يعتقد البعض أن الصراع بين المرشحين الرئاسيين الجمهورى دونالد ترامب والديمقراطية هيلارى كلينتون جعلت من انتخابات الرئاسة الأمريكية هذا العام الأسوأ والأكثر قبحا على الإطلاق، ولكن الحقيقة، أنه بالنظر إلى تاريخ المعارك الانتخابية للوصول إلى البيت الأبيض. وبالعودة إلى فترة 1780 نجد أن العديد من الحملات الانتخابية الأمريكية حافلة بالأحداث المشينة مثل الاغتيالات والفساد والخطاب التحريضى والتشهير والفضائح وألاعيب السياسة القذرة وهذا ما أكده روبرت ماكروم فى مقال نشر فى صحيفة «الجارديان» البريطانية. .......................................................... وقال ماكروم فى سرده لبعض الوقائع الكريهة والمشينة التى ارتبطت بانتخابات الرئاسة الأمريكية إن ما وصفه بعملية «طحن اللحم» التى يصنع منها «نقانق الديمقراطية» الأمريكية كثيرا ما يصيبها الخلل. فعلى سبيل المثال ارتبطت الانتخابات التمهيدية فى عام 1968 باغتيال مارتن لوثر كينج المناضل الأمريكى من أجل الحقوق المدنية، وأيضا اغتيال روبرت كيندى الذى كان مرشحا عن الحزب الديمقراطى فى المرحلة الأولى لتلك الانتخابات. كما أن العديد من الشبهات تحوم حول يوم الانتخابات العامة فى هذه السنة عندما قفز المرشح هابرت هامفرى فى الاستطلاعات محققا تقاربا كبيرا مع منافسه ريتشارد نيكسون لدرجة أن الشبكات الإخبارية لم تستطع إعلان النتيجة حتى صباح اليوم التالي. وفى عام 1960، يقول البعض أن جون كينيدى فاز بالرئاسة على حساب ريتشارد نيكسون بفضل تلاعب قام به ريتشارد دالى رئيس مدينة شيكاجو فى ذلك الوقت. وعلى الرغم من حصول نيكسون على أغلبية الأصوات الشعبية، فإن كينيدى فاز بأصوات المجمع الانتخابى ب 303 أصوات مقابل 219 لنيكسون. وبوجه عام، توصف انتخابات 1960 بأنها أكثر الانتخابات تقاربا فى أصوات الناخبين بين مرشحى الرئاسة منذ عام 1916، كما أنها من أكثر الانتخابات الأمريكية إثارة. ويوضح الكاتب ماكروم أن النبرة العنصرية فى خطاب ترامب التى حظيت بإعجاب بعض الأمريكيين ليست جديدة، فهى تعود إلى سياسة اتبعها واحد من أسوأ الرؤساء الأمريكيين على الإطلاق وهو الرئيس ميلارد فيلمور الذى تولى الرئاسة عام 1850. تلك السياسة التى ظلت قوية فى الفترة من عام 1854 إلى 1856 تعتمد على استغلال خوف الأمريكيين من الأجانب والمهاجرين وتصويرهم على أنهم أعداء سيهيمنون على الولاياتالمتحدة. كما أن الأمريكيين العاديين أصابهم الذعر عندما بدت بعض تصريحات ترامب كأنها تحرض على العنف ضد منافسته هيلارى كلينتون، حيث دعا ترامب فى أحد التجمعات الانتخابية لوبى السلاح الأمريكى إلى الدفاع عن التعديل الثانى للدستور وتوجيه غضبهم - وأسلحتهم كما فسر البعض - ضد كلينتون التى تريد تغيير قوانين حيازة الأسلحة فى البلاد. ولكن الكاتب ماكرون يقول فى ذلك السياق إنه على الأقل أن ترامب وأنصاره لم يقدموا فعليا على إيذاء كلينتون كما فعل آرون بور عام 1804. وكان آرون بور نائب الرئيس الأمريكى توماس جيفرسون عندما أقدم على قتل منافسه السياسى ألكسندر هاملتون فى مبارزة بينهما، وتم توجيه تهمة القتل لبور فى ذلك الوقت، اضطر إلى السفر هربا من تنفيذ الحكم عليه إلى الجنوب الأمريكي. وبشأن التشهير والفضائح والخطاب التحريضي، يقول ماكرون أن ذلك النوع من الأساليب القذرة فى الحملات الانتخابية تم استغلاله فى أسوأ أشكاله فى انتخابات عام 1800 عندما بدأت حملة ممنهجة من أنصار جون آدمز ضد توماس جيفرسون الذى وصفوه بأنه ملحد وفاجر وعبد للفرنسيين. وتوصف الانتخابات فى ذلك العام بأنها أكثر الانتخابات شراسة فى التاريخ الأمريكي. وفى النهاية، فإنه بعد مرور 200 عام على انتخابات 1800، يرى العديد من المحللين أن النظام الأمريكى انهار، بينما الحقيقة أنه منهار من قبل، أو أنه يترنح. وعلى الرغم من أن البعض يرى أن الشراسة التى شهدتها المعركة بين ترامب وكلينتون دليل على قوة وحيوية النظام الأمريكي، فإن البعض الآخر يحذر من أن «الصدمة» التى تؤدى إلى إصلاح النظام الأمريكى قد تتسبب على العكس فى تدميره.