أعلن الرئيس التركي رجب طيب أردوغان أنه سيغادر اسطنبول إلي أنقرة لمباشرة مهام الحكومة من هناك، مطالبا أنصاره بالبقاء في الميادين حتي يوم الجمعة المقبل. وقال أردوغان في كلمة له وسط أنصاره الذين تجمعوا أمام منزله في أسطنبول إن»التهديد الذي يواجهنا لم ينته تماما. علينا أن نواصل المسيرات والاعتصامات ومواصلة إفشال الحيل والدسائس. أنهم يعرفون كيف يطعنون بالظهر». وتعهد الرئيس التركي بمحاسبة كل من شارك في محاولة الانقلاب الفاشلة ضده، معلنا تنفيذ قوات الشرطة عملية ناجحة ضد الانقلابيين في مدينة قونية. وقال «لن نتسامح مع الانقلابيين، وقمنا بعملية أمنية ناجحة ضدهم في قاعدة قونية الجوية، وتم السيطرة علي أسلحة أيضا». وأشار أردوغان: إلي أنه تواصل مع السلطات اليونانية، لتسليم المروحية التي فر بها ضباط إلي الأراضي اليونانية، وأكد أن الحكومة اليونانية أعلنت أنها ستحاكم الطيارين الهاربين إليها، ثم تقوم بتسليمهم إلينا..»لن يفروا من العدالة». وردا علي طلب الحشد تطبيق عقوبة الإعدام ضد المشاركين في محاولة الانقلاب، قال أردوغان «لا يمكننا تجاهل هذا المطلب»، مضيفا أن الحكومة ستناقش الأمر مع أحزاب المعارضة. وطالب أردوغان الولاياتالمتحدة ودول الغرب بتسليم أنصار الداعية فتح الله جولن. وقال إن«وزارتي العدل والخارجية ستخاطبان الولاياتالمتحدة ودولا غربية أخري للمطالبة بتسليم مؤيدي جولن. لدينا وثائق تثبت أن جماعة جولن إرهابية وسنقدمها لأمريكا». وفي السياق نفسه، أعلن الجيش التركي أمس نهاية محاولة الانقلاب»رسميا» من جانب من أسماهم ب»الخونة» لبلدهم. وتعهد الجيش في بيان أذاعته محطة «تي آر تي» الرسمية ونشرته وسائل إعلام محلية بتوقيع عقاب شديد علي كل من شاركوا في تلك المحاولة الفاشلة. وفي الوقت نفسه، ذكرت وكالة أنباء»الأناضول» أن مساعد الرئيس رجب طيب أردوغان للشئون العسكرية قد اعتقل في إطار التحقيق حول محاولة الانقلاب. وأضافت الوكالة أن نيابة أنقرة طلبت وضع الكولونيل علي يازجي، مساعد أردوغان منذ 12أغسطس 2015، في الحبس علي ذمة التحقيق. ومن جانبها، ذكرت مصادر أمنية أن قوات تابعة للشرطة اقتحمت مقر القاعدة الجوية الثالثة التي يتحصن فيها مجموعة من الانقلابيين في مدينة قونية، مشيرة إلي اعتقال 7من العاملين في قيادة القاعدة، بينهم قائد الطلعات الجوية. كما أشارت إلي تبادل لإطلاق النار بين قوات الأمن وعناصر من الجيش في مطار صبيحة بأسطنبول خلال محاولة توقيفهم للتحقيق في صلتهم بمحاولة الانقلاب، فيما تم اعتقال قائد الدرك في المطار. ومن جانبه، ذكر مسئول أن قوات إنفاذ القانون التركية أطلقت أعيرة تحذيرية قرب مطار إسطنبول الثاني والانقلابيون لم يردوا وبدأت عملية اعتقالات الآن. ومن جهتها، أعلنت الخارجية التركية ارتفاع عدد قتلي محاول الانقلاب إلي 290، حيث لقي 190مدنيا مصرعهم و 100من المشاركين في محاولة الانقلاب، فيما أصيب 1400آخرون. وأعلن بكير بوزداج وزير العدل التركي أنه جري اعتقال ستة آلاف شخص حتي الآن لهم صلة بمحاولة الانقلاب الفاشلة، مؤكدا أن «عملية التطهير مستمرة» وأنه سيتم اعتقال المزيد. وفي سياق متصل، كشف مسئول تركي كبير لوكالة أنباء «رويترز» أنه بعض العسكريين المهمين من مدبري الانقلاب لايزالوا صامدين في اسطنبول ولم يلق القبض عليهم حتي الآن. وعلي صعيد ردود الأفعال الدولية علي محاولة الانقلاب، طالبت دول العالم تركيا باحترام القانون وعدم تحجيم الديمقراطية. ففي واشنطن، حث الرئيس الأمريكي باراك أوباما كل الأطراف في الأزمة التركية علي تجنب أي سلوك يؤدي إلي زعزعة الاستقرار، داعيا إلي الالتزام بحكم القانون. وجدد دعمه للحكومة التركية»المدنية والمنتخبة ديمقراطيا». وفي الوقت ذاته، ذكرت وزارة الدفاع الأمريكية «البنتاجون» أنه تم الاتفاق أمس مع الأتراك علي استئناف العمليات الجوية من قاعدة إنجيرليك ضد تنظيم داعش الإرهابي. وفي الوقت ذاته، أجري وزير الخارجية الأمريكي جون كيري اتصالا هاتفيا بنظيره التركي مولود تشاويش أوغلو للتأكيد علي دعم بلاده لأنقرة، كما أعرب عن رفض الإدارة الأمريكية للتصريحات والتلميحات التي اتهمتها بالضلوع في المحاولة الانقلابية. علي صعيد آخر، أعرب الرئيس الروسي فلاديمير بوتين خلال مكالمة هاتفية مع نظيره التركي عن أمله في استعادة النظام والاستقرار في تركيا، مؤكدا رفض روسيا للإجراءات غير الدستورية والعنف في الدولة. وذكرت وكالة أنباء الأناضول نقلا عن مصادر بالقصر الرئاسي التركي أن هناك لقاء وجها لوجه بين بوتين وأردوغان في الأسبوع الأول من أغسطس القادم. وفي باريس، توقع الرئيس الفرنسي فرانسوا أولاند أن تعود تركيا إلي فترة القمع في أعقاب الانقلاب الفاشل. كما صرح وزير الخارجية الفرنسي جان مارك إيرو بأن محاولة الانقلاب لا تعني إعطاء أردوغان «شيكا علي بياض» لتنفيذ عمليات تطهير، داعيا أنقرة إلي احترام دولة القانون. وفي برلين، اعتبر فرانك فالتر شتاينماير وزير الخارجية الألمانية تهدئة الوضع في تركيا حاليا أمرا مهما بالنسبة للعلاقات الألمانية - التركية بصفة خاصة. وكان الرئيس الألماني يواخيم جاوك قد قال : «إن توقعي من الحكومة التركية يتمثل في أن يتم حماية المبادئ الدستورية والديمقراطية». وفي فيينا، طالب سيباستيان كورتس وزير الخارجية النمساوي الاتحاد الأوروبي بتوجيه رسالة قوية إلي أردوغان ليحترم سيادة القانون والعدالة، وذلك قبل الاجتماع المقرر اليوم الإثنين لوزراء الخارجية الأوروبيين. وقال كورتس إنه»خلال اجتماع مجلس الشئون الخارجية في بروكسل»يتعين ألا يحدث تطهير تعسفي، ولا عقوبات خارج الإطار القانوني والقضائي».