◄ النمنم: «رئيس الجمعية الجغرافية أكد لى أن الجزيرتين ليستا مصريتين» ◄ القشيرى: مصر مارست سيادتها على «تيران» 6 سنوات فقط على مدى تاريخها
علي مدار نحو 3 ساعات متواصلة، عقد المجلس الأعلي للثقافة مساء أمس الأول ندوة مهمة بعنوان «تيران وصنافير في القانون الدولي» بحضور وزير الثقافة حلمي النمنم وعدد من فقهاء وكبار أساتذة القانون الدولي، وأعضاء من مجلس النواب وعدد من الإعلاميين والشباب، وذلك لمناقشة إشكالية تبعية جزيرتي تيران وصنافير وفقا لقواعد وأحكام القانون الدولي. حيث أجمع المشاركون في الندوة علي عدم مصرية الجزيرتين، وذلك بعد سرد الشهادات التاريخية واستعراض الأحداث الزمنية الذى واكبت فترة التوتر السياسي والعسكري الذي كانت تشهدها المنطقة العربية في أواخر عام 1949، وفي ظل التهديدات التي تعرضت لها المنطقة مع بداية وجود الكيان الصهيوني. في بداية الندوة قال الكاتب الصحفي حلمي النمنم، وزير الثقافة، إنه كان حاضرا في مراسم توقيع اتفاقية ترسيم الحدود البحرية بين مصر والمملكة العربية السعودية في الثامن من إبريل الماضي، وقال: »كنت أعلم وقتها أنه سوف يحدث جدل واسع في الشارع المصري بعد الاعلان عنها«، وأوضح أنه بعد الجدل الذي أثير حول تبعية الجزيرتين التقي رئيس الجمعية الجغرافية الذي أكد له أن جميع الخرائط تثبت أنهما سعوديتان وليستا مصريتين. وأوضح النمنم، أن الندوة التي ينظمها المجلس الأعلي للثقافة عقدت لتوضيح أمر الجزيرتين، من الناحية القانونية والعلمية وليست السياسية، وأعلن أنه سيتم إصدار كتيب موثق بالخرائط عن »تيران وصنافير«، وأنه لا يوجد من يقبل التفريط في حبة رمل مصرية واحدة. وأضاف النمنم، أن هناك وجهات نظر تؤكد أن تيران وصنافير مصرية، وينبغي أن تبقي في حوزة مصر، مشيراً إلي أنه يقدر هذا الرأي ويحترمه، لأن ذلك ينبع من إيمان وطني، وحب لمصر وأن دور الوزارة شرح وتوضيح وجهات النظر، وأن يتم الاحتكام في النهاية إلي الحقائق والحقوق التاريخية وليس العواطف. من جانبه استهل الدكتور أحمد القشيري، أستاذ القانون الدولي وعضو هيئة تحكيم طابا، حديثه قائلا: »أنا أبلغ 84 عاما، ولم يعد في العمر إلا القليل، والساكت عن الحق شيطان أخرس«، وأشار إلي أن هناك فرقا بين الأراضي التابعة للدولة، والأراضي التي تقع تحت يدها بهدف الحماية، مثلما كانت غزة تحت حماية مصر في وقت من الزمان. وأكد القشيري- أنه في 1950 أرسلت مصر إلي الأممالمتحدة قرار غلق خليج العقبة علي أساس اتفاق مع السعودية لتضع مصر أسلحتها علي الجزيرتين لمنع السفن، وغلق المنافذ حول إسرائيل، ولم تدع مصر في قرارها آنذاك امتلاكها للجزيرتين وإنما أكدت أنها تضع يدها عليهم بنية الدفاع لا التملك. وأضاف القشيري، أنه في عام 1956 احتلت إسرائيل جزيرة تيران، وبالتالي أصبحت كل السفن الإسرائيلية تمر من هناك حتي عام 1967 حيث قرر الرئيس جمال عبد الناصر آنذاك طرد القوات الدولية من الجزيرتين، وبقيت القوات الإسرائيلية علي الجزيرتين حتي معاهدة السلام، حيث تم تشكيل قوات متعددة الجنسيات وهي القوات الموجودة هناك