى راحت للعالم كله.. أن العمل الإرهابى فى الهرم.. لمجرد أن المكان فى أحد الأحياء القريبة أو الملاصقة لشارع الهرم.. وكأن الهدف ربط العمل الإرهابى بالأهرامات.. أهم مكان أثرى ومقصد سياحى فى مصر!. الهدف.. رسالة للعالم الذى أُعلِنَ فيه مؤخرًا أن مصر من الدول الآمنة التى لا يوجد حظر على زيارتها.. وهذا معناه عودة السياحة!. العمل الإرهابى الثانى.. استهدف الكنيسة البطرسية.. القريبة جدًا من أكبر وأهم رمز دينى قبطى الكاتدرائية المرقسية فى العباسية.. والمعنى واضح فى اختيار المكان!. الملاحظات السابقة سواء كانت قريبة من الواقع أو بعيدة عنه.. هى افتراضات إن لم نقبلها لا يجب أن نرفضها.. فى مواجهة حقيقة مستحيل الاختلاف عليها وهى أننا فى حرب حقيقية ضد إرهاب وإرهابيين وليس ضد تطرف ومتطرفين!. إرهاب يهدد البشر على كل أرض فى العالم!. إرهاب ينقسم إلى مسميات عديدة ويرفع شعارات مختلفة!. إرهاب مدعوم بتمويل هائل بالسلاح والمال ودعم فوق أى تخيل بالمعلومات والتخطيطات المخابراتية من دول عديدة لا دولة واحدة!. والأخطر والأدهى أنه فى حماية دول كبيرة.. لذلك هو حقيقة موجودة على الأرض.. رأيناها ونراها تضرب فى وطننا العربى وفى أفريقيا وفى أوروبا!. البعض عندنا يرى أن عملية الجمعة الإرهابية.. هى رد فورى على تأييد محكمة الاستئناف الحكم بإعدام حبارة.. الذى هو إرهابى ولا شىء آخر!. هناك من يعتقد أن أوباما قبل أن يرحل لن يترك مصر فى حالها!. ليه؟. لأن مصر حتى هذه اللحظة لم ينفرط عقدها ولم ينقسم شعبها ويدخل فى حرب أهلية!. لم يسقط جيشها الذى كان هو الهدف وهو المستهدف بالسقوط أو بالصدام مع الشعب.. وفى الحالتين مصر تغرق فى بحور الدماء!. ما نجحوا فى تنفيذه.. فى ليبيا وفى اليمن وفى سوريا وقبلها العراق.. لم يقدروا فيه على مصر!. أوباما من 8 سنوات كانت تلك مهمته فى المنطقة كلها.. نجح فى أماكن وفشل فى مصر.. ويبدو أنه مازال يراوده الأمل!. قبل أن نتكلم عن قصور هنا أو هناك.. وقبل أن نمارس.. بعفوية أو عن عمد.. هوايتنا فى جلد الذات.. علينا ألا ننسى للحظة واحدة أن مصر تخوض حربًا عسكرية فعلية ضد الإرهاب على أرض سيناء!. وأيضًا مصر مستهدفة بعمليات إرهابية فى أى مكان على أرضها!. وأن الشعب طرف فى حرب نفسية رهيبة تستهدفه بالأكاذيب والشائعات والفتن والكراهية فى غياب إعلام الدولة الذى يُعْلِمُه بالحقيقة!. قد يقول البعض.. دعنا من كل هذا الكلام.. أليس نجاح أى عمل إرهابى.. معناه قصور أمنى؟!. أقول أنا: نظريًا نعم.. وعمليًا.. أيضا نعم.. ولكن!. مؤكد هناك قصور.. لكن المؤكد أيضاً أن رجل الشرطة فى مصر يعمل فى ظل ظروف فى الكثير من الأحيان تبدو مستحيلة ومع ذلك هو يعمل ولابد أن يعمل!. رجال الشرطة فى مصر متوسط ساعات عمل الواحد منهم 12 ساعة على الأقل فى اليوم!. أى كمين من التى تراها فى أى مكان .. الخدمة فيه 12 ساعة متواصلة.. وال 12 ساعة المتبقية ربعها طار فى المواصلات وزحمة الطرق.. وما تبقى للمسئوليات العائلية والراحة والنوم ليبدأ بعدها يوماً جديداً على نفس الحال!.. فى أمور الحراسات أو المهام الأمنية المختلفة.. الأمر قائم على اليقظة الكاملة والتركيز الدائم!. طيب.. قدرة الإنسان على التركيز واليقظة.. إلى أى وقت تستمر أو تمتد؟!. الإنسان الذى يتمتع بلياقة بدنية وذهنية ونفسية.. أقصى مدة لأقصى تركيز وأقصى يقظة.. ساعة واحدة ولابد من راحة!. رفاهية ساعة تركيز وراحة.. مستحيل العمل بها فى الشرطة.. لماذا؟! لأن الشرطة فى حاجة إلى ثلاثة أضعاف عدد الضباط الموجودين بها الآن!. هذا معناه.. أن الضباط أى ضباط فى أى رتبة فى أى مجال شُرَطى.. يعمل ضعف الوقت.. بلا راحة!. عندما يكون هذا هو الحال على أرض الواقع.. طبيعى أن تحدث أخطاء.. أول من يتمنى عدم حدوثها رجال الشرطة أنفسهم.. وعلينا أن نتفهم الظروف المستحيلة المفروضة عليهم ولابد أن يتقبلوها فى ظل الظروف البالغة الصعوبة التى يمر بها الوطن!. ما حدث فى 25 يناير وما بعدها.. كشف بكل وضوح أن عندنا قصورًا هائلاً فى عدد ضباط الشرطة!. لا يوجد فى العالم خدمة 12 ساعة متتالية!. الغير موجود فى العالم.. موجود فى الشرطة المصرية لأن عدد ضباط وزارة الداخلية أقل بكثير جدًا جدًا من حجم المهام الملقاة على عاتقهم!. النقص العددى فى الضباط.. موجود فى الأمناء وفى الصف وفى الجنود!. المعاناة تشمل الجميع فى عدد ساعات العمل.. التى تنعكس بالتأكيد على الأداء.. وعندما تكون خدمة الكمين 12 ساعة.. فمتى يحصل أفراد الكمين.. ضباط وصف جنود على راحتهم؟. وفى أى وقت يتدربون للحفاظ على كفاءتهم؟. خالص العزاء لأهالينا.. أسر شهداء الجمعة والأحد. وتحية إجلال وتقدير إلى الرجال الذين يقدمون أرواحهم فداء للوطن. ................................... طبيعى أن نشعر بكَمِّ هذا الحزن.. لكن أبدًا لن يتسلل للحظة.. الرعب لنا.. من الإرهاب!. فعلوا هذا فى الماضى فانصدموا.. ويحاولون الآن فى الوقت الضائع وسوف ينصدمون!. إيه الحكاية؟. قبل أن أسرد الحكاية.. علينا معرفة أن الحروب العسكرية بين جيوش الدول.. باتت الحل بعد الأخير الذى تفكر فيه أى دولة لديها أطماع خارج حدودها!. بمعنى أوضح.. دولة كبيرة مثل أمريكا.. بعد سقوط الاتحاد السوفيتى.. نصبت نفسها وليًا لأمر العالم.. وتورطت عسكريًا فى صراعات آخرها.. فى العراق.. ومن بعد العراق بدأ تطبيق نظام جديد.. فيه من ينوب عن أمريكا فى أى صراع مسلح.. منظمات إرهابية مدعومة بأحدث سلاح وأحدث معلومات وبما تطلبه من مال!. منظمات ترفع شعارات إسلامية ولها أسماء مختلفة.. لنحسبها مختلفة.. والحقيقة أنها كلها من رحم الإخوان.. وكلها متفقة.. ومهمتها الدخول فى معارك عسكرية مع جيوش الدول الموجودة على أرضها.. إلى أن يتم استنزاف هذه الدول العائمة على بحور الدم.. نتيجة اتساع رقعة المواجهات العسكرية.. التى بدأت بين منظمة وجيش.. وتحولت بفعل فاعل إلى صراعات طائفية وصراعات دينية وصراعات قبلية.. وسوريا أوضح مثال!. زمان.. كانت أى مواجهة عسكرية.. بين جيش وجيش.. وهذا ما حدث فى حرب 1967 التى انتهت قبل