45 دقيقة متوسط تأخيرات القطارات على خط « طنطا - دمياط»    سلسلة غارات إسرائيلية على البقاع شرقي لبنان    أوديسا: هجوم روسي يودي بحياة أوكراني وإصابة خمسة أجانب    البيت الأبيض يتخوف من تكرار سيناريو الكابيتول في الانتخابات الرئاسية    محمد أبو الوفا رئيسا لبعثة منتخب مصر في موريتانيا    ثروت سويلم يكشف حقيقة عدم إجراء قرعة للدوري الجديد    بالأسماء.. مصرع 4 أشخاص وإصابة 6 آخرين في حادث تصادم ببني سويف    إيمان العاصي: كرهت محمد القس بسبب دوره.. والجمهور شكرنا على اللهجة البيضاء    بلاغة القرآن| تعرف على تفسير سورة الناس    خمسة لطفلك| تعرف على أهمية الوجبات المدرسية للأطفال    صحة المنوفية تنظم دورات تدريبية للأطقم الطبية    غزه الفاضحة .. قناة فرنسية: الإمارات تشارك "اسرائيل" بعمليات عسكرية في غزة (فيديو)    المدير الفني لنادي بلاك بولز: الزمالك أحد أكبر فرق إفريقيا ومواجهته صعبة.. والمصري البورسعيدي مميز    أمير توفيق: الأهلي لم يتفاوض مع دونجا.. ورؤية موسيماني سبب عدم ضم رحيمي    حسام حسن يحدد موعد انضمام صلاح ومرموش لمنتخب مصر    العجيزي يكشف كواليس مباراة ال 4 ساعات بين الزمالك وسموحة    ماذا تضمنت تعديلات قانون صندوق مصر السيادي؟ رئيس موازنة النواب يوضح    ننشر نص التحقيقات مع صاحب الاستديو في واقعة سحر مؤمن زكريا| خاص    ضبط سيدة بحوزتها عملات أجنبية بمطار القاهرة    مصرع وإصابة 22 شخصا في تصادم مروع بين سيارتين بطريق بلبيس العبور    "وصل المستشفى قاطع نفس".. طعنة الغدر تنهي حياة شاب في الجيزة    "التوك توك نزل الترعة".. إصابة 3 أشخاص إثر حادث تصادم بالغربية    حدث منتصف الليل| تفاصيل عودة خط قطارات السكة الحديد لسيناء.. والمهن الطبية تعلن زيادة مساهمات الأمرا    رئيس مجلس أمناء حياة كريمة: تجار أعلنوا رغبتهم المشاركة فى حملة توفير اللحوم بأسعار مخفضة    حدث بالفن| طلاق فنانة ومفاجأة شيرين وتعليق نشوى مصطفى على أزمتها الصحية    هنا الزاهد في أبو ظبي وجوري بكر مع نجلها ب بورسعيد..10 لقطات لنجوم الفن خلال 24 ساعة    بالصور.. محافظ المنيا يشهد حفل الجامعة بالذكرى ال51 لانتصارات أكتوبر المجيدة    «إسقاط عضوية إسرائيل».. ننشر بيان مؤتمر التحالف التقدمي العالمي    أمير توفيق: قدمت 24 مستندا في تحقيقات الأهلي.. وقندوسي طلب الرحيل مجانا الصيف الماضي    رسميا بعد الارتفاع.. سعر الدولار مقابل الجنيه اليوم الثلاثاء 8 أكتوبر 2024 (تحديث الآن)    أبناء الجالية المصرية بالسعودية يحتفلون بذكرى نصر أكتوبر المجيد    أحمد القندوسي يهدد الأهلي بأزمة جديدة.. مدحت شلبي يكشف التفاصيل    «فرعون شديد».. عمرو أديب عن تألق عمر مروموش    من أين لك هذا، كيف تفوقت تايلور سويفت على ريهانا وأصبحت أغنى موسيقية في العالم    أول تعليق من نشوى مصطفى بعد خروجها من المستشفى    مصرع 5 أشخاص وإصابة 5 آخرين إثر انهيار منجم في زامبيا    «خانتني بعد ما وعدتني بالزواج».. محاكمة المتهم بقتل