العدالة البطيئة نوع من الظلم ، هذا هو حال المتقاضين أمام المحاكم بمختلف درجاتها هذه الأيام ، بسبب كثرة القضايا ومماطلة الخصوم ومراوغات الدفاع ،باستغلال الاجراءات القانونية المتاحة فى المعارضة على الاحكام والاستئناف أو الطعن بالنقض لمرتين ، واحيانا رد المحكمة والمبالغة فى الطلبات مثل قوائم الشهود ..الخ، فاصبحت العدالة بطيئة فى زمن التقاضى الالكترونى ،والجريمة أصبحت عابرة للحدود والقارات، فإجراءات التقاضى لم تعد تواكب أنماط الجريمة أو سرعة تنفيذها مما زاد من الاحساس بظلم العدالة . المستشار حسن حسانين رئيس محكمة جنايات القاهرة سابقا يقول : لذلك أقترح تعديل بعض مواد قانون الإجراءات الجنائية لتحقيق العدالة الناجزة ،مشيرا الى أنه خلال فترة عمله بالقضاء لما يزيد عن خمسة وأربعين عاما، تلاحظ له طول أمد التقاضى بسبب إساءة استغلال الخصوم لحقوقهم المكفولة بمقتضى قانون الإجراءات الحالى، فضلا عن طول الإجراءات القانونية التى تلقى بتبعاتها على القضاة وأصحاب الحقوق فى آن واحد، فبمقضى هذا القانون تمر بعض القضايا بالعديد من المراحل، منها فى الأحكام الحضورية خمس مراحل هى " أول درجة ثم الإستئناف ثم النقض وقى حالة قبوله تعاد إلى الاستئناف ثم النقض يضاف إلى ذلك فى حالة الحكم الغيابى ثلاث مراحل أخرى هى المعارضة أمام كل محكمة تنظر القضية فتصل مراحل نظر الدعوى إلى ثمانى مراحل قد تستغرق ما يزيد على خمس سنوات، وهذا من شأنه أن يصيب المتقاضين بالضجر والمعاناة، فضلا عما يلقيه ذلك على القضاة من أعباء جسام. كيفية تحقيق العدالة الناجزة وتحقيقا للعدالة الناجزة، وسرعة الفصل فى القضايا دون إخلال بحقوق المتقاضين، ومنعا من التلاعب بالإجراءات بإساءة استعمال الحقوق التى كفلها القانون أقترح. أولا: فى حالة الطعن بالنقض فى الأحكام الصادرة من محاكم الجنايات، إذا قبلت محكمة النقض الطعن فعليها أن تتصدى لنظر الموضوع ولا تعيد الدعوى للمحكمة التى أصدرت الحكم، وبالتالى فلا يكون الطعن بالنقض إلا لمرة واحدة فقط وليس مرتين كما هو الوضع الحالي. ثانيا: تحقيقا للفصل بين السلطات التى نص عليها الدستور، تلغى عبارة "وزير العدل" أينما وردت فى القانون ويستعاض عنها بعبارة"مجلس القضاء الأعلى". ثالثا: لتقصير أمد التقاضى نقترح إلغاء الأحكام الغيابية فى الجنح والمخالفات وبالتالى إلغاء المعارضة كطريق من طرق الطعن فى الأحكام. وبذلك تصبح الأحكام إما حضورية فى حالة حضور المتهم، أو معتبرة حضوريا فى حالة غيابه بعد إعلانه بالدعوى مرة ثم إعادة إعلانه مرة أخرى، وللمحكوم عليه الطعن بالإستئناف على الحكم الصادر بادانته.وتبدأ مواعيد الاستئناف فى الأحكام الحضورية من تاريخ صدورها، أما الأحكام المعتبرة حضوريا فيبدأ ميعاد إستئنافها من تاريخ إعلانها للمتهم. رابعا: جميع إجراءات الإثبات فى الدعوى الجنائية مثل سماع الشهود وندب الخبراء وإجراء المعاينات هو حق لمحكمة الموضوع دون غيرها، وخاضع لسلطتها التقديرية، ولا يترتب على استعمالها لهذا الحق أى إخلال بحق الخصوم قى الدعوى. خامسا: الغرامة المنصوص عليها فى المادة- 279- من قانون الإجراءات الجنائية المتعلقة بعدم حضور الشاهد بعد إعلانه، تزاد من عشرة إلى مائة جنيه فى المخالفات، ومن ثلاثين إلى ثلاثمائة جنيه فى الجنح، ومن خمسين إلى خمسمائة جنيه فى الجنايات، لحث الشاهد على الحضور تفاديا للغرامة. ولعدم تأجيل القضية أكثر من مرة لحضوره. الأعدم غيابيا لايحتاج رأى المفتى سادسا: الحكم الغيابى الصادر من محكمة الجنايات بالإعدام لا يستوجب إرسال الأوراق إلى فضيلة المفتى لأخذ رأيه الشرعى، لأن هذا الحكم الغيابى سوف يبطل حتما بحضور المتهم أو القبض عليه عملا بالمادة -395- من قانون الإجراءات الجنائية، فضلا عن ذلك فإن إرسال الأوراق إلى فضيلة المفتى فى الحكم الغيابى لا يغنى عن إرساله مرة أخرى عند الحكم حضوريا فى ذات الدعوى، هذه هى بعض المقترحات لتقصير أمد التقاضى وتحقيق العدالة الناجزة، إذ بموجبه تصبح مراحل نظر الدعوى حتى الفصل فيها بحكم نهائى وبات ثلاث مراحل فقط كافية لتحقيق العدالة، والأمر مطروح أمام فقهاء القانون والقضاة والمحامين لإبداء رأيهم فيه، ونهيب بوزارة العدل والجهات المختصة أن تأخذ بعين الاعتبار أهمية الانتهاء من تعديل قانون الإجراءات قبل بدء العام القضائى القادم، لتحقيق العدالة الناجزة ورفع المعاناة والظلم عن المتقاضين من بطء الاجراءات ، وهو ما يتطلع اليه رجال القضاء أيضا .