لا يجب اختزال تحديث الخطاب الدينى فى الخطبة الموحدة.. والأزهر قلعة مستنيرة لإحياء صحيح الدين ارتفاع سعر صرف الدولار لن يستمر طويلا ولا يعبر عن حقيقة الاقتصاد التقارير تؤكد إنفاق دول أموالا لتخريب مصر.. والشعب حافظ عليها من الهدم
طمأن الرئيس عبدالفتاح السيسي الشعب المصري بأن البلاد تسير علي الطريق الصحيح من خلال القرارات الاقتصادية الإصلاحية الأخيرة، وأعرب عن تقديره جيدا للظروف الصعبة التي يعيشها المواطنون في ظل ارتفاع الأسعار في الفترة الاخيرة، مؤكدا أن الدولة تتدخل من أجل توفير السلع الأساسية بأسعار مناسبة خلال الستة أشهر المقبلة. جاء ذلك خلال كلمته التي ألقاها أمس خلال الاحتفالية التي أقامتها وزارة الأوقاف بمناسبة المولد النبوي الشريف، والتي نفي خلالها الشائعات التي ترددت اخيرا عن زيادة سعر رغيف الخبز المدعم، مشددا علي أنه لم ولن يمس سعر هذا الرغيف. وأشار إلي أن مصر تنتج نحو 450 مليون رغيف يوميا بواقع نحو 5 أرغفة لكل مواطن، وأن تكلفة الرغيف الذي يباع بخمسة قروش كانت ما بين 35 الي 40 قرشا قبل الاجراءات الاقتصادية الأخيرة، إلي أن وصل بعدها إلي ما بين 55 و 60 قرشا. وأضاف أن الدولة تحملت زيادات في بعض السلع وصلت إلي 60%، إلا أنها حرصت علي استقرار الأسعار. وأكد الرئيس أن قضية ارتفاع سعر صرف الدولار لن تستمر طويلا، مشيرا إلي أن السعر الحالي الذي يتراوح بين 17 و 18 جنيها لا يعبر عن سعره الحقيقي وفقا للاقتصاد المصري، وموضحا أن التوازن في سعر صرف الدولار سيستغرق عدة أشهر، لذلك تم التفكير في توفير السلع الأساسية التي تمس احتياجات المواطنين بأسعار مناسبة. وشدد الرئيس خلال كلمته علي أن الدولة لا تتواني عن مكافحة الفساد بصرامة وحسم، وأنها تعمل بعزم لا يلين لضمان تكافؤ الفرص بين أبناء الوطن. ووجه التحية لهيئة الرقابة الإدارية علي ما تبذله من جهد من اجل مواجهة الفساد، مشددا علي أن الدولة تواجه الفساد بجدية مع حرصها علي استخدام آليات القانون، حتي لا يكون هناك تجاوزات أو مظالم، مشيرا إلي أن الأمر ليس هينا، وأنه إذا كان هناك حجم فساد ضخم في بلادنا، فمواجهته لن تكون فقط بالإرادة السياسية أو مجهودات المؤسسات، بل ينبغي أن تكون هناك قناعة من الرأي العام بضرورة مواجهته، مؤكدا ان الجميع ينبغي أن يواجه الفساد. وشدد الرئيس علي أنه لا مجاملة لأحد، وكشف عن إصداره خطابات شهرية من الرئاسة إلي الوزراء من أجل تأكيد مبدأ عدم المحسوبية أو مجاملة أحد، مشيرا إلي أنه يفاجأ أحيانا بوجود من يريد مجاملة أحد الأقارب، معربا عن استغرابه لهذا الامر. وأقسم الرئيس بأنه لم يحاب أحدا حتي أولاده في عملهم، وناشد المسئولين عدم تصديق من يدعون أنهم يعملون برئاسة الجمهورية، مشيرا إلي أنه إذا أراد شيئا منهم فسوف يقوم بالاتصال بهم بشكل شخصي. وطالب المسئولين بالثقة في النفس وفي الله، وألا يقبلوا المحاباة والمجاملة لتوظيف أحد، مما يعد نوعا من أنواع الفساد، وشدد