فى حكم غير مسبوق لمحكمة القضاء الإدارى ، لينصف طلاب الثانوية العامة الذين يطعنون فى «التقدير الفني» للمصحح، وهى القضية الأزلية كل عام التى يعانيها مظاليم الطلاب مع الوزارة التى ترفض إعادة تصحيح ورقة الإجابة أو اسئلة يجد الطالب أنه تعرض للظلم فيها ، فالمصحح يرتبط بنص نموذج الإجابة فقط، دون الاستجابة لحلول الطلاب النابغين ليفاجأ الطالب المبدع أن درجته فى المادة أقل من حقه بكثير ، فإذا اتجه الطالب للقضاء فى قضية عاجلة فتستغرق أكثر من 3 أشهر وحتى عام دراسى كامل، ليضيع عليه العام الجامعى الجديد . فجاءت كلمة القضاء لتنصف الطالب عن نتيجة العام الماضي، حيث أكدت محكمة القضاء الإدارى بالاسكندرية، برئاسة المستشار الدكتور محمد عبد الوهاب خفاجى نائب رئيس مجلس الدولة، أن تعليمات وزير التعليم بحظر منح الطلاب ما يستحقونه من درجات عند تظلمهم فيه إهدار لحقوقهم واغتيال لجهدهم ونبوغهم . وقضت المحكمة بوقف تنفيذ قرار وزير التربية والتعليم فيما تضمنه من إعلان نتيجة الثانوية العامة فى العام الدراسى الماضى فى مادة الكيمياء للطالب المتفوق ايمن منصور عكاشة وما يترتب على ذلك من اثار اخصها اضافة درجة له فى تلك المادة وتعديل المجموع الكلى لدرجاته بعد إضافة الدرجة لتصبح 403 /410 ، مما يثير مشكلة أزلية وسنوية بين طلاب الثانوية العامة ووزارة التربية والتعليم ، فى الوقت الذى تسمح فيه الوزارة بمصادرة والاستيلاء على المبالغ التى يدفعها أولياء الأمور لإعادة التصحيح الذى لن يتم ، حيث تفرض الوزارة اقتصار التصحيح على الجزئيات التى لم تصحح والدرجات التى لم تجمع فقط ، وهذه ليست مشكلة الطالب الأولى على مستوى التصحيح، الذى لا ينظر لملاحظاته مادامت ليست فى إطار مفهوم الوزارة التى تنسى أن كثيرا من المصححين لا يدرسون المادة ، فالطلاب يغيبون طوال العام الدراسى ، ويلتزم المدرس فقط بنص نموذج الإجابة حرفيا ، وحتى نموذج الإجابة جاءت به أخطاء فى بعض مواد هذا العام ،مثل الفيزياء ، وكذلك فى أسئلة التاريخ ، فالطلاب الذين يشعرون أن درجاتهم لا تعبر عن مستواهم الحقيقى وإجاباتهم فى الامتحانات ، ويدفع الواحد منهم ما بين 200-600 جنيه فى طلب إعادة التصحيح ، لا يجدون أى استجابة حتى فى تصحيح الأساسيات التى لا خلاف عليها ،حيث لا تزيد نسبة من يحصلون على الدرجات الإضافية على 5% فقط ، كلها تتركز فى الجمع أو إعادة تصحيح جزئية متروكة فقط. عذاب الطالب والأسرة ويوضح السيد عماد عزيز موجه عام اللغة الفرنسية بمديرية التعليم بالقاهرة ، أن الطالب بعد أزمة هذا العام فى الثانوية والدروس الخصوصية التى ارهقته وأسرته ، ثم ما حدث من حالات التسريب والغش ، أصبحت مشكلته كيف يحصل على حقه من تقدير الدرجات فى المواد بعد عام من عذابه وأسرته ، فإذا به يصطدم بوزارة باعت نتيجته للمواقع الإلكترونية ب 250 ألف جنيه ، لتتكسب من ورائه ويضطر للخضوع تحت مسمى (البزنس) الذى تمارسه المواقع الالكترونية وتجار المناسبات الذين جعلوه سلعة ، فإذا اصطدم بأن مجموعه أقل من حقه ، عليه أن يدخل دائرة جديدة من الاستغلال ، بالطعن فى التصحيح ، بأن يدفع مائة جنيه عن كل مادة بالبنك لمصلحة الوزارة ، ويتقدم للجنة التظلمات ، والتى لا تلتفت إلى إعادة التصحيح ، فالتقدير الفنى هو أول المشكلات المزمنة التى تواجه الطالب برغم أن حقه القانونى هو إعادة تصحيح ورقة الإجابة ليضمن حقه ، ونسيت الوزارة أن جميع المدرسات اللاتى يشاركن فى التصحيح نسين مادتهن لأنهم لا يمارسن تدريسها منذ سنين طويلة لغياب الطالب طوال العام وكان وزراء سابقون يلتزمون بإعطاء الطالب هذا الحق من خلال لجنة يرأسها موجه المادة ، فظروف الامتحان فى الإجهاد والحر الشديد والصيام تجعل نسبة الأخطاء البشرية فى التصحيح عالية جدا، مما يحتمل معه عدم تركيز المصحح على معايير وعناصر الإجابة المطلوبة ، ويضع تقديره الفنى ودرجته اعتمادا على خبرته وفهمه للمادة وتدريسها ، مع السرعة المطلوبة لتصحيح ورقة الإجابة كلها خلال 2-3 دقائق ، ومع هذه الحقيقة يضطر المصحح أن يأخذ الإجابة بالشبه أو بالكتلة والشكل ، وهى ظاهرة موجودة على مستوى معظم المواد خاصة فى الساعات الأخيرة فى نهاية اليوم ، لدرجة أن الحقيقة المرة التى لا تريد الوزارة الاعتراف بها هى أنه لو امتحن المدرسون فى نفس الامتحان، فإن معظمهم لن يحصل على درجة النجاح، لذلك فإن المصحح يعتمد أساسا على نموذج دون فهم روح المادة، وكذلك بالنسبة لأسئلة الاختيار من متعدد فإن الإجابة الأولى هى التى يحاسب عليها الطالب ولا يأخذ درجة الثانية إذا كانت هناك أكثر من إجابة ، وهذا يعنى أن الفرص ضيقة وقاتلة أمام إنصاف الطالب بالدرجات التى يستحقها ، بينما جمع الدرجات يكون أكثر من عشر مرات والصفحات تخضع لنظرة من المراجع والكنترول أيضا . أزمة اللغة العربية ويشير ياسر إبراهيم معلم خبير لغة عربية، إلى أن معظم الطلاب يتقدمون للتظلمات فى درجات اللغة العربية ، لأن معظم اجابات الأسئلة تخضع للتقدير الفنى الذى ترفض الوزارة إعادة تصحيحه وبرغم أن هذه المادة تمثل 20% من مجموع الطالب فى الشعب الثلاث ، وترصد لها 80 درجة ، منها 14 للتعبير ، و14 للقراءة ، و12 للأدب والبلاغة ، و20 للنصوص ، و20 للنحو ، ففى التعبير مثلا يجب أن يلتفت الطالب إلى أنه ملتزم بعناصره الخمسة وهى المقدمة والأسلوب وانتفاء الأخطاء اللغوية والنحوية ، وحسن الخط ثم الخاتمة ، وبالتالى يستحق كامل الدرجة ليطالب بها رسميا ، خاصة الأسئلة المشطوبة من جانب المصحح ، فيجب أن يطلب إعادة التصحيح وإضافة درجتها ، ويشرح العناصر الموجودة بجزئيات الدرجات فى السؤال وعلى كل عنصر بأسلوب مفهوم جيدا ، وأن يلفت النظر إلى العناصر المتفرقة فى ثنايا الإجابة لأنها تعتبر غير مصححة ، لأن من مواصفات الأسئلة المقالية خاصة المواد الأدبية أن الدرجات تتوزع حسب خمسة عناصر على الأقل يلتزم بها الطالب فى الإجابة ، والتى للأسف لا يلتزم بها المصحح بل يضع الدرجة غالبا بالشكل والحجم ، وهذا يعطى الطالب الفرصة للطعن فى هذه الدرجة وبالإقناع ، وبالنسبة لسؤال الخطأ والاختيار يركز الطالب فى احتجاجه على الجزئيات الصحيحة فى السؤال التى لم يحصل على الدرجة بها أو الناقص فى التقدير ، ولمعانى الكلمات يجب توضيح أن معنى الكلمة البديلة يوافق نفس معنى المطلوبة فى نموذج الإجابة ،ملاحظة أنه ليس من حق المصحح تحت أى سبب إجراء أى شطب فى ورقة الإجابة ، بل يضع درجة عليها حتى ولو كانت (صفرا)، وأن أى شطب يستوجب من الطالب إعادة تصحيح الإجابة.