► د. معتصم الأقرع: الاحتلال العقبة الرئيسية أمام إعادة الإعمار فى غزة
لا يمكن تقييم محنة الشعب الفلسطينى ماديا لأن الاحتلال الإسرائيلى يؤدى إلى تدمير حياة وثقافة الشعب الفلسطينى كما تستنزف عمليات الاحتلال العسكرية الشعب المحتل، وتؤدى إلى إفقاره وتهميشه وتحرمه وتحرم أجياله القادمة من حقهم فى التنمية. ولكن تقرير منظمة مؤتمر الأممالمتحدة للتجارة والتنمية ( الأونكتاد ) عن المساعدات المقدمة للشعب الفلسطينى فى إصداره لعام 2015 يحاول تقدير التكلفة الاقتصادية للاحتلال، وتضمن التقريرالذى يقدم فى القاهرة ورام الله وجنيف ويشكل خلفية معرفية للقرارات الدولية الخاصة بالشعب الفلسطينى التطورات التى شهدها اقتصاد الأراضى الفلسطينية المحتلة. وأكد التقرير الجديد أن الاقتصاد الفلسطينى لم يتعاف من الضربة التى وجهت له عام 2014 فى عقب العملية العسكرية الإسرائيلية. وأنه لولا الاحتلال الإسرائيلى لأمكن لاقتصاد الأرض الفلسطينية المحتلة أن ينتج بسهولة ضعف ناتجه المحلى الإجمالى الحالى، ولأمكن أيضا خفض مستويات البطالة والفقر إلى حد كبير. ويبين التقرير القنوات التى يستخدمها الاحتلال لحرمان الشعب الفلسطينى من حقه فى التنمية وتقويض دعائم الاقتصاد الفلسطينى. ومن أهم هذه القنوات مصادرة الأراضى والمياه وغيرهما من الموارد الطبيعية الفلسطينية، وتضييق الحيز المتاح لاختيار وتنفيذ السياسات العامة. وفرض قيود على حركة الأشخاص والسلع، وتدمير الأصول والقاعدة الإنتاجية، وتوسيع المستوطنات الإسرائيلية وعزل الاقتصاد الفلسطينى عن الأسواق الدولية وتبعيته القسرية للاقتصاد الإسرائيلى. واضافة إلى ذلك، فإن استمرار عملية تقويض القطاعين الزراعى والصناعى وإضعاف مساهمتهما فى الاقتصاد الفلسطينى قد أدى إلى تشويه بنية هذا الاقتصاد. ففى الفترة من عام 1975 إلى عام 2014 ، انخفضت نسبة مساهمة قطاع السلع القابلة للتداول التجارى ( السلع الزراعية والصناعية) فى الناتج المحلى بمقدار النصف . ويقترح التقرير، وفقا لما سلمت به الجمعية العامة للأمم المتحدة فى قراريها 20/69 و12/70، إنشاء إطار منهجى وقوى وشامل لتقييم التكاليف الاقتصادية المستمرة المترتبة على الاحتلال الإسرائيلى، ويخلص التقرير إلى أن من الضرورى دراسة هذه التكاليف وغيرها من العقبات القائمة أمام التجارة والتنمية الفلسطينيتين من أجل وضع الاقتصاد الفلسطينى على مسار يفضى إلى تحقيق التنمية المستدامة، والتوصل إلى تسوية عادلة للصراع الفلسطينى - الإسرائيلى وإحلال سلام دائم فى الشرق الأوسط. كما يذهب التقرير إلى أن المعاناة الإنسانية تزداد سوءا مع تعثر عملية إعادة البناء فى غزة. وصرح د. معتصم الأقرع المسئول الأول للشئون الاقتصادية فى قسم العولمة واستراتيجيات التنمية - وحدة مساعدة الشعب الفلسطينى فى الأونكتاد ل «الأهرام» بأن الدول المانحة تعهدت فى مؤتمر إعمار غزةبالقاهرة فى عام 2014 بدفع 3٫5 مليار لإعادة الإعمار ولكنها لم تف بتعهداتها ودفعت فقط نحو 40% من هذه التعهدات حتى شهر أبريل 2016، وهذه نسبة ضعيفة ومحبطة، وبالرغم من ذلك مازالت الأممالمتحدة تسعى إلى رفع الحصار الذى يفرضه الاحتلال على غزة وذلك للسماح للشعب الفلسطينى باستيراد مدخلات الإنتاج والسلع الاستهلاكية وقطع الغيار والأسمدة. ولكن التقدم فى هذا الموضوع يحدث على شكل خطوة إلى الأمام وخطوتين إلى الخلف على حسب حالة الصعود والهبوط على المستوى السياسى، وبالتالى فالوضع فى غزة مازال سيئا رغم مجهودات الأممالمتحدة. ويقول د. الأقرع إن الدول المانحة قدمت الكثير من المساعدات للشعب الفلسطينى خلال السنوات الماضية، ولكن كما نعلم جميعا فمنطقة الشرق الأوسط تمر بمنعطف حرج جدا ومشكلات جمة مثل اللاجئين فى سوريا، وهناك أزمة اقتصادية عامة تجتاح العالم سواء الدول العربية أو الاتحاد الأوروبى، فالكل يعانى منها. والكثير من مساعدات الدول المانحة تم توجيهها إلى مناطق أخرى نظرا للظروف الحالية مثل سوريا والعراق. والدول العربية أيضا لا تستطيع أن تفى بكل تعهداتها فى ظل الظروف السياسية والاقتصادية الحالية، وكل ذلك انعكس على حالة إعادة الإعمار فى غزة التى اتسمت بالبطء الشديد لبطء انسياب المساعدات، والبنك الدولى يتابع الدول المانحة للالتزام بتعهداتها.وأضاف، لكن للأسف أيضا حركة الإعمار لا تتوافق حتى مع حجم المنح المقدمة وإن كانت غير كافية، لأن الحصار الإسرائيلى المفروض على غزة يزيد الأمر تعقيدا نتيجة لمنع إسرائيل استيراد السلع التى يحتاجها الإعمار، وتمنع استخدام الأسمنت والحديد وهذا يؤثر على إعادة بناء المساكن التى تم تدميرها خلال العملية العسكرية، وكذلك الاحتلال يمنع استيراد قطع الغيار والأسمدة وهذا يقضى على قطاع الزراعة والصناعة، كما منعت استيراد الأخشاب التى يزيد سمكها عن واحد سنتيمتر. وهذا أدى إلى تدمير صناعة الأثاث فى غزة التى كانت مزدهرة جدا هناك. ويؤكد د. الأقرع أنه للأسف العقبة الرئيسية والأولى فى إعادة إعمار غزة هو استمرار الحصار الإسرائيلى.