أكد خبراء الإعلام أن جولة الإعادة من الانتخابات الرئاسية تشهد صراعا إعلاميا ودعائيا قويا بين المرشحين محمد مرسي وأحمد شفيق, حيث شهدت استراتيجيات الدعاية تغيرا لكلا منهما عنها في الجولة الأولي. واعتمد كلاهما علي الدعاية السوداء التي تركز علي حملات التشويه للآخر, مستغلين في ذلك شتي وسائل الإعلام المتاحة. ويقول الدكتور عبدالله زلطة رئيس قسم الإعلام بآداب بنها: من الطبيعي أن تكون هناك فروق جوهرية في العملية الدعائية بين الجولتين الأولي والثانية, ففي الجولة الأولي كان هناك أكثر من مرشح, وبالتالي تنوعت أساليب الدعاية بين المرشحين, وكان هناك تفتيت للأصوات بينهم, أما الآن فإن الدائرة تضيق بين مرشحين فقط, ويمكن حصر ملامح الدعاية في جولة الإعادة في عدة نقاط أهمها: استخدام كلا المرشحين أساليب التشويه لسمعة الخصم, والتركيز علي نقاط الضعف ودغدغة مشاعر الجماهير, خاصة هؤلاء الذين لا يزالون يقفون علي الحياد ولم يحسموا أمرهم بعد, كما يلاحظ استغلال الشعارات الدينية في الانتخابات, وهو ما قام به المرشح محمد مرسي, في حين أن أنصار المرشحين استخدموا أساليب غير قانونية, فقام البعض بحرق مقر المرشح المنافس. أما فيما يتعلق بالمرشح أحمد شفيق فيلاحظ الفقر الشديد لدي حملته الدعائية وافتقاده للأساليب الحديثة في الدعاية وعدم القدرة علي استخدام المواقع الإلكترونية علي الإنترنت, علي عكس المرشح محمد مرسي الذي نجح في استقطاب آلاف الشباب لهذا الغرض. كما أنه ليس مقبولا أن يقوم المرشح بالرد علي اتهامات خصمه بنفسه, فأين المتحدث الرسمي وأفراد الجهاز الدعائي لكل منهما؟ وأضاف الدكتور عبدالله أن كلا المرشحين لم يستفد من الحملات الدعائية للانتخابات الأمريكية أو حتي الفرنسية التي جرت أخيرا, وانتهت بفوز هولاند علي ساركوزي بنسبة ضئيلة جدا. وتقول الدكتورة حنان يوسف أستاذ الإعلام بآداب عين شمس: إن الحملات الانتخابية للمرشحين في جولة الإعادة غلب عليها طابع الدعاية السوداء التي تعتمد علي تشويه الآخر, معتمدين علي ما يعرف في علم الحملات الإعلانية باستراتيجية تفتيت المنافس وتحقير العدو, ولم يتم التركيز علي البرامج الانتخابية نهائيا, وهو ما لاحظناه أيضا في الجولة الأولي حتي بين المرشحين الثلاثة عشرة, فلم يهتم أي منهم بشرح برنامجه الانتخابي للمواطنين, أو محاولة تقديم نفسه من خلال تفاصيل برنامجه حتي في ظل التمويل الضخم والمبالغ فيه لحملات الدعاية, وافتقادها للشفافية حتي علي مستوي التقويم الدولي, فكثير من المنظمات العالمية أعربت عن دهشتها من التمويل الضخم لحملات المرشحين في انتخابات الرئاسة المصرية. وتضيف أن السياق الاجتماعي والسياسي للعملية الانتخابية في مصر يتمتع بخصوصية, فمن الصعب القول إن المرشح الأكثر كفاءة, وصاحب البرنامج الانتخابي الأفضل هو من سيفوز في النهاية, خاصة أن معظم الناخبين يذهبون للتصويت وهم ليسوا علي اقتناع بأحد المرشحين, بل تحت ضغط الرغبة في التخلص من التوترات السياسية المتزايدة علي الساحة حولهم, ومعتقدين أن انتخاب الرئيس أيا كان سيؤدي إلي الاستقرار. وعن الدور الذي لعبته وسائل الإعلام في العملية الانتخابية تقول د. حنان: إنه علي الرغم من وجود بعض وسائل الإعلام المحايدة والوطنية, فإن الأغلبية كانت بعيدة عن المهنية واحترام حرية الرأي والحياد, ولعب بعضها دورا في إدارة الصراع السياسي والانتخابي بدلا من أن تسهم في تنمية وعي المجتمع والناخبين, خاصة أن مجتمعنا لا يمتلك رفاهية الديمقراطية مثل الدول المتقدمة, وكان لابد للإعلام أن يعاونه بدلا من أن يضلله, كما أن الأزمة لم تتوقف عند حدود وسائل الإعلام المرئي والمطبوع فقط, بل امتدت إلي ما يعرف بالإعلام الجديد, وهي وسائل الإعلام الإلكتروني ومواقع التواصل التي عرفت بأيقونة الثورة, فإن المرشحين استغلوها بشكل سييء من حملات التشويه المتبادلة, والدعاية السوداء في ظل عدم وجود أي ضوابط مهنية أو رقابية عليها, ومستغلين حماسة الشباب علي مواقع الفيس بوك و تويتر.