علي أن جميع المواطنين سواء وينبغي ان يأخد كل ذي حق حقه. وحيا الرئيس السيسي الشعب المصري لضربه المثل في الوقوف مع الدولة، في الوقت التي احتارت الدنيا كلها الشهر الماضي لعدم تحرك الشعب، مؤكدا أن ذلك يدل علي عظمة الشعب المصري رغم ما يواجهه من مصاعب أنهكته خلال الفترة الماضية. وقال إن الشعب المصري لم يقف بجانبه او يحافظ عليه شخصيا بل وقف بجانب مصر وحافظ عليها، مشيرا إلي أنه كان هناك من يراهن الشهر الماضي بقلب الأوضاع في البلاد، ولافتا أيضا إلي أنه كان صعبا عليه أن يسمع هذا الكلام في ظل تقارير للأجهزة الرقابية عن وجود دول تنفق أموالا حتي تخرب البلاد وتقوم بهدمها، بدلا من أن تخفف معاناة الناس وتساعدهم، قائلا: «اتركونا في حالنا بس ونحن سنقدر أن نكون كويسين». وأوضح أن مصر تأخرت كثيرا في الإصلاح، وأنها سارت في الطريق الأصعب، مشيرا إلي أن الخيار كان أمامه أن نبدأ الآن أو أن يتركها لغيره، ومؤكدا أنه لو ضاعت البلاد فسيكون مسئولا أمام الله. وقال إنه كان يعلم أنه إذا ما تركنا البلاد هكذا كانت سوف تضيع، وإنه أصر علي تحمل المسئولية وقال إنه لا يوجد خيار آخر سوي ما نقوم به حاليا. وأضاف أن السنوات الست السابقة منذ 25يناير كانت تكلفتها غالية علينا، فضلا عن سنوات سابقة تأخر فيها الإصلاح، مشيرا إلي أن رواتب القطاع الحكومي زادت من 80 مليار جنيه إلي 230 مليارا، بزيادة 150 مليار جنيه سنويا لم تقابلها زيادة في موارد الدولة، الأمر الذي أدي إلي أن تلجأ الدولة إلي الاقتراض، حيث اقترضت نحو 900 مليار علي مدي 6 سنوات، تحتاج إلي نحو 150 مليارا إضافية كل عام لخدمة هذا الدين. وأكد الرئيس السيسي أنه علي الرغم من المكتسبات العديدة التي حصلنا عليها خلال السنوات الست الماضية، فقد نتج عنها تحديات كثيرة ينبغي مواجهتها، مشيرا إلي أنه دائم الحديث مع الحكومة لتخفيف الأعباء علي الفئات الأقل دخلا، حتي يكونوا قادرين علي تحمل الظروف الصعبة، وموضحا أنه كلف الحكومة بتوفير السلع الأساسية بأسعار مناسبة لمدة 6 أشهر. وأوضح انه كان من المعلوم لدي خبراء الاقتصاد منذُ عقود أن اقتصادَنا في حاجةٍ إلي إصلاحٍ هيكلي.. يصل إلي جذورِ بنيتِه ولا يكتفي بالفروعِ والقشور، مشيرا إلي أن قرارات الإصلاح الاقتصادي ليست نزهةً أو مهمةً سهلة، وإنما مشقةٌ وصبر وتضحية، وأنه بدون هذا الدواء فإننا نستمر في إضعافِ أنفسنا وصولا للتوقف التام، وهو ما لم ولن نسمح به أبداً. وقال إننا معاً نقود تحولا ضخما يسيرِ علي خطي مدروسة، ولا نطبّقُ أجنداتٍ اقتصادية نمطية، بل نتبع منهجاً علمياً يراعي بدقة المتطلبات الخاصة لاقتصادِنا في هذه الظروف. وأكد الرئيس أن الدولة تسمع صوتَ الألم الذي يتسبب فيه الإصلاحُ الحقيقي وتشعر به، وأنها تعمل جاهدة علي تخفيفه من خلال التوسع في شبكات الحماية الاجتماعية، مشددا علي ان الدولة تسير مع المواطنين علي الطريق الصحيح، وأننا لن ينال من عزيمتنا المشككون، ولن نُسلّمَ عقولَنا كمصريين لمن يتمنون عودتنا إلي الوراء، بل سنستكمل ما بدأناه لنصل بعون الله وتوفيقِه إلي أن تصبح مصر عزيزة قوية مزدهرة. وقال إن طريقاً طويلاً ينتظرُنا إذا ما أردنا إحياءً حقيقياً لذكري النبيّ العظيم، من خلال العملِ الشاق مع الأملِ في غَدٍ أفضل، فضلا عن الصبرِ علي مشقّة الطريق مع التطلع إلي جزاء الصابرين المجتهدين. وأشار إلي أننا نحتاج إلي مقاربةٍ شاملة لجميع قضايانا وتحدياتنا، وأن التركيزَ علي جانبٍ واحد لن يجدي نفعاً، موضحا أن الرسول عليه الصلاة والسلام قاد ثورةً هائلة من التحولات الفكرية والاجتماعية والاقتصادية والسياسية، ونحن إذ نقتدي بسنته العطرة نأمل في أن نواجه قضايانا بنفس الجرأة والشجاعة التي تحلي بها النبي الكريم. وشدد الرئيس السيسي أن أول التحديات التي نعاني منها منذ فترة طويلة هو انفصال خطابِنا الديني عن جوهر الإسلام ذاتِه، وعن احتياجات عصرنا الحالي، وقال إن علماءنا ومفكرينا تحدثوا من قبل عن احتياجنا الملح لتحديث الخطاب الديني، لتصويب ما تراكم داخله من مفاهيم خاطئة، سواءٌ تراكمت بفعل مرور الزمن وتعاقب السنين، أو بفعل فاعلين أرادوا إخفاءَ نوايا الشرِ بداخلهم وراءَ غطاء مقدس يبررون به إرهابَهم للأبرياءِ، ويُعطون لأنفسِهِم حصانةً من العقاب، مؤكدا انهم سينالون هذا العقاب بقدر ما أفسدوا في الأرض وتسببوا في كثيٍر من الأذي والدمارِ والألم. كما شدد علي أننا سنستكمل بنفسِ العزم الذي لا يلين باقي جوانب المعركة، ونؤكدُ أنه لا مكان للإرهاب وجماعاتِه وأفكارِه وممارساتِه داخل مصر، مشيرا إلي أنّ مواجهتنا لهذا الإرهاب بالوسائل العسكرية والأمنية ستستمر، وستظل تضحياتِ أبنائِنا من القوات المسلحة والشرطة المدنية مصدرَ إلهامٍ وإعزاز لكل مصريٍّ ومصرية، ولن تضيعَ هدرا. وقال الرئيس إن تصويب الخطاب الديني وتحديثه ليس ترفاً أو رفاهية بل ضرورة، ويجب أن نتوقف أمامه كثيراً، خاصةً أن فكرة الأديان بأكملها أصبحت في عالمنا اليوم تُنتهك ويتم الرجوع عنها والتحسب منها علي ضوء ما يشهده العالم من أعمال وحشية ترتكب باسم الدين، مما جعل بعض الناس تنبذ وتكفر بفكرة الأديان بأكملها. واضاف أننا بتصويب الخطاب الديني لا ندافع عن الدين الإسلامي الحنيف فقط، بل عن جميع الأديان وجوهر أفكارها، مما يجعل تصويب الخطاب الديني أحد أهم القضايا علي الاطلاق. وكشف عن انه تحدث خلال الفترة الماضية حول هذا الموضوع مع وزير الأوقاف، وأكد له أن تصويب الخطاب الديني لا يجب أن يمس الثوابت، بل هو دعوة لاستخدام مفردات العصر ومقتضياته والاجتهاد من أجل تحديث التفسيرات والتوصل إلي الفهم الحقيقي للدين حتي يُمكن التغلب علي حالة التشرذم التي تعاني منها المجتمعات، ولاسيما في مصر. واشار إلي أنه أعرب عن حاجتنا إلي تشكيل لجنة من كبار علماء الدين والاجتماع وعلم النفس للتباحث في نقاط القوة والضعف التي يعاني منها المجتمع المصري، لتقوم بتنقية النصوص وصياغة خارطة طريق تتضمن