حتي يومنا هذا. وأكد القشيري، أن الإدعاء بأن الجنود المصريين استشهدوا دفاعا واستبسالا للحفاظ علي الجزيرتين، مجرد كلام لا أساس له من الصحة، فمصر لم تمارس وجودا فعليا علي »تيران« إلا لمدة 6 سنوات فقط في تاريخها منذ عام 1950 حتي 1956، قائلا: »حرام نقول إن السيسي بيفرط في أراضي مصر، وأنا كمصري لا أقبل هذه الإهانة«، مشيرا إلي أنه أصر علي حضور هذه الندوة للإدلاء بالحقيقة علي الرغم من تقدمه في السن، مكررا قوله: »الساكت عن الحق شيطان أخرس«. من جانبه طلب الإعلامي مفيد فوزي مداخلة أكد فيها احترامه واعتزازه بالمشاركين في الندوة وأثني علي مواقفهم الوطنية الراسخة، وقال إن معظم المصريين لا يهمهم موضوع الندوة سواء كانت الجزيرتان مصريتين أم سعوديتين، مشيرًا إلي أنه طالب من الرئيس بأن تنظر الدولة لمحدودي الدخل، والكثير من القضايا داخل البيت المصري تحتاج لمناقشة، وطالب مفيد فوزي بأن يتم مناقشة موضوعات أكثر أهمية من وجهة نظره ومشاكل الشارع المصري الحقيقي. ومن جانبه رد المستشار خالد القاضي، أستاذ القانون الدولي ومستشار وزير الثقافة لشئون الثقافة القانونية، علي تعليق الإعلامي مفيد فوزي بأن موضوع الندوة مهم للغاية وليس بسيطًا، ويشغل قطاعا عريضا من المجتمع، لأن هذا هو دور رجال القانون الدولي، ولو تجاهلنا ذلك فسوف نكون ارتكبنا ذنبا كبيرا، وكشف عن موافقة وزير الثقافة علي تخصيص ثلاث ندوات شهرية لمناقشة قضايا الشارع المصري تبدأ اعتبارا من 25 إلي 27 سبتمر المقبل. وتابع المستشار خالد القاضي، إن إقامة الندوة بالمجلس الأعلي للثقافة حول »تيران وصنافير«، تهدف إلي معرفة موقف الجزيرتين في أحكام القانون الدولي، وأن القانون هو الحكم والقائد، ونحن أمام اتفافية ترسيم الحدود عام 2016، التي تعين حدود مصر والسعودية، وتدخل حيز النفاذ بعد التوقيع عليها، بعد إبلاغ الأمين العام بها وتم التوقيع عليها من قبل المهندس شريف إسماعيل رئيس الوزراء المصري ونظيره السعودي. فيما أكد الدكتور نبيل حلمي استاذ القانون الدولي ورئيس جامعة الزقازيق الأسبق أن الفيصل في الأمر هو الاتفاق الذي تم في عام 1950 بين مصر والسعودية، والتي طالبت فيها المملكة بحماية هذه الجزر ولم تكن المملكة قوية حينها وليس لديها جيش مثل مصر ولو كانت الجزر مصرية لما حدث هذا الاتفاق، وأوضح أن البعض احتج بأن الرئيس عبدالناصر قد صرح بمصرية الجزيريتن غير واقعي، ولقد قال الزعيم الراحل إن مصر و سوريا دولة واحدة وهو تصريح سياسي كما أن اتفاقية الأممالمتحدة لترسيم البحار تثبت ملكية السعودية للجزيرتين. وأضاف حلمي قائلا: »إذا ذهبنا إلي التحكيم الدولي سنخسر القضية فور تقديم ما يثبت اتفاق الملك عبدالعزيز والملك فاروق عام 1950 والذي يقضي بتوفير الحماية المصرية للجزيرتين. فيما قال الدكتور أحمد رفعت أستاذ القانون الدولي ورئيس جامعة بني سويف الأسبق، إن تناول الجماهير للقضية أفقدها أهميتها وتناول غير المتخصصين للأمر سيئ جدا ولذلك لابد من توعية الرأي العام وأمور التحكيم الدولي وترسيم الحدود يحتاج إلي خرائط وطبقا للخرائط