أسفر اتجاه قوى فى صفوف علماء الأزهر الشريف عن أن انتماءاتهم الفكرية ومواقفهم العملية هى على النقيض من الحماسة الفورية التى كانوا أبدوها لنداء الرئيس السيسى قبل عامين عن وجوب القيام بثورة دينية وبتصحيح جذرى للخطاب الديني. ويكفى الإشارة إلى واقعتين: الأولي، هى توقيف الدكتور يسرى جعفر، أستاذ العقيدة والفلسفة بكلية أصول الدين، وتوجيه اتهامات خطيرة وغريبة له، منها، وفق ما نشرته بعض التقارير الصحفية، محاولته إحياء فكر طه حسين فى نقد مناهج الأزهر، وإحياء منهج الإمام محمد عبده، والدعوة إلى الإلحاد، وانتقاد صحيح البخاري، ومطالبته الدائمة بضرورة تنقية كتب التراث! وقد أنكر الدكتور جعفر تهمة الإلحاد وأكدّ أن أفكاره تدعو إلى التنوير. وأما الواقعة الثانية فهى الأخطر، عن كتيب للإمام الأكبر الدكتور أحمد الطيب شيخ الجامع الأزهر، أشاد فيه بدور الأب الروحى لجماعة الإخوان سيد قطب فى الستينيات، وقال إنه شارك مع آخرين فى إنقاذ الشباب التائهين وتبيان موطن الضعف والتهافت فى المذاهب الهدّامة. والكتيب تجميع لمقالات سبق نشرها فى مجلة الأزهر، وكان آخرها الطبعة الرابعة. لا جدال حول حق فضيلة الإمام، كمفكر وباحث فى الدين و التراث، أن يكون له رأى حتى إذا اختلف فيه مع الجميع، بل إن من حقه أن ينال الفرصة الكافية للتعبير عن رأيه وأن ينال الحماية التى تردع أى متطاول. وهذا بالذات هو المطلوب للدكتور جعفر الذى أوقفته جامعة الأزهر. ولكن اللوم على الخطأ الأول فى تكليف مؤسسة الأزهر بالقيام بمسئولية التطوير، بالرغم من الجلاء النافى لأى لبس بأن لقيادات الأزهر الشريف وجامعته اختياراً راسخاً واضحاً فى الاتجاه الآخر من نداء الرئيس. ويبدو أنه قد صار من الواجب الآن التفكير الجاد فى إجراء تعديل دستورى يعيد النظر فى المكانة الخاصة الممنوحة للأزهر الشريف، بعد أن أثبت رجاله الكبار أن آراءهم ومواقفهم تتعارض مع الإرادة الشعبية التى كانت أوضح ما تكون فى 30 يونية وكان اختصارها الجامع فى هتاف اسقاط حكم المرشد. [email protected] لمزيد من مقالات أحمد عبد التواب;