المناسبات الدينية المختلفة علي مدار العام، وتضع خطة محكمة علي مدي خمس سنوات تهدف إلي ترسيخ الفهم الديني الصحيح علي مستوي الجمهورية بجميع محافظاتها. وشدد الرئيس علي انه لا يجب اختزال موضوع تصويب الخطاب الديني في فكرة الخطبة الموحدة. وأكد تقديره الكبير للدور الذي يقوم به الأزهر الشريف كقلعة مستنيرة تسهم في إحياء صحيح الدين، لاسيما علي ضوء سعي البعض لترويع الناس بالدين وهدم الدولة من أجل أفكار هدامة، وينفقون في سبيل ذلك أموالاً طائلة، مشيرا إلي ان هؤلاء قد راهنوا الشهر الماضي علي ضياع الوطن، قائلا: إن الله معنا، خاصةً واننا لم نتآمر ضد أحد، أو نخن أو نقتل أحدا، بل سنظل نبني ونُعمر ونصلح. وفيما يلي نص كلمة الرئيس السيسي خلال الاحتفال بذكري المولد النبوي الشريف «بسم الله الرحمن الرحيم» فضيلة الإمام الأكبر شيخ الأزهر الشريف، السادة العلماء والدعاة الأجلاء، السيدات والسادة، اسمحوا لي في البداية أن أتوجه بالتهنئة لشعب مصر.. ولكافة الشعوب العربية والإسلامية.. بمناسبة ذكري مولد نبينا الكريم صلواتُ اللهِ عليهِ وسلامُه.. وأدعو الله سبحانه وتعالي أن يعيد هذه الذكري بالخير علي الشعب المصري العظيم.. وعلي كل مسلم ومسلمة في كافة ربوع الأرض.. إنّ احتفالَنا بذكري نبيّ الرحمةِ والهدي.. لهو مناسبةٌ طيبة للتعمق بهدوءٍ وسَكينةٍ في أحوالنا.. مقارنين بين الأمس واليوم.. وقاصدين الإجابةِ عن أسئلةِ العصر الذي نعيشُ فيه.. مستلهمين في ذلك عظمةَ تراثِنا ودروسَه الخالدة.. وأقول لكم بكل صراحةٍ ووضوحْ.. انّ طريقاً طويلاً ينتظرُنا.. إذا ما أردنا إحياءً حقيقياً لذكري النبيّ العظيم.. إنه طريقٌ من العملِ الشاق مع الأملِ في غَدٍ أفضل.. ومن الصبرِ علي مشقّة الطريق مع التطلع إلي جزاءِ الصابرين المجتهدين.. ومن الجَلَد علي مواجهة الشدائد مع الإيمان بالنجاح في مسعانا نحو التقدم والازدهار.. وخلال هذا الطريق.. يجب أن نعلم أننا نحتاج إلي مقاربةٍ شاملة لجميع قضايانا وتحدياتنا.. وأن التركيزَ علي جانبٍ واحد لن يجدي نفعاً.. فالرسول عليه الصلاة والسلام قاد ثورةً هائلة من التحولات الفكرية والاجتماعية والاقتصادية والسياسية.. ونحن إذ نقتدي بسنته العطرة.. نأمل في أن نواجه قضايانا بنفس الجرأة والشجاعة التي تحلّي بها النبي الكريم صلواتُ اللهِ وسلامُه عليهِ.. إن أول التحديات التي نعاني منها منذ فترة.. هو انفصال خطابِنا الديني عن جوهر الإسلام ذاتِه.. وعن احتياجات عصرنا الحالي.. إننا تحدثنا من قبل في هذا الأمر.. وأجمع علماؤنا ومفكرونا علي احتياجنا الماس لتحديث الخطاب الديني.. لتصويب ما تراكم داخله من مفاهيم خاطئة.. سواءًٌ تراكمت بفعل مرور الزمن وتعاقب السنين.. أو بفعل فاعلين أرادوا إخفاءَ نوايا الشرِ بداخلهم وراءَ غطاءٍ مقدس.. يبررون به إرهابَهم للأبرياءِ من خَلْقِ الله.. ويُعطون لأنفسِهِم حصانةً من العقاب.. وهو آتٍ لهم لا ريب.. بقدر ما أفسدوا في الأرض وتسببوا في كثيٍر