أن تبدأ.. ثم فى حرب الاستنزاف التى انتهت بحرب أكتوبر والانتصار العظيم!. ما بعد 1967 وقبل 1973.. عاشت مصر أصعب فترات حياتها!. العدو احتل سيناء والقناة هى خط النار وهى الحدود الجديدة التى يريد العدو أن يجعلها واقعًا.. حتى إنه طلب من مجلس الأمن والأمم المتحدة حقه فى نصف القناة.. وأنه موافق على إعادة فتح القناة لتيسير الأمور على دول العالم التى تأثرت اقتصاديًا من غلق القناة!. ضغوط رهيبة على مصر.. فهل استسلمت مصر؟. أبدًا ورب العزة!. أتوقف هنا لتوضيح أهم نقاط حكايتنا.. التى تتكرر بالحرف رغم أن الفارق الزمنى يقترب من نصف قرن!. صراع فرض الإرادة وقتها.. كان لجيش العدو.. لأن المنظمات الإرهابية لم يكن تم اختراعها بعد!.واليوم يريدون كسر إرادتنا بإرهاب يباركه عملياً الغرب وعملاؤه فى الشرق! زمان.. رغم أن العدو احتل سيناء.. إلا أنه فشل فى احتلال بورفؤاد وأصيب بعقدة نفسية اسمها رأس العش!. رغم أن مصر بعد 1967 كانت فى مرحلة صمود.. إلا أن مصر التى لا تعرف إلا الشموخ.. لم يكن بمقدورها تحمل عربدة العدو واستفزازاته فتخلت للحظات عن الصمود وتحولت إلى الردع وأرسلت إيلات المدمرة إلى الآخرة بصاروخين من لنش صواريخ.. أرقد المدمرة العملاقة الضخمة فى قاع البحر قبالة بورسعيد!... العدو فى هذه الفترة كان متخيلا أن انتصاره فى 1967.. سيأتى له بمصر راكعة مستسلمة!. العدو اكتشف أنه أمام شعب ليس له شبيه فى العالم!. العدو تخيل أن وصوله للقناة.. سيجعل الشعب المصرى يسقط رئيسه!. العدو فوجئ بأن الشعب رفض تنحى الرئيس عبدالناصر!. الشعب خرج كالطوفان فى كل أنحاء مصر يطالب الرئيس بالبقاء لتحرير سيناء!. العدو.. أراد أن يضغط على الشعب.. ليغير موقفه ويثور.. فاخترع ما أسماه «عملية الصدمة»!. أراد أن يصدم المصريين ويؤكد عمليًا للمصريين أنه قادر على الوصول إلى أعماق مصر!. عملية عسكرية بقوة من سلاح مظلات العدو تم إبرارها فى الصعيد.. وألقت بمتفجرات فى النيل جنوب قناطر نجع حمادى.. لتحدث انفجارات عند قناطر نجع حمادى لم يكن لها تأثيرات مادية.. لأن الهدف من العملية زلزلة معنويات المصريين.. فهل تزلزلت؟. لم يحدث والدليل أكتوبر!. العدو.. فقد أعصابه مما يحدث له فى حرب الاستنزاف!. لم يقدر على مواجهة جيش مصر الموجود على خط النار.. فراح يضرب العمق المصرى.. يضرب أهدافًا مدنية!. فجر يوم 12 فبراير عام 1970.. أغارت طائرات العدو الحربية على مصنع أبوزعبل.. أحد مصانع الشركة الأهلية للصناعات المعدنية!. العملية الدنيئة خلفت وراءها 88 شهيدًا و150 مصابًا!. هل فقد الشعب ثقته فى جيشه وقدرته على ردع العدو؟. لم يحدث.. واسألوا أكتوبر!. العدو فقد عقله من حرب الاستنزاف ومن وصول جيش مصر إلى أعماقه وضرب إيلات الميناء بواسطة ضفادع مصر البشرية وضرب إيلات المدينة وإسقاط المئات بين قتلى وجرحى.. والعملية واحدة من عمليات الشهيد عصام الدالى البالغة الجرأة والشجاعة!. تضربون أهدافًا مدنية.. نضرب لكم أهدافًا مدنية!. تسقطون 88 شهيدًا فى أبوزعبل.. نقتل