نائب رئيس جامعة بنها تتفقد إجراءات الكشف الطبي في ثلاث كليات    صرف 800 ألف جنية قروض لشباب الخريجين فى الدقهلية دون فوائد    تبدأ من 31 ألف جنيه.. أسعار محلات طُرحت للبيع بمدينة دمياط الجديدة    وزير الخارجية: مصر تتطلع لنجاح المساعي الدولية لاستحداث اتفاقية إطارية بشأن التعاون الضريبي الدولي    كيربي: واشنطن تسعى لمنع نشوب حرب شاملة بين إسرائيل وحزب الله    تفجيرات "البيجر" تسلط الضوء على دور الوحدة 8200 الإسرائيلية    عبد الرحيم علي عن تشكيل حكومة يمينية متطرفة بفرنسا: "ولادة متعثرة".. وإسناد الداخلية ل"برونو روتايو" مغازلة واضحة للجبهة الوطنية    حكم مباراة أرسنال والسيتي يدخل القائمة السوداء للمدفعجية    وفاة شاب متأثرا بجراحه في حادث مروري بدمياط    محافظ أسوان: نسبة حضور الطلاب 100% في أبو الريش.. والسوشيال ميديا تروج أكاذيب    وزير الصحة يوجه بزيادة عدد العيادات والصيادلة والتمريض بمستشفى الحوض المرصود    رئيس جامعة أسيوط يستجيب لأسرة مواطن مصاب بورم في المخ    العرض الأردني أنتيجوني يخطف الأنظار في مهرجان مسرح بلا إنتاج    نائب رئيس مجلس الوزراء يشهد فعاليات احتفالية "جنرال موتورز" بإنتاجها المركبة المليون بمصنع الشركة بمصر    الوكرة يتقدم على الريان 2-0 فى الشوط الأول وحمدى فتحى يصنع.. فيديو    حوار| رانيا يوسف: أردت اقتحام منطقة جديدة بالغناء.. وأتمنى تقديم أعمال استعراضية    نتنياهو للكنيست: حوالى نصف المحتجزين أحياء حسب المعلومات المتوفرة لدينا    بالفيديو.. خالد الجندي يرد على منكرى "حياة النبي فى قبره" بمفأجاة من دار الإفتاء    مواجهة مثلث تدمير الشعوب.. دعوات لتعزيز الوعي وبناء الإنسان المصري    استبعاد مديري مدرستين بمنطقة بحر البقر في بورسعيد    مخاوف من احتمال ظهور وباء ثلاثي.. متى يجب تلقي لقاحات الإنفلونزا؟    حمدي فتحي يصنع.. الوكرة يسجل في شباك الريان بالدوري القطري (فيديو)    العربية للتصنيع تحتفل بأبناء العاملين والعاملات من المتفوقين بالثانوية العامة    دون مصطفى محمد.. تشكيل نانت الرسمي لمواجهة أنجيه في الدوري الفرنسي    "اليوم" يرصد انطلاق العام الدراسي الجديد في معظم مدارس الجمهورية    يسرا تحيي ذكرى وفاة هشام سليم: يفوت الوقت وأنت في قلوبنا    كريم الحسيني: «محمد رمضان أصابني بذبحة قلبية»    عاجل| مصر تحذر المواطنين من السفر إلى إقليم أرض الصومال    اعتماد نتائج أعمال شركات «النصر والعامرية للبترول والبتروكيماويات المصرية» خلال 2023-2024    "لما تتكلم عن الزمالك اتكلم باحترام".. نجم الأبيض السابق يوجه رسالة نارية لأحمد بلال    الجنايات تعاقب "ديلر العجوزة" بالسجن المؤبد    المقاولون العرب يضم الفلسطيني طارق أبوغنيمة    نور الشربيني تتوج بلقب بطولة باريس للإسكواش    وزارة العمل تنظم ندوة توعوية بقانون العمل في المنيا    مسؤول أمني إسرائيلي كبير: الوضع الحالي في الضفة الغربية يقترب من نقطة الغليان    سياسيون: «قمة المستقبل» تعكس جهود القيادة المصرية في تمكين الشباب    رئيس جامعة حلوان يشارك في مؤتمر دولي بفرنسا لتعزيز التعاون الأكاديمي    البورصة تواصل ارتفاعها بمنتصف التعاملات مدفوعة بمشتريات عربية وأجنبية    وجعت قلبنا كلنا يا حبيبي.. أول تعليق من زوجة إسماعيل الليثي على رحيل