وكان للمجتمع المدنى دور فى إنذار الحكومة بتفاقم أزمة نقص الدواء فبحسب الدكتور محمود فؤاد مدير المركز المصرى للحق فى الدواء.. فقد تم بالفعل استدعاء بعض منظمات المجتمع المدنى الناشطة فى مجال الصحة لعرض شهادتهم حول الأزمة أمام لجنة تقصى الحقائق بمجلس الشعب حيث ارجع فؤاد المشكلة إلى عدم وجود آليات للرقابة ووجود فساد فى التوزيع ويوضح بالأرقام أسباب أزمة المحاليل الطبية.. مشيرا إلى وجود خمسة مصانع مصرية تنتج 12 مليون عبوة سنوياً تكفى السوق المحلية ويفيض منه بل ويصدر نحو 2 مليون عبوة للدول الإفريقية. أما أسباب الأزمة الأخيرة فتعود لغلق الحكومة لأكبر مصنع للمحاليل منذ 11 شهرا بعد اكتشاف تشغيل بطريقة غير سليمة وهو ينتج 60 ٪ من المحاليل فى مصر وبالرغم من توقف ضخ تلك الكمية بالسوق إلا أن إنتاج تلك المصانع وفقاً لمدير المركز المصرى للحق فى الدواء يكفى أيضا السوق المحلية من خلال التنسيق وعدالة التوزيع وأوضح قائلا: "هذه المحاليل تخرج للمستشفيات وليس للصيدليات إلا عدد قليل جدا لبعض الصيدليات فى الأحياء الشعبية ولكن هذه الأزمة تفاقمت حينما بدأ إنتاج تلك الشركات يخرج للسوق السوداء. وظهرت السوق الموازية وتساءل قائلا: "هناك خمس شركات فى مصر تنتج المحاليل تحت رقابة وزارة الصحة فى كل خطواتها. فكيف يخرج إنتاج الشركات للسوق السوداء؟، حيث تباع المحاليل التى كان سعرها قبل الأزمة 80 جنيها للكرتونية بسعر 275 جنيها الآن. ويرجع فؤاد أيضا الأزمة لضعف إنتاج الدواء فى الشركات الحكومية ف 95٪ من الدواء فى مصر نستورد له المادة الخام، وبالطبع أزمة الدولار تلقى بظلالها على استيراد تلك المواد فالشركات تتوجه للبنوك لطلب الدولار وللأسف لا يوجد بينما يمثل الدواء قضية امن قومى ولابد من صدور قرارات حكومية لتوفيره لهذه الشركات. ويقول: «سوف نشهد الأزمة إن أجلا أو عاجلا فحتى وان توافر الدولار الآن وفى هذه اللحظة للشركات فسوف يمر الدواء بمرحلة تصنيع لا تقل عن 3 أشهر وحتى ستة أشهر منهما شهران على الأقل حتى يحصل على إذن استيراد من إدارة الصيدلة بوزارة الصحة» قرار الحكومة وليس الدولار وحده السبب فهناك قرار تسبب فى أزمة حقيقية فى الدواء وهو الخاص برفع أسعار نحو 7300 صنفا ويوضح قائلا:» صدر قرار رئيس الوزراء لمعالجة أزمة نقص نحو 1730 صنف داوئى بالسوق وكان الغرض من القرار إحداث حركة سيولة للشركات ولكن كانت النتيجة أن المواطن تضرر وأصبحت تلك «الفواتير مدفوعة من جيبه» فوفقا لبيانات البنك الدولى ينفق المصريون 120 مليار جنيه على الصحة منهم 77٪ من جيب المواطن و33٪ من هذا الرقم ينفق على الدواء. وأشار فؤاد إلى أن القرار الذى صدر تم تطبيقه بشكل فورى وهو ما تحقق من ورائه أرباح بالملايين لبعض الشركات فخلال ساعتين فقط من صدور القرار حققت أربع شركات توزيع نحو 105 ملايين جنيه، والسبب أنه تم وضع السعر الجديد على الأدوية الموجودة بالفعل لدى تلك الشركات، بينما من المفترض أن يطبق التسعير الجديد على ما سوف يتم إنتاجه لاحقا بعد صدور القرار! ويتساءل فؤاد:»من الذى قدم معلومات مغلوطة لرئيس الوزراء حول الأصناف المطلوب زيادتها؟ فالقرار صدر فيه 100 صنف من المكملات الغذائية التى من المفترض أن يخير الطبيب المريض فى تناولها وأنها لن تؤثر فى بروتوكول علاجه، كما ضمت قائمة الأصناف 60 صنفا زادت أسعارها بالفعل فى يناير الماضي، بل أن هناك 50 صنف فى القائمة رفعت أسعارهم بالرغم من رفع حظر الملكية الفكرية عنهم بما يعنى تخفيض اسعارهم وليس رفعها. ولا تخلو السوق من تحايلات بعض الشركات على قرارات الحكومة مستغلين ضعف الرقابة فبعض الشركات نفذت قرار زيادة الأسعار على شريط الدواء الواحد وليس العلبة بالكامل بما جعل أرباحها مضاعفه أربع مرات فى بعض العقاقير. كما استغلت بعض الشركات هذه الفوضى ورفعت سعر الدواء بالرغم من عدم ورود اسمه فى قائمة الأصناف الزائدة وهو الأمر الذى تم اكتشافه بالصدفة وبعد مراسلة الشركة الفرنسية المنتجة للدواء والتى أكدت أنها لم تطالب بزيادة سعر الدواء. وأضاف رئيس المركز المصرى للحق فى الدواء: "اعتقد أن هناك معلومات مضللة تم تقديمها للحكومة لصالح البعض وللأسف سوف يترتب عليها مع أزمة الدولار أزمة فى بعض أصناف الدواء خلال الشهور القادمة أما الحل فيتمثل فى ضرورة توفير الدولار لشركات الدواء وأيضا ضرورة متابعة السوق بشكل أكثر دقة للتنبؤ بالأصناف الوارد وجود نقص بها والأهم الرقابة على سوق الدواء والتحرى الدقيق قبل صدور قرارات متعلقة به نظرا لوجود نحو 52 مليون مواطن من دون تأمين صحى وهؤلاء يتحملون فاتورة العلاج بالكامل». من ناحية أخرى كان الدكتور محمد نصار دكتور صيدلى ومنسق صيادلة مصر لإنتاج المواد الخام الدوائية فى مصر قد أطلق مع مجموعة من الصيادلة حملة للمطالبة بإنتاج المواد الخام فى مصر حيث يوضح أن صناعة الدواء فى مصر تعتمد بنسبة تتخطى 85٪ على استيراد تلك المواد من الخارج، بينما لا يمثل ال 15٪ تصنيعا للمواد الخام إنما إنتاج للمواد المساعدة فقط ويرى أن حل هذه الأزمة المتكررة فى نقص الدواء يكمن أولا وبشكل أساسى فى الإرادة السياسية ويقول موضحا:» إذا اهتمت الدولة بصناعة الدواء بشكل حقيقى لن نرى اى أزمات للدواء مجددا ونحن لدينا بالفعل شركة النصر ولكن إذا نظرنا لوضعها الحالى فسنجده متدهورا للغاية ولا يوجد اى تمويل للأبحاث أو حتى إلزام للشركات بالشراء منها لدعمها ويرى انه لابد من وجود عدد من الإجراءات التى تسهم فى جذب المستثمرين لهذا القطاع مثل وجود تسهيلات اقتصادية فلا تتجه تلك الشركات للأسواق الأرخص مثل الصين والهند التى تنافس بقوة فى مجال تصنيع الدواء. ولا ينكر منسق صيادلة مصر لإنتاج المواد الخام الدوائية أن أزمة الدولار هى اللاعب الأساسى فى نقص الدواء ويوضح أن بسبب الأحداث المتلاحقة التى مرت بها مصر أصبح المستورد ملزما بسداد كامل المبلغ للشركة التى يستورد منها مقدما، ولا يوجد أى فترات سماح أو انتظار له مما يصعب الأزمة وأضاف: أرى أن الحل الأمثل هو ما طالبنا به مرارا وتكرارا بوجود هيئة متخصصة ومتفرغة لأمور الدواء فقط وتكون متخصصة فى وضع سياسات لإنتاج الدواء.