من الأذي والدمارِ والألم.. إننا مطالبون اليوم بوقفةٍ مع النفس نستلهمها من سيرة النبي الكريم.. ونواجه فيها بجرأةٍ وشجاعة ما نعلم جميعاً أنه دخيلٌ علي ديننا الحنيف.. فنصوبُهُ إلي صحيحِ الإسلام وأصلِ رسالةِ اللهِ سبحانَه وتعالي للبشر.. وقفة مع النفس نرفض فيها ما يعادي العقل.. ويعادي الإنسانية.. نقوم بتحديث التفسيرات التي اجتهد فيها مَن سبقونا.. فنجتهد نحنُ بدورنا لنصنع السلامَ داخل بلادنا بالإيمان والعلم.. كي نُشهد الله ونُشهد العالم أنّ الإسلامَ كما هو دينٌ عظيم.. فإنه قد خَلَقَ أمةً عظيمةً كذلك.. تستطيع تجديد ذاتِها.. والمساهمة في تطور الحضارةِ الإنسانيةِ بما يليق بعظمة دينها.. إننا وإذ نؤكد عزمَنا خوضَ هذه المعركةِ الفكريةِ الكبري.. معركة تصويبِ الخطابِ الديني وتحديثِه.. لا تفوتُنا الإشارة إلي أننا سنستكمل بنفسِ العزم الذي لا يلين باقي جوانب المعركة.. نؤكدُ أنه لا مكان للإرهاب وجماعاتِه وأفكارِه وممارساتِه داخل مصر.. إنّ مواجهتنا إياه بالوسائل العسكرية والأمنية ستستمر.. وستظل تضحياتُ أبنائِنا من القوات المسلحة والشرطة المدنية مصدرَ إلهامٍ وإعزاز لكل مصريٍّ ومصرية.. ولن تضيعَ هدراً.. بل ستثمر وطناً آمناً أبيّاً ننعم فيه وينعم أبناؤنا بالحياة الكريمة.. وأود هنا الإشارة إلي أننا سبق أن تحدثنا عن موضوع تصويب الخطاب الديني وتحديثه في أكثر من مناسبة، وهو ليس ترفاً أو رفاهية بل ضرورة، ويجب أن نتوقف أمامه كثيراً، خاصةً وأن فكرة الأديان بأكملها أصبحت في عالمنا اليوم تُنتهك ويتم الرجوع عنها والتحسب منها علي ضوء ما يشهده العالم من أعمال وحشية ترتكب باسم الدين، مما جعل بعض الناس تنبذ وتكفر بفكرة الأديان بأكملها. لذا، فإننا بتصويب الخطاب الديني لا ندافع عن الدين الإسلامي الحنيف فقط، بل عن جميع الأديان وجوهر أفكارها، مما يجعل تصويب الخطاب الديني إحدي أهم القضايا علي الاطلاق. ولقد تحدثت خلال الفترة الماضية حول هذا الموضوع مع السيد وزير الأوقاف، وأكدت له أن تصويب الخطاب الديني لا يجب أن يمس الثوابت، بل هو دعوة لاستخدام مفردات العصر ومقتضياته والاجتهاد من أجل تحديث التفسيرات والتوصل إلي الفهم الحقيقي للدين حتي يُمكن التغلب علي حالة التشرذم التي تعاني منها المجتمعات، ولاسيما في مصر. وقد أعربت عن حاجتنا إلي تشكيل لجنة من كبار علماء الدين والاجتماع وعلم النفس للتباحث في نقاط القوة والضعف التي يعاني منها المجتمع المصري، لتقوم بتنقية النصوص وصياغة خارطة طريق تتضمن المناسبات الدينية المختلفة علي مدار العام، وتضع خطة محكمة علي مدي خمس سنوات تهدف إلي ترسيخ الفهم الديني الصحيح علي مستوي الجمهورية بكافة محافظاتها. ولايجب اختزال موضوع تصويب الخطاب الديني في فكرة الخطبة الموحدة. وأسمحوا لي في هذا الإطار أن أؤكد علي تقديري الكبير للدور الذي يقوم به الأزهر الشريف كقلعة مستنيرة تسهم في إحياء صحيح الدين، لاسيما في ضوء سعي البعض لترويع الناس بالدين وهدم الدولة من أجل أفكار هدامة، وينفقون في سبيل ذلك أموالاً طائلة، وراهن هؤلاء الشهر الماضي علي ضياع الوطن، ولكنني أقول لهم إن الله معنا، خاصةً واننا لم نتآمر ضد أحد، أو نخن أو نقتل أحدا، بل سنظل نبني ونُعمر ونُصلح.. ونؤكد أنّ رؤيةَ مصر لمنطقة الشرق الأوسط تقوم علي احترام سيادة الدولة الوطنية.. وعلي حثّ المجتمع الدولي علي التكاتف من أجل القضاءِ علي جماعاتِ الإرهاب.. وعلي عدم التفرقة بين الأخطار التي تمثلها تلك الجماعات ومعاملتها جميعاً بمعيارٍ واحد. السيدات والسادة.. إن الجرأةَ والشجاعةَ التي واجه بها نبيُّنا الكريم قضايا عصرِه.. تقتضي منّا التدبّرَ بعمقٍ في حقيقةٍ بسيطةٍ وواضحة.. وهي أن كثيراً من مشكلاتِنا المعاصرة تفاقمت نتيجةَ التردد في مواجهتها.. وأنه لو تم التعاملِ الجاد مع مشكلاتِنا في مهدها.. لما كانت قد تشابكت وتعقدت وارتفعت تكلُفَة حَلها اليوم.. وأضربُ لكم مثلاً بالوضع الاقتصادي.. فمن المعلوم لدي خبراء الاقتصاد منذُ عقود.. أن اقتصادَنا في حاجةٍ إلي إصلاحٍ هيكلي.. يصلُ إلي جذورِ بنيتِه ولا يكتفي بالفروعِ والقشور.. ونعلمُ جميعاً كمصريين.. كما يعلم معنا العالم أجمع.. أن قرارات الإصلاح الاقتصادي تلك ليست نزهةً أو مهمةً سهلة.. وإنما مشقةٌ وصبرٌ وتضحية.. وأنه بدون هذا الدواء فإننا نستمر في إضعافِ أنفسنا وصولاً ..لا قدر الله.. للتوقف التام.. وهو ما لم ولن نسمح به أبداً.. لقد بدأنا طريقاً صعباً.. قررنا نحن المصريين جميعاً بشجاعةٍ أن نسير فيه.. وأن نواجِهَ صِعابَهُ بقلوبٍ ثابتة.. معتمدين فيه علي أنفسنا وعلي الله سبحانه وتعالي.. نصنع أملاً للأجيال القادمة.. وننقذُ أنفسنا من واقعٍ اقتصادي صعب لو تركناه دون مواجهةٍ لطغي علينا ونال من مستقبلنا ومستقبل أولادنا.. إننا معاً نقود تحولاً ضخماً.. يسيرِ علي خُطيٍ مدروسة.. لا نطبّقُ أجنداتٍ اقتصاديةٍ نمطية.. بل نتبع مِنهجاً علمياً يراعي بدقة المتطلبات الخاصة لاقتصادِنا في هذه الظروف.. نهدف لجعل مصر دولةً تنموية.. نفتحُ بلادَنا للاستثمارِ الجاد.. الذي يتيح فرصَ عملٍ لشبابِنا.. وينقل إلينا تكنولوجيا حديثةً متطورة.. نهدف لصنع تعاونٍ خلاق بين الدولة والقطاع الخاص المصري والأجنبي.. لا نتواني عن مكافحة الفساد بصرامةٍ وحسم.. ونعمل بعزمٍ لا يلين علي ضمانِ تكافؤِ الفرص بين جميع أبناء الوطن.. وأود في هذا السياق أن أوجه التحية لهيئة الرقابة الإدارية علي الجهود التي تبذلها، وأؤكد أننا سنواصل مواجهة الفساد بكل قوة، ومع الحرص علي اتباع الآليات القانونية اللازمة. كما أؤكد علي أن مواجهة الفساد لن تتم فقط بالإرادة السياسية، ولكن لابد من وجود قناعة لدي الرأي العام بأهمية مكافحة الفساد.. وأن نواجهها كلنا دون مجاملة أحد. ومن جانبي، فإنني أرسل كل شهر خطاباً إلي جميع مؤسسات الدولة للتأكيد علي ضرورة عدم مجاملة أحد. أناشد من هذا المقام جميع المسئولين بعدم مجاملة أحد، فالجميع سواسية أمام القانون. وخلال كل ذلك.. نسمعُ صوتَ الألم الذي يتسبب فيه الإصلاحُ الحقيقي.. نشعر به.. ونعمل جاهدين علي تخفيفه من خلال التوسع في شبكات الحماية الاجتماعية.. نتعاطفُ مع كلِّ مَن يكافحُ بشرفٍ وبطولة لتوفيرِ حياةٍ كريمةٍ لنفسِه وأولادِه وأسرتِه.. نؤكد له أن الدولةَ بكافة أجهزتِها ومؤسساتِها تبذل قصاري الجهد لتوفير حياةٍ أفضل لكل مصري ومصرية.. نؤكد لكل المكافحين بشرف علي أرض مصر.. أننا معكم.. وأننا نسير معاً علي الطريق الصحيح.. لن ينال من عزيمتنا المشككون.. ولن نُسلّمَ عقولَنا كمصريين لمن يتمنون عودتنا إلي الوراء.. سنستكمل ما بدأناه.. وسنصل بعون الله وتوفيقِه إلي وجهتنا: مصر عزيزة قوية مزدهرة. إنني أدرك صعوبة الظروف وغلاء الأسعار، إلا أنني أود التأكيد علي أننا تأخرنا في الإصلاح، وهو ما اضطرنا إلي اتخاذ القرارات الاقتصادية الأخيرة، وقد كان أمامنا خياران، فإما البدء الآن باتخاذ إجراءات اصلاح حقيقي وملموس، وإما التأجيل حتي يتخذ غيرنا تلك القرارات الصعبة وإن كان ذلك سيؤدي إلي ضياع البلاد، لذلك لم يكن هناك خيار آخر غير الإجراءات التي تم اتخاذها. كما أشير إلي أن السنوات الست الماضية كانت تكلفتها باهظة.. ندفعها الآن من خلال الإصلاح، فقد ارتفع بند المرتبات وحده خلال السنوات الماضية من 80 مليار جنيه إلي 230 مليار جنيه، في حين لم تكن هناك موارد لتغطية هذا الفارق، والذي يتم اقتراضه حتي وصل ما تم اقتراضه لهذا البند فقط إلي 900 مليار جنيه، تُقدر خدمتها فقط ب150 مليار جنيه. لقد حققت السنوات الماضية مكاسب حقيقية، إلا أنها أيضاً ولدت تحديات، ونعمل جاهدين علي تخفيف تداعيات القرارات الاقتصادية من علي كاهل الفئات محدودة الدخل. وأعتقد أن السعر الحالي لصرف الدولار لن يستمر كثيراً لأنه ليس السعر الحقيقي، إلا أن ذلك سيأخذ وقتاً. لذا، فقد وجهت الحكومة بالعمل علي توفير السلع الغذائية الأساسية بأسعار مناسبة في الأسواق والحفاظ علي مخزون استراتيجي منها لستة أشهر علي الأقل لاحتواء تبعات غلاء الأسعار علي الفئات الأكثر احتياجاً، كما أؤكد علي أن سعر رغيف العيش لم ولن يُمس، فالدولة حريصة علي استمرار وثبات أسعار الخدمات التي تقدمها رغم الزيادة التي تتحملها الدولة في تكلفة هذه الخدمات. وأوجه في هذا السياق كل التحية والتقدير للشعب المصري، الذي أثبت أنه شعب عظيم، وقف إلي جانب بلاده وحافظ عليها من كل سوء ومكر الطامعين الذين ينفقون أموالاً لهدم الدولة بدلاً من مساعدتها في تخفيف معاناة الناس. وفي الختام أدعوكم جميعاً لأن نستلهم صفاتَ النبي العظيم.. نبي الرحمة المهداة.. فيما تحلي به من حكمةٍ وصبٍر علي المكاره.. وفيما امتلأ به قلبُه من شجاعةٍ نابعةٍ من الثقةِ المطمئنةِ في الله سبحانه وتعالي.. وفي رحمته وعطفه علي الضعيف وحزمِه وشدتِه أمام الطاغي المفسد في الأرض. أشكركم.. وكل عام وأنتم بخير..... والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.