ابنها    الاحتلال الإسرائيلي يواصل تقليص المساعدات إلى غزة    الجامع الأزهر يتدبر معاني سورة الشرح بلغة الإشارة    الرئيس السيسى يتابع خطط تطوير منظومة الكهرباء الوطنية وتحديث محطات التوليد وشبكات النقل والتوزيع ومراكز التحكم ورفع مستوى الخدمة المقدمة للمواطنين بشكل عام.. ويوجه بمواصلة جهود تحسين خدمات الكهرباء بالمحافظات    ضبط فتاة زعمت تعدى 5 أشخاص عليها لزيادة نسب المشاهدات    التعليم العالي: بحوث الإلكترونيات يطور منظومة تصوير بانورامي ثلاثي الأبعاد    الصحة تنظم ورشة عمل لبحث تفعيل خدمات إضافية بقطاع الرعاية الأساسية    بداية جديدة لبناء الإنسان.. فحص 150 مواطنا بقافلة طبية بالأقصر    المنوفية تستعد لتدشين المبادرة الرئاسية "صحة وطن"    طالب يسأل والمحافظ يجيب في طابور الصباح.. «سأجعل مدارس بورسعيد كلها دولية»    نقل معبد أبو سمبل.. إعجوبة هندسية لا تُنسى    خبير علاقات دولية: نتنياهو يصر على إشعال الصراع في المنطقة    بالبالونات والشيكولاتة، مدرسة ابتدائية بالغربية تستقبل التلاميذ في أول أيام العام الدراسي (بث مباشر)    متصلة تشتكي: ابني طلب يحط إيده على منطقة حساسة.. وداعية ينصح    مدرب برشلونة يهاجم "فيفا" بسبب تراكم المباريات    بداية فصل الخريف: تقلبات جوية وتوقعات الطقس في مصر    انتظام الطلاب داخل مدارس المنيا في أول يوم دراسة    "كلامه منافي للشرع".. أول تعليق من على جمعة على تصريحات شيخ الطريقة الخليلية    اللهم آمين | دعاء فك الكرب وسعة الرزق    خالد جلال: الأهلي يتفوق بدنيًا على الزمالك والقمة لا تحكمها الحسابات    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



السُلَّم .. والثُعبان

من الأفراد والجماعات من يصعد بسُلَّمِ الديمقراطية إلى سُدَّة الحُكم، وما أن يذوق عسلَ السلطة حتى يتحرك ثعبانُ الطمع والغدر فى داخله فيركل السُلَّم كى لا يصعد إليها غيره.. مع أن العاقل مَنْ يعلم أن سُلَّم الديمقراطية ليس مجرد وسيلةٍ للصعود وإنما هو أيضاً وسيلةٌ للنجاة عند الفشل أو تَغَيُّر مزاج الناخبين أو انقضاء المدة التى يحددها الدستور.. لذلك تمتلئ البلدان الديمقراطية بالرؤساء السابقين الذين تركوا الحكم بنفس الوسيلة التى صعدوا بها، بينما الدول الاستبدادية لن تجد فيها حاكماً سابقاً.. لن تجد إلا حاكماً سَرمَدياً أو محبوساً أو معزولاً أو مسحولاً.. لا يكاد الواحد منهم يجلس على كرسى الحكم إلا ويحلو فى عينيه ويبدأ فى التحايل للالتصاق الأبدى به عبر إعلانٍ دستورى أو دستورٍ إعلانى (أى مُحتَقَر لا قيمة له).. وينشط منافقوه ودراويشه وزبانيته فى تدشين حفلات المبايعة الممجوجة.. وحرق أى بدائل محتملة.. بالتشويه والتخوين والتسفيه والقتل المعنوي.. وهو على الأقل أفضل من القتل المادى الذى يمتلئ التاريخ بأمثلةٍ شنيعةٍ له، لعل أكثرها مأساوية هو ما فعله محمد الثالث (أحد سلاطين الدولة العثمانية) الذى تولى الحكم عام 1595 م وهو فى التاسعة والعشرين عقب موت أبيه، وقبل أن يدفن أباه قتل إخوته الذكور كلهم وكان عددهم تسعة عشر أخاً فضلاً عن عشراتٍ من زوجات وجوارى أبيه الحوامل فى بدلاء محتملين.. المفاجأة التى لا مفاجأة فيها أن قتل البدائل لم يضمن له (ولا لغيره) أبدية المنصب فقد مات بعد ثمانى سنواتٍ فقط وحَلَّ محلَّه مستبدٌ آخر.