سائحة سويسرية بالفيوم اليوم    القس منذر إسحق: نريد الحياة للجميع ولا سلام دون عدل    شاهد جمال الممشى السياحي بكورنيش بنى سويف ليلاً    أوسيمين آخر.. نابولى يخطط لتجديد عقد كفاراتسخيليا فى الأجندة الدولية    ترتيب الدوري الإيطالي بعد نهاية الجولة السابعة.. نابولي يتصدر    بايرن ميونخ يرصد 25 مليون يورو راتبا لحسم ملف تجديد جمال موسيالا حتى 2030    قطع التيار الكهربائي عن مدينة طور سيناء اليوم لنقل محولات    عمرو خليل: فلسطين هي قضية العرب الأولى منذ عام 1948.. فيديو    هجمة صيفية مفاجئة.. بيان مهم بشأن الطقس اليوم الثلاثاء 8 أكتوبر 2024    حياة كريمة: نوفر اللحوم الطازجة ب310 والمجمدة ب180 جنيها عبر 100 منفذ    عيار 21 الآن بالمصنعية.. أسعار اليوم الثلاثاء 8 أكتوبر 2024 «بيع شراء» بعد الانخفاض الجديد    تنسيقية شباب الأحزاب: الرعاية الصحية ركيزة قادرة على دعم الحياة الكريمة    هل يجوز تبادل الذهب بالذهب؟ أمين الفتوى يجيب    مدير صحة القليوبية يتابع العمل بالوحدات الصحية: إحالة المقصرين للتحقيق    بالزي الفرعوني.. استقبال مميز للطلبة في كلية الآثار بجامعة دمياط    الأزهر للفتوى: الإنفاق في الخير لا يشمل المال بل النية والعاطفة    «النواب» يوافق على زيادة حصة مصر في صندوق النقد الدولي    «الرعاية الصحية» تعلن نجاح جراحتين لزراعة القوقعة في مجمع الإسماعيلية الطبي    رابط الاستعلام عن نتيجة مسابقة شغل وظائف معلم مساعد 2024    جامعة عين شمس تنظم احتفالية كبيرة بمناسبة الذكرى 51 لانتصارات أكتوبر    مرشح "الأوقاف" في مسابقة ماليزيا للقرآن الكريم يُبهر المشاركين والمحكمين    الدكتور حسام موافي ينتقد الإسراف في حفلات الزفاف: "ستُسألون عن النعيم"    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



تحديات الأمن القومي المصري
نشر في الأهرام اليومي يوم 05 - 06 - 2016

موقع مصر وديموجرافيتها وضعتها محط أنظار وأطماع العالم, كما فرضت عليها دور الدولة المحورية في منطقتها مدافعة عن حقوق شعوبها, وتبدو مصر منذ ثورة30 يونيو في مواجهة شاملة مع مصادر تهديد متعددة لأمنها القومي يقع العبء الأكبر علي القوات المسلحة المصرية التي هي في الاساس المدافع الاول عن الامن القومي المصري,
ولا يمكن لصانع القرار المصري أيا كان أن يغفل حقائق الجغرافيا وتراكمات التاريخ التي تفرض عليه تبني مفهوم للأمن القومي يشمل مجموعة إجراءات لحماية مصالحها الداخلية والخارجية من أي تهديد, وبما يضمن تحقيق أهدافها وغاياتها القومية, وقبل كل ذلك تحديد الأخطار أو مصادر التهديد لأمنها القومي ومنها عدة أخطار اقليمية ودولية. تمثل إسرائيل الخطر الأول علي مصر خلال المرحلة المقبلة بسبب توجهات الأحزاب والقوي اليمينية المسيطرة علي صناعة القرار الاسرائيلي التي لا تؤمن بعملية السلام مع العرب ولا حقوق الشعب الفلسطيني في دولة مستقلة وعاصمتها القدس الشرقية, خاصة أن هذه القوي هي الفاعلة حاليا ومستقبلا في المشهد السياسي.
