لم يُشِرْ المتحدث الرسمى باسم الرئاسة إلى شعار الثورة الدينية، فى بيانه الذى أدلى به عقب لقاء الرئيس السيسى مع فضيلة الإمام الأكبر الدكتور أحمد الطيب قبل يومين. صحيح أنه ذكر تفاصيل مهمة وإيجابية تناولها اللقاء، مثل جهود الأزهر الشريف فى تصحيح صورة الإسلام وتنقيتها مما علق بها من أفكار مغلوطة، ودوره فى التعريف بصحيح الدين، وعن الارتقاء بمستوى شباب الوعّاظ، إلا أنها جميعاً لا ترقى إلى قدر الثورة التى نادى بها الرئيس قبل عامين فى خطاب واضح إلى علماء الأزهر، وهو يُبدى رفضه الشديد واختلافه العميق مع ما يعتمدونه، إلى حدّ أنه قال إنه سيحاججهم أمام الله يوم القيامة. نداء الثورة أعمق مما أعلنه المتحدث الرسمى، كما أنه أبعد مدى وأكثر شمولاً ويتجاوز المطروح إلى حد بعيد. مع التذكير بأن ضرورة هذه الثورة، بل وجوبها، هى فى جوهرها سعى لإعمال الدستور الذى يؤسس لدولة حديثة، بما تؤصله وتحميه من حريات الاعتقاد وممارسة الشعائر والتعبير والبحث العلمى والإبداع الأدبى والفنى..إلخ، وأيضاً، كل ما تُقرّه المواثيق الدولية التى صدّقت عليها مصر. أضِفْ إلى هذا أن رجال الأزهر أسرعوا بإبداء الترحيب بدعوة الرئيس للثورة، ولكن هذا لم يُترجَم عملياً، بل إن العمل طوال أكثر من عامين كان فى الاتجاه العكسى بالهجوم الضارى على المخالفين فى الرأى دون تردد فى استخدام سلاح التكفير، وتحريك الدعاوى القضائية التى دفعت بالبعض وراء القضبان بناءً على تشريعات كان يُفترَض أن يكون لها الأولوية فى التعديل لتتسق مع الدستور الجديد..إلخ لن يحدث التطوير المأمول بانطلاقة كبرى، كما قيل، لمواجهة الفكر المتطرف عبر الإنترنت، لأن هذا تبديد للوقت والطاقة فى علاج العَرَض والنتيجة، على حساب ما يجب أن يحظى بكل الاهتمام، مثل مناهج التدريس التى لا تزال تتضمن كلاماً مخيفاً، ومثل الارتقاء بالمعلمين على أن يكونوا متسقين مع روح العصر، ومثل إعفاء المتطرفين من المناصب القيادية، ومثل إعمال القانون لا المصالحات العرفية. [email protected] لمزيد من مقالات أحمد عبد التواب