عودة إلى سُلَّم الديمقراطية وثعبان الحكم الفردى الكفيل بإسقاط الدول.. ليست فقط دول العالم الثالث كالعراق وليبيا.. وإنما يحضرنى نموذج ألمانيا هتلر فى مقابل نموذج بريطانيا تشرشل.
صعد هتلر إلى مقعد الحكم بِسُلَّم الديمقراطية إلا أنه سرعان ما رَكَلَه وأطاح بكل منافسيه (بل وبحلفائه) وحوَّل الدستور إلى خرقةٍ لا قيمة لها.. وجمع فى يده كل السلطات.. وطغى صوت دراويش الزعيم المُلهَم على الأصوات العاقلة التى حذَّرت من عاقبة هذا الطريق.. واتُهِم كلُ صوتٍ مختلِفٍ بالعمالة والخيانة.. وشيئاً فشيئاً كَبَّل الخوفُ شعباً متعلماً كالشعب الألمانى وحَوَّل الصوتُ الواحدُ دولةً عُظمى بِوَزن ألمانيا إلى نسخةٍ شبيهة بعراق صدام أو ليبيا القذافى أو أى ديكتاتوريةٍ من الديكتاتوريات التى عرفها عالمنا الثالث فيما بعد .. فالفاشية مِلَّةٌ واحدة.. كان هتلر يُحِبُ بِلادَه بلا شك.. ولم يكن حاكماً فاسداً.. ولكنه أصبح حاكماً مستبداً فكان ذلك وحده كفيلاً بأن يحَوّل الانتصارات الكاسحة التى بدأ بها عهده إلى هزائم كاسحة.. إذ عندما اتخذ قراره الكارثى بفتح جبهة قتالٍ مع روسيا لم يكن قد بقى إلى جواره مستشارٌ أمينٌ واحدٌ ينبههه إلى خطأ ما يفعل.. كان قد استبعد كل أولئك ولم يبق إلى جواره إلا حاملو الدفوف والمباخر المسبحون بعظمته.. وهؤلاء لا يُقَدِّمون نُصحاً وإنما هم رَجْعُ الصدى لإلهامات الزعيم وحِكمته.. وانتهى الأمر بسقوطه وسقوط الدولة معه.. وفى لحظة السقوط بحث عن السُلَّمِ فلم يجده.. كان قد رَكَلَه منذ سنواتٍ.. فلم يجد أمامه إلا الانتحار.
على النقيض من ذلك، صعد ونستون تشرشل بِسُلَّم الديمقراطية إلى رئاسة وزراء بريطانيا فى 1940 وبريطانيا على وشك الانهيار.. لم يركل السُلَّم ولم يؤلهه الدراويش ولم يُصَدِّق هو أنه مُلهَمٌ مع أنه مُلهَمٌ فعلاً، فقد كان مثقفاً رفيع المستوى حصل على جائزة نوبل فى الأدب (لا السلام) .. وسار مع شعبه إلى النصر عبر طريق الدم والعرق والدموع .. وفى عام 1945 هتفت له الحشود وهو يبشرها بتوقيع ألمانيا بيان الاستسلام.. وعندما أرادت نفس الحشود فى نفس العام (لأسبابها) أن تستبدله بآخر أكثر ملاءمةً للمرحلة .. لم يخرج صوتٌ يطالبه بإكمال جميله حاكماً أبدياً.. كان السُلَّمُ موجوداً فنزل عليه تشرشل معززاً مُكَرَّماً.. ثم صعد بالسُلَّمِ رئيساً للوزراء مرةً أخرى وهو فى الثامنة والسبعين من عمره من 1952 إلى 1955.
لا نقارن بين فضل كلٍ من هتلر وتشرشل على البشرية.. فكلاهما استعماريٌ ظالمٌ للشعوب الأخري.. وتشرشل كان معادياً لاستقلال الهند والمقاومة السلمية لغاندى مثلاً.. ولو بقى فى السلطة إلى 1956 لما اختلف موقفه الرافض لحق مصر فى تأميم القناة عن موقف خلفه إيدن.. ولكننا نقارن بين نفعهما لشعبيهما..
بدأت الحرب بانتصاراتٍ كاسحةٍ لألمانيا وهزائم كاسحةٍ لبريطانيا.. ولكن الديكتاتورية قادت ألمانيا إلى التفسخ.. فى الوقت الذى حفظت الديمقراطية بريطانيا فى النهاية.. هذا هو درس التاريخ المُجَرَّب والمُكَرر لمن يقرأ.. ويعي.
لمزيد من مقالات م يحيى حسين عبد الهادى


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.