لكم فوق ال200 فى مدينة إيلات! العدو فقد عقله.. وهذه المرة ضرب مدرسة أطفال فى بحر البقر!. قام بغارة جوية على مدرسة ابتدائية!. استشهد 30 طفلا!. كان ذلك فى إبريل 1970.. فهل استسلم الشعب؟. هل يئس الشعب؟. هل فقد الشعب ثقته فى جيشه؟. الإجابة جاءت واضحة فى انتصار أكتوبر العظيم!. حاولوا تصدير الرعب لمصر بكل الطرق وكل الوسائل.. فاكتشفوا أن الشعب الذى أرادوا تخويفه.. ثابت كالجبل وصامد كالزمن فى ظهر جيشه.. إلى أن حول أصعب هزيمة لأعظم انتصار!. بعد مرور 45 سنة.. تغيرت أشياء كثيرة.. وبدلا من جيش نظامى للعدو يَجُرّ شَكَل مصر.. بات الإرهاب يحارب نيابة عن جيش العدو.. أى عدو.. فى محاولة إسقاط مصر.. ظهرت القوة الجديدة فى الحروب الجديدة!. إنها المنظمات الإرهابية مثل الموجودة فى سيناء والتى لا يعرف أحد.. هى بتحارب ليه؟. إذا سألت يقولون إنهم يريدون إنشاء ولاية إسلامية!. طيب.. هل الشعب المصرى أو أغلبيته أو الربع منه على الأقل أعطاكم تفويضًا لمحاربة الدولة لأجل إنشاء الخلافة الإسلامية!. كلام مثل الصحيح.. جعلته أمريكا صحيحًا من وجهة نظرها.. لدرجة أنها ظلت حتى آخر وقت تتحدث عن داعش.. بمسمى آخر هو الولاية الإسلامية!. اخترعوا الجماعات الإرهابية وأطلقوا عليها المسميات المختلفة.. وراحوا يقنعون العالم بها.. ما علينا!. مصر كانت أول دولة فى المنطقة.. ستشهد إعلان إمارة إسلامية على أراضيها فى 5 يوليو 2013.. وماتت الإِمَارَة قبل أن تولد!. الشعب المصرى العبقرى فى حماية جيشه.. نسف المؤامرة يوم أسقط الإخوان فى 30 يونيو!. مصر من يومها تواجه إرهابًا من كل نوع!. جماعات إرهابية فى سيناء.. مدعومة بأحدث سلاح وأحدث معلومات وأكبر تمويل!. خلايا إرهابية يمكن أن تكون موجودة فى أى مكان!. أجهزة مخابرات خارجية تحركها وتمولها وتمدها بالمعلومات!. الإرهابيون الذين يقاتلون فى سيناء.. أو فى محافظات مصر.. البديل لأى جيش نظامى لأى عدو لمصر!. هم من يتولون تنفيذ مهمة تقسيم مصر!. هم من يحاربون بالإنابة أو الوكالة عن الصهاينة وعن صاحب مشروع الشرق الأوسط!. لو كان الصهاينة نجحوا فى إخضاع مصر وفرض آرائهم بالقوة على مصر.. يمكن لهؤلاء الإرهابيين أن ينجحوا!. الصهاينة.. بعد 1967 وحتى 1973.. جربوا كل الأساليب الإرهابية!. ضربوا فى العمق!. ضربوا المدنيين فى قطاع العمال لأجل أن يثور العمال!. ضربوا الأطفال.. لأجل أن يُسَلِّم الشعب!. ماذا حدث؟. الذى حدث.. زلزال فى أكتوبر 1973. انتصار ساحق للعرب وهزيمة ساحقة للصهاينة!. أصعب فترة مرت على مصر عمرها 6 سنوات من 1967وحتى 1973.. بعد نصف قرن تعيش مصر الفترة الأصعب الآن فى حربها ضد الإرهاب الذى يحاربنا بالإنابة عن جيش أى عدو لمصر!. بعد 50 سنة.. هم يحاولون إخافة المصريين.. بإراقة دماء النساء والأطفال... لو كان المصريون يعرفون الخوف زمان.. يمكن أن يخافوا الآن!. الشعب حزين على شهدائه.. لكنه أبداً لن تنكسر إرادته...!. يا حبيبتى يا مصر.. أبداً لا تخافى!. لمزيد من مقالات إبراهيم حجازى