ما أن الحصار الاسرائيلي لغزة سيجعل من الصعوبة علي مصر ضبط حدودها ومواجهة تجارة الأنفاق ومخاطرها خاصة ما يتعلق منها بتهريب السلاح والإرهابيين ومن ثم زيادة حدة المخاطر في سيناء المرتبطة بالتنظيمات الارهابية هناك التي تقوم قوات الامن والجيش بعمليات واسعة النطاق ضدها.كما تمثل القدرات العسكرية الاسرائيلية الضخمة بامتلاكها جيشا قوامه168 ألف جندي بالإضافة إلي أكثر من400 ألف من جنود الاحتياط, خطرا محدقا بمصر, حيث وضعت تل أبيب خططا متتالية أخطرها الاستعداد لإشعال حرب محتملة مع مصر في أي وقت استنادا الي الدعم الأمريكي غير المحدود لها وامتلاكها أكبر ترسانة عسكرية في الشرق الأوسط بتكنولوجيا متقدمة, فلديها أكثر من3930 دبابة من صنع أمريكي وإسرائيلي ونحو5500 مدرعة و أصناف متقدمة من المدفعية, و1400 طائرة عسكرية قتالية بالاضافة إلي طائرات استطلاعية وبدون طيار وسفن وزوارق بحرية وأربع غواصات وقدرات صاروخية يبلغ مداها من500 الي1300 و1500 و4000 كيلومتر. و مجموعة صواريخ آرو1 وآرو2, بالإضافة إلي صواريخ أريحا(1-2-3) وشافيت, طويلة المدي وبإمكانها حمل رءوس نووية حيث تمتلك منها300 رأس نووي. كما يمثل المصريون في إسرائيل(40 ألفا) ناقوس خطر يهدد الأمن القومي المصري من حيث امكانية تجنيدهم في أعمال التجسس علي مصر ومعظمهم متزوج من إسرائيليات ويتركزون في مدن الناصرة وبئر سبع وحيفا ويافا. وفي إطار نظرية شد أطراف مصر والدول العربية, أقامت اسرائيل علاقات سياسية واقتصادية وعسكرية واستخباراتية مع اثيوبيا واريتريا وكينيا وأوغندا وغيرها من دول حوض النيل لتطويق مصر والسيطرة علي البحر الأحمر وضرب المصالح العربية في القارة الافريقية, وتم ذلك من خلال المشروعات الزراعية والصناعية في هذه الدول بالاضافة الي مراكز المراقبة وجمع المعلومات ومهابط للطائرات ومحطات لرصد ومتابعة السفن في جزيرتي( فاطمة) و(حالب) بالقرب من مضيق باب المندب لاستخدامها من جانب القوات الإسرائيلية عند الضرورة ومرفأ في جزيرة رأس سنتينان لاستقبال السفن الحربية الإسرائيلية, وآخر في جزيرة موسي جنوب عصب, وإلي الجنوب منه رادار علي قمة جبل سوركين, وذلك لمراقبة السفن التي تمر عبر باب المندب عند مدخل البحر الأحمر,, مع العمل علي تهديد أمن الدول العربية المعتمدة علي نهر النيل( مصر والسودان), حيث نجحت اسرائيل بفرض اتفاقية عنتيبي التي تضر بحقوق مصر والسودان المائية وبما شكل تهديدا لأمنها المائي كما تستخدم إسرائيل نفوذها في اثيوبيا وأوغندا وكينيا واريتريا للضغط علي السودان وصولا الي تقسيمه وضمان انفصال دارفور بعد النجاح في انفصال الجنوب في سياق إعادة ترتيب الخارطة الإقليمية.
أزمات قادمة من الجنوب
ومن الجنوب تأتي الأخطار الحقيقية التي قد تدفع مصر إلي ساحة الحرب, وتتمثل أولا في إقامة إثيوبيا عددا من السدود علي منابع نهر النيل ومنها سد النهضة المتوقع الانتهاء منه في2017, والذي يعتبر أكبر سد في افريقيا علي الإطلاق وواحدا من أكبر عشرة سدود علي مستوي العالم وسيخزن نحو74 مليار متر مكعب من المياه بما يسبب أزمة كبري لمصر حيث سيؤثر علي تدفق المياه اليها خاصة في ظل تجربة بناء سد تانا عام2010 الذي أدي إلي التأثير علي تدفق المياه الواردة لمصر. كما يواجه مصر خطر تقسيم السودان الشمالي مرة أخري في ظل الحرب الأهلية الدائرة في دارفور, كما يمر السودان باضطرابات عديدة بين دولتي الشمال والجنوب في ظل الصراع الدموي علي الحدود خاصة منطقة أبيي الغنية بالنفط, كما زادت احتمالات عودة الحرب الاهلية لجنوب السودان في ضوء الصراع بين رياك مشار وسيلفا كير بما يزيد من مخاطر تهريب السلاح الي مصر ومن مخاطر تهديد تدفق مياه النيل اليها. كما تمثل منطقة القرن الافريقي مصدر تهديد للأمن القومي المصري في ظل غياب دولة قوية في الصومال وتفتيت هذه الدولة لعدة أقاليم منفصلة عن بعضها البعض ومتحاربة منذ بداية تسعينيات القرن العشرين وحتي الان, ويتمثل هذا التهديد في عرقلة الملاحة في البحر الاحمر وقناة السويس بما يؤثر بالسلب علي مصر من خلال عمليات القرصنة, كما ان الوجود العسكري المباشر لأمريكا وفرنسا من قواعدهما العسكرية في جيبوتي أو في قاعدة دