أكد الرئيس عبدالفتاح السيسي أن سعر رغيف الخبز لن يشهد أي زيادة بعد الإجراءات الاقتصادية الأخيرة. وقال في كلمته في الاحتفال بذكري المولد النبوي الشريف أمس إن تكلفة رغيف الخبز كانت تتراوح بين 35 و40 قرشاً إلا أنها ارتفعت إلي 65 قرشاً بعد الإجراءات الاقتصادية الأخيرة سعر رغيف الخبز لم يمس ولن يمس. وأكد الرئيس أنه لا مكان للإرهاب وجماعاته داخل مصر. وأن تضحيات القوات المسلحة والشرطة ستظل مصدر إعزاز لكل مصري. .. وفيما يلي نص كلمة الرئيس : فضيلة الإمام الأكبر شيخ الأزهر الشريف. السادة العلماء والدعاة الأجلاء. السيدات والسادة. اسمحوا لي في البداية أن أتوجه بالتهنئة لشعب مصر.. ولكافة الشعوب العربية والإسلامية.. بمناسبة ذكري مولد نبينا الكريم صلواتُ اللهِ عليهِ وسلامِه.. وأدعو الله سبحانه وتعالي أن يعيد هذه الذكري بالخير علي الشعب المصري العظيم.. وعلي كل مسلم ومسلمة في كافة ربوع الأرض. إنّ احتفالَنا بذكري نبيّ الرحمةِ والهدي.. لهو مناسبةى طيبة للتعمق بهدوءي وسَكينةي في أحوالنا.. مقارنين بين الأمس واليوم.. وقاصدين الإجابةِ عن أسئلةِ العصر الذي نعيشُ فيه.. مستلهمين في ذلك عظمةَ تراثِنا ودروسِه الخالدة. وأقول لكم بكل صراحةِ ووضوحْ.. إنّ طريقاً طويلاً ينتظرُنا.. إذا ما أردنا إحياءً حقيقياً لذكري النبيّ العظيم.. إنه طريقى من العملِ الشاق مع الأملِ في غَدي أفضل.. ومن الصبرِ علي مشقّة الطريق مع التطلع إلي جزاءَ الصابرين المجتهدين.. ومن الجَلَد علي مواجهة الشدائد مع الإيمان بالنجاح في مسعانا نحو التقدم والازدهار. وخلال هذا الطريق.. يجب أن نعلم أننا نحتاج إلي مقاربةي شاملة لجميع قضايانا وتحدياتنا.. وأن التركيزَ علي جانبي واحد لن يجدي نفعاً.. فالرسول عليه الصلاة والسلام قاد ثورةً هائلة من التحولات الفكرية والاجتماعية والاقتصادية والسياسية.. ونحن إذ نقتدي بسنته العطرة.. نأمل في أن نواجه قضايانا بنفس الجرأة والشجاعة التي تحلّي بها النبي الكريم صلواتُ اللهِ وسلامِه عليهِ. إن أول التحديات التي نعاني منها منذ فترة.. هو انفصال خطابِنا الديني عن جوهر الإسلام ذاتِه.. وعن احتياجات عصرنا الحالي.. إننا تحدثنا من قبل في هذا الأمر.. وأجمع علماؤنا ومفكرونا علي احتياجنا الماس لتحديث الخطاب الديني.. لتصويب ما تراكم داخله من مفاهيم خاطئة.. سواءى تراكمت بفعل مرور الزمن وتعاقب السنين.. أو بفعل فاعلين أرادوا إخفاءَ نوايا الشرِ بداخلهم وراءَ غطاءي مقدس.. يبررون به إرهابَهم للأبرياءِ من خَلْقِ الله.. ويُعطون لأنفسِهِم حصانةً من العقاب.. وهو آتي لهم لا ريب.. بقدر ما أفسدوا في الأرض وتسببوا في كثيير من الأذي والدمارِ والألم. إننا مطالبون اليوم بوقفةي مع النفس نستلهمها من سيرة النبي الكريم.. ونواجه فيها بجرأةي وشجاعة ما نعلم جميعاً أنه دخيلى علي ديننا الحنيف.. فنصوبُهُ إلي صحيحِ الإسلام وأصلِ رسالةِ اللهِ سبحانَه وتعالي للبشر.. وقفةى مع النفس نرفض فيها ما يعادي العقل.. ويعادي الإنسانية.. نقوم بتحديث التفسيرات التي اجتهد فيها مَن سبقونا.. فنجتهد نحنُ بدورنا لنصنع السلامَ داخل بلادنا بالإيمان والعلم.. كي نُشهد الله ونُشهد العالم أنّ الإسلامَ كما هو دينى عظيم.. فإنه قد خَلَقَ أمةً عظيمةً كذلك.. تستطيع تجديد ذاتِها.. والمساهمة في تطور الحضارةِ الإنسانيةِ بما يليق بعظمة دينها. إننا وإذ نؤكد عزمَنا خوضَ هذه المعركةِ الفكريةِ الكبري.. معركة تصويبِ الخطابِ الديني وتحديثِه.. لا تفوتُنا الإشارة إلي أننا سنستكمل بنفسِ العزم الذي لا يلين باقي جوانب المعركة.. نؤكدُ أنه لا مكان للإرهاب وجماعاتِه وأفكارِه وممارساتِه داخل مصر.. أنّ مواجهتنا إياه بالوسائل العسكرية والأمنية ستستمر.. وستظل تضحياتِ أبنائِنا من القوات المسلحة والشرطة المدنية مصدرَ إلهامي وإعزاز لكل مصريّي ومصرية.. ولن تضيعَ هدراً.. بل ستثمر وطناً آمناً أبيّاً ننعم فيه وينعم أبناؤنا بالحياة الكريمة. وأود هنا الإشارة إلي أننا سبق أن تحدثنا عن موضوع تصويب الخطاب الديني وتحديثه في أكثر من مناسبة. وهو ليس ترفاً أو رفاهية بل ضرورة. ويجب أن نتوقف أمامه كثيراً. خاصةً وأن فكرة الأديان بأكلمها أصبحت في عالمنا اليوم تُنتهك ويتم الرجوع عنها والتحسب منها في ضوء ما يشهده العالم من أعمال وحشية ترتكب باسم الدين. مما جعل بعض الناس تنبذ الفكر التكفيري بل وتكفر بفكرة الأديان بأكملها. لذا. فإننا بتصويب الخطاب الديني لا ندافع عن الدين الإسلامي الحنيف فقط. بل عن جميع الأديان وجوهر أفكارها. مما يجعل تصويب الخطاب الديني أحد أهم القضايا علي الاطلاق. ولقد تحدثت خلال الفترة الماضية حول هذا الموضوع مع السيد وزير الأوقاف. وأكدت له أن تصويب الخطاب الديني لا يجب أن يمس الثوابت. بل هو دعوة لاستخدام مفردات العصر ومقتضياته والاجتهاد من أجل تحديث التفسيرات والتوصل إلي الفهم الحقيقي للدين حتي يُمكن التغلب علي حالة التشرذم التي تعاني منها المجتمعات. ولاسيما في مصر. وقد أعربت عن حاجتنا إلي تشكيل لجنة من كبار علماء الدين والاجتماع وعلم النفس للتباحث في نقاط القوة والضعف التي يعاني منها المجتمع المصري. لتقوم بتنقية النصوص وصياغة خارطة طريق تتضمن المناسبات الدينية المختلفة علي مدار العام. وتضع خطة محكمة علي مدي خمس سنوات تهدف إلي ترسيخ الفهم الديني الصحيح علي مستوي الجمهورية بكافة محافظاتها. ولايجب اختزال موضوع تصويب الخطاب الديني في فكرة الخطبة الموحدة. واسمحوا لي في هذا الإطار أن أؤكد علي تقديري الكبير للدور الذي يقوم به الأزهر الشريف كقلعة مستنيرة تساهم في إحياء صحيح الدين. لاسيما في ضوء سعي البعض لترويع الناس بالدين وهدم الدولة من أجل أفكار هدامة. وينفقون في سبيل ذلك أموالاً طائلة. وراهن هؤلاء الشهر الماضي علي ضياع الوطن. ولكنني أقول لهم إن الله معنا. خاصةً واننا لم نتآمر ضد أحد. أو نخن أو نقتل أحداً. بل سنظل نبني ونعمر ونصلح. ونؤكد أنّ رؤيةَ مصر لمنطقة الشرق الأوسط تقوم علي احترام سيادة الدولة الوطنية.. وعلي حثّ المجتمع الدولي علي التكاتف من أجل القضاءِ علي جماعاتِ الإرهاب.. وعلي عدم التفرقة بين الأخطار التي تمثلها تلك الجماعات ومعاملتها جميعاً بمعياري واحد. السيدات والسادة.. إن الجرأةَ والشجاعةَ التي واجه بها نبيُّنا الكريم قضايا عصرِه.. تقتضي منّا التدبّرَ بعمقي في حقيقةي بسيطةي وواضحة.. وهي أن كثيراً من مشكلاتِنا المعاصرة تفاقمت نتيجةَ التردد في مواجهتها.. وأنه لو تم التعاملِ الجاد مع مشكلاتِنا في مهدها.. لما كانت قد تشابكت وتعقدت وارتفعت تكلُفَة حلِها اليوم.. وأضربُ لكم مثلاً بالوضع الاقتصادي. فمن المعلوم لدي خبراء الاقتصاد منذُ عقود.. أن اقتصادَنا في حاجةي إلي إصلاحي هيكلي.. يصلُ إلي جذورِ بنيتِه ولا يكتفي بالفروعِ والقشور.. ونعلمُ جميعاً كمصريين.. كما يعلم معنا العالم أجمع.. أن قرارات الإصلاح الاقتصادي تلك ليست نزهةً أو مهمةً سهلة.. وإنما مشقةى وصبرى وتضحية.. وأنه بدون هذا الدواء فإننا نستمر في إضعافِ أنفسنا وصولاً ..لا قدر الله.. للتوقف التام.. وهو ما لم ولن نسمح به أبداً. لقد بدأنا طريقاً صعباً.. قررنا نحن المصريين جميعاً بشجاعةي أن نسير فيه.. وأن نواجِهَ صِعابَهُ بقلوبي ثابتة.. معتمدين فيه علي أنفسنا وعلي الله سبحانه وتعالي.. نصنع أملاً للأجيال القادمة.. وننقذُ أنفسنا من واقعي اقتصادي صعب لو تركناه دون مواجهةي لطغي علينا ونال من مستقبلنا ومستقبل أولادنا. إننا معاً نقود تحولاً ضخماً.. يسيرِ علي خُطيي مدروسة.. لا نطبّقُ أجنداتي اقتصاديةي نمطية.. بل نتبع مِنهجاً علمياً يراعي بدقة المتطلبات الخاصة لاقتصادِنا في هذه الظروف.. نهدف لجعل مصر دولةً تنموية.. نفتحُ بلادَنا للاستثمارِ الجاد.. الذي يتيح فرصَ عملي لشبابِنا.. وينقل إلينا تكنولوجيا حديثةً متطورة.. نهدف لصنع تعاوني خلاق بين الدولة والقطاع الخاص المصري والأجنبي.. لا نتواني عن مكافحة الفساد بصرامةي وحسم.. ونعمل بعزمي لا يلين علي ضمانِ تكافؤِ الفرص بين جميع أبناء الوطن.. وأود في هذا السياق أن أوجه التحية لهيئة الرقابة الإدارية علي الجهود التي تبذلها. وأؤكد أننا سنواصل مواجهة الفساد بكل قوة. ومع الحرص علي اتباع الآليات القانونية اللازمة. كما أؤكد علي أن مواجهة الفساد لن تتم فقط بالإرادة السياسية. ولكن لابد من وجود قناعة لدي الرأي العام بأهمية مكافحة الفساد.. وأن نواجهها كلنا دون مجاملة أحد. ومن جانبي. فإنني أرسل كل شهر خطاباً إلي جميع مؤسسات الدولة للتأكيد علي ضرورة عدم مجاملة أحد. أناشد من هذا المقام جميع المسئولين بعدم مجاملة أحد. فالجميع سواسية أمام القانون. وخلال كل ذلك.. نسمعُ صوتَ الألم الذي يتسبب فيه الإصلاحُ الحقيقي.. نشعر به.. ونعمل جاهدين علي تخفيفه من خلال التوسع في شبكات الحماية الاجتماعية.. نتعاطف مع كل مَن يكافحُ بشرفي وبطولة لتوفيرِ حياةي كريمةي لنفسِه وأولادِه وأسرتِه.. نؤكد له أن الدولةَ بكافة أجهزتِها ومؤسساتِها تبذل قصاري الجهد لتوفير حياةي أفضل لكل مصري ومصرية.. نؤكد لكل المكافحين بشرف علي أرض مصر.. أننا معكم.. وأننا نسير معاً علي الطريق الصحيح.. لن ينال من عزيمتنا المشككون.. ولن نُسلّمَ عقولَنا كمصريين لمن يتمنون عودتنا إلي الوراء.. سنستكمل ما بدأناه.. وسنصل بعون الله وتوفيقِه إلي وجهتنا: مصر عزيزة قوية مزدهرة. إنني أدرك صعوبة الظروف وغلاء الأسعار. إلا أنني أود التأكيد علي أننا تأخرنا في الإصلاح. وهو ما اضطرنا إلي اتخاذ القرارات الاقتصادية الأخيرة. وقد كان أمامنا خياران. فإما البدء الآن باتخاذ إجراءات اصلاح حقيقي وملموس. وإما التأجيل حتي يتخذ غيرنا تلك القرارات الصعبة وإن كان ذلك سيؤدي إلي ضياع البلاد. لذلك لم يكن هناك خيار آخر غير الإجراءات التي تم اتخاذها. كما أشير إلي أن السنوات الست الماضية كانت تكلفتها باهظة... ندفعها الان من خلال الإصلاح. فقد ارتفع بند المرتبات وحده خلال السنوات الماضية من 80 مليار جنيه إلي 230 مليار جنيه. في حين لم تكن هناك موارد لتغطية هذا الفارق. والذي يتم اقتراضه حتي وصل ما تم اقتراضه لهذا البند فقط إلي 900 مليار جنيه. تُقدر خدمتهم فقط ب150 مليار جنيه. لقد حققت السنوات الماضية مكاسب حقيقية. إلا أنها أيضاً ولدت تحديات. ونعمل جاهدين علي تخفيف تداعيات القرارات الاقتصادية من علي كاهل الفئات محدودة الدخل. وأعتقد أن السعر الحالي لصرف الدولار لن يستمر كثيراً لانه ليس السعر الحقيقي. إلا أن ذلك سيأخذ وقتاً. لذا. فقد وجهت الحكومة بالعمل علي توفير السلع الغذائية الأساسية بأسعار مناسبة في الأسواق والحفاظ علي مخزون استراتيجي منها لستة أشهر علي الأقل لاحتواء تبعات غلاء الأسعار علي الفئات الأكثر احتياجاً. كما أؤكد علي أن سعر رغيف العيش لم ولن يُمس. فالدولة حريصة علي استمرار وثبات أسعار الخدمات التي تقدمها رغم الزيادة التي تتحملها الدولة في تكلفة هذه الخدمات.پ وأوجه في هذا السياق كل التحية والتقدير للشعب المصري. الذي أثبت أنه شعب عظيم. وقف إلي جانب بلاده وحافظ عليها من كل سوء ومكر الطامعين الذين ينفقون أموالاً لهدم الدولة بدلاً من مساعدتها في تخفيف معاناة الناس. وفي الختام أدعوكم جميعاً لأن نستلهم صفاتَ النبي العظيم.. نبي الرحمة المهداة.. فيما تحلي به من حكمةي وصبير علي المكاره.. وفيما امتلأ به قلبُه من شجاعةي نابعةي من الثقةِ المطمئنةِ في الله سبحانه وتعالي.. وفي رحمته وعطفه علي الضعيف وحزمِه وشدتِه أمام الطاغي المفسد في الأرض. أشكركم.. وكل عام وأنتم بخير... والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.