الجزر سعودية ومصر ستخسر القضية فور التقدم بأي إخطار بالنزاع وهذا غير مقبول الآن. مشيرا إلي أن مصر تمارس الحماية علي جزيرة الفرسان وهي جزيرة سعودية تقع في مدخل البحر الأحمر بالقرب من اثيوبيا وأريتريا وتمتلك مصر فيها قاعدة جوية وبحرية، وبحسب اتفاقية ترسيم الحدود البحرية الجديدة فإن مصر تمارس الحماية علي «تيران وصنافير» لمدة 65 عاما كما ستحصل علي كل الثروات التي كانت تقع في الجانب المصري والتي كانت متروكة دون تنقيب وأيضا 25 % من الثروات المائية والبترولية التي تقع علي الجانب السعودي. بدوره، قال السفير محمد العرابي، وزير الخارجية الأسبق، ورئيس لجنة العلاقات الخارجية بالبرلمان إن مجلس النواب هو الذي يجب أن يفصل في أمر الجزيرتين وليس أي جهة أخري كما أن انقسام المصريين طبيعي في ظل ما يحدث وأن أعضاء البرلمان منقسمون في تلك القضية رغم أن كتب السياسة والقانون الدولي التي درسناها تؤكد أن الجزر تابعة للسعودية، وقال انه سوف ينقل ما تم الوصول اليه من رأي قانوني خلال تلك الندوة إلي أعضاء البرلمان حتي يطلعهم علي حقيقة تبعية الجزيرتين وفقا للقانون الدولي، وطلب بعقد ندوة مماثلة داخل البرلمان. فيما أكد الكاتب الصحفي مصطفي بكري عضو مجلس النواب أن بعض وسائل الإعلام هي التي تسببت في حالة البلبلة التي صاحبت الإعلان عن اتفاقية ترسيم الحدود بين مصر والسعودية من خلال ما سماه «دس السم في العسل للمصريين» وأوضح أن بعض الكتاب روجوا الأكاذيب لمصلحة أجندات شخصية في صراعهم مع الحكومة ولم يتحدث أحد منهم بشفافية ووضوح حول المستندات والإتفاقيات والخرائط التي تثبت تبعية تيران وصنافير للسعودية وقال أن هناك من روج الأكاذيب بأن مصر تضع يدها علي الجزيرتين بمنطق وضع اليد وهو لا وجود له في القانون الدولي كما أن الأمير سعود الفيصل طلب في خطاب للوزير عصمت عبدالمجيد برد الجزيرتين إلا أن رد مصر الرسمي كان الإعتراف بسعوديتهما وأن الظرف غير مناسب لردهما، وقال بكري إن فريقا أمنيا رفيع المستوي ذهب لمبارك في المستشفي عام 2010 وسأله عن موقف الجزيرتين واعترف مبارك بتبعيتهما للسعودية وقال نصا: «كنت بماطل وأسوف علشان الرأي العام». من جانبه قال الدكتور جمال سلامة أستاذ العلوم السياسية بجامعة السويس إننا تعلمنا من كتب السياسة والقانون تبعية الجزيرتين للسعودية وأن شهادة أحد أعضاء اللجنة العسكرية المصرية التي تم تشكيلها لمنع اسرائيل من المرور في خليج العقبة وهو محمود رياض وزير الخارجية الذي أكد تبعية الجزر للسعودية بعد أن طلبت مصر من المملكة نهاية عام 1949 بوضع قوات مصرية علي الجزيرتين وهذه شهادة مهمة للتاريخ وتلك الشهادة تم نشرها في كتب الوزير خلال فترة الستينيات رغم علاقة البلدين السيئة وقتها. فيما قال الدكتور أيمن سلامة أستاذ القانون الدولي إن السعودية قامت بتعيين حدودها قبل مصر بواحد وثلاثين عاما وضمت الجزيرتين في تلك الخرائط وكذلك الخريطة المعتمدة من الأممالمتحدة عام 1990 والتي أوضحت خلو الأقليم المصري من الجزيرتين، وبالتالي تبعيتهما للمملكة العربية السعودية.