خاض الدكتور أحمد كريمة، أستاذ الشريعة الإسلامية بجامعة الأزهر، معارك كثيرة مع الجماعات التى تتاجر بالدين، وتصدى بفكره الأزهرى الوسطى المعتدل، لكثير من الآراء التى صدرت عن عناصر هذه الجماعات المتطرفة، وهو يرى أن غير المتخصصين والدخلاء على الدعوة يحاولون دائما، التسلل للمنابر والسيطرة على المساجد.. بل يحذر من هذه الاختراقات فى الوقت الحالي، وفى حواره معنا دار الحديث عن مواجهة الفكر المتطرف، ودور المؤسسات الدينية الرسمية فى هذه المواجهة، وضرورة التنسيق بين هذه المؤسسات فى تجفيف منابع التطرف، وكذلك دور المؤتمرات الدينية فى قضايا تجديد الخطاب الدينى .. وإلى نص الحوار : ما هى النصائح التى توجهها للصائمين للحفاظ على الطاعة وعدم إضاعة الوقت ؟ رمضان هو شهر القرآن والتقرب إلى الله عز وجل، وأنصح المسلم بالتركيز فى العبادة، والحفاظ على صلاة الجماعة فى المسجد، وأن يحافظ المسلم على الوقت، ويسعى بكل جهد لعمل الخير والطاعات، وأن يحرص على حضور الدروس الدينية فى المساجد، وأن يبتعد عن الغيبة والنميمة، وألا يضيع الوقت فى السهر أمام البرامج والمسلسلات والأفلام، ومن الأفضل أن يخصص الصائم بعض الوقت يوميا، لقراءة القرآن الكريم، وأن يستمر ذلك طوال الشهر، لأن البعض قد يجتهد فى العبادة فى بداية رمضان، وبعد ذلك يتراجع وينشغل بالسهر وإضاعة الوقت فيما لا يفيد، كما أطالب الصائم بأن يجتهد فى العمل فى نهار رمضان، لأنه من الظواهر السلبية أن البعض قد يتعلل بالصيام، ولا يبذل نفس الجهد فى العمل، كما كان يفعل قبل رمضان، وهنا نؤكد أن رمضان هو شهر العمل والعبادة، كذلك على المسلم أن يحرص على صلة الأرحام والتواصل مع الأهل والأقارب والجيران، وأن يعطف علىالفقراء والمحتاجين والأيتام، لأن هذه أفضل الأعمال فى هذا الشهر الكريم . كثر الحديث عن قضية تجديد الخطاب الديني، لماذا لم نر ذلك فى أرض الواقع ؟ فى البداية يجب تصحيح الوصف والمصطلح، والقضية ليست قضية تجديد أو تطوير أو تحديث، لأن الخطاب الدينى الإٍسلامى متوازن منذ أن أذن الله تعالى بالرسالة المحمدية، لكن المطلوب تحديدا هو«واقعية الخطاب الديني»، وهذه الواقعية تستدعى أدوات فاعلة، من ناحية العملية التعليمية التخصصية، والعملية الدعوية، والإعلام الدينى التخصصي، وأن يقوم بهذا أكفاء وأصحاب رسالة قال الله تعالى عنهم « الَّذِينَ يُبَلِّغُونَ رِسَالَاتِ اللَّهِ وَيَخْشَوْنَهُ وَلَا يَخْشَوْنَ أَحَدًا إِلَّا اللَّهَ»، ولكن هذه الواقعية لم تحدث، لعدم وجود خطط عملية، وتهميش الإصلاحيين بالأزهر والأوقاف، وإرهابهم بالتحقيقات وحملات التشويه، ولذلك كان هناك تراجع للثقة، نتيجة تصرفات بعض المحسوبين على المؤسسات الدينية، الذين يقدمون بعض الآراء الغريبة فى وسائل الإعلام. وفى رأيك ما هى النتائج الإيجابية للمؤتمرات التى عقدت حول قضايا الخطاب الدينى ؟ كل هذه المؤتمرات إعلامية تروج للداعين لها، لأن جميع هذه المؤتمرات حملت عناوين براقة، لكنها ليس لها أى تأثير على أرض الواقع، وفارغة المضمون، وفاقدة الخطط، والمؤكد أن هذه المؤتمرات تستنزف أموال المسلمين المرصودة للدعوة الإسلامية، وهذه الأموال تنفق على الإقامة فى الفنادق وغير ذلك من الأمور، ولم تشهد هذه المؤتمرات رصد للأفكار التكفيرية أو الرد عليها، وتوصيات جميع هذه المؤتمرات حبر على ورق، كما أن الجلسات والمناقشات فى أثناء عقد هذه المؤتمرات تحولت لمكلمة، دون أى تأثير حقيقى على أرض الواقع . لماذا طالبت بإلغاء وزارة الأوقاف وإنشاء وزارة للشئون الدينية ؟ طالبت كثيرا بإلغاء وزارة الأوقاف، وإنشاء وزارة للشئون الدينية، وهذه الوزارة معمول بها فى كثير من الدول الإسلامية، لكن هذه الدعوة لم تتحقق حتى اليوم، لكن من الأفضل إنشاء وزارة للشئون الدينية، وإلغاء وزارة الأوقاف . وفى هذه الحالة من سيدير أموال الوقف ؟ فى حال إلغاء وزارة الأوقاف، وإنشاء وزارة الشئون الدينية، فإن أموال الوقف سوف يديرها بيت مال المسلمين الذى ينشأ ويكون تابعا لوزارة المالية، ويدير أموال الوقف، وفقا لنظام محاسبى شرعى فقهى . وكيف ترى التنسيق بين المؤسسات الدينية فى ظل التحديات الراهنة ؟ المؤسسات الدينية تعمل بنظام الجزر المنعزلة، ونحن كأعضاء هيئة التدريس لا نعرف شيئا عن قرارات مجمع البحوث الإسلامية، ولا هيئة كبار العلماء، ولا المجلس الأعلى للشئون الإسلامية، والقضية تكمن فى إعادة الهيكلة، وهذا ليس تقليلا من العاملين فى هذه المؤسسات حاليا، لأنهم قدموا ما فى جعبتهم، حسب إمكاناتهم، ويجب إتاحة الفرصة لآخرين . وكيف نواجه عناصر الجماعات المتشددة التى تسعى للسيطرة على المنابر ؟ فى الواقع التيار السلفى يسيطر فكريا على أعداد كثيرة من المساجد، ودعنا من التصريحات الإنشائية لوزارة الأوقاف، كما أن بعض قيادات السلفية يحصلون أحيانا على تصاريح خطابة، وأحيانا تسحب منهم، كما أن الإعلام التكفيرى مازال سائدا، بينما قناة الأزهر لم تر النور . وفى رأيك هل تمت السيطرة على منابع الفكر المتطرف ؟ إطلاقا، لأن الجماعات المتشددة مازالت تتسلل وتسعى للسيطرة، وعناصر هذه الجماعات المتطرفة تسعى دائما للسيطرة على المساجد والمنابر، ولذلك أحذر دائما من هؤلاء، وأطالب بالتصدى لهم، ومنعهم من صعود المنابر أو الدعوة، لأن هذه مهمة العلماء المتخصصين، ويجب أن تعمل جميع المؤسسات المعنية لتجفيف منابع التطرف والتشدد، وبالنسبة للمراكز الثقافية التابعة للأوقاف، يجب أن تقوم كلية التربية بجامعة الأزهر بوضع المكون الثقافي، لأن أئمة الأوقاف ليس لديهم الخبرة التربوية فى وضع المناهج، إضافة لكثرة التغيير والتبديل، ولابد من معايير تضمن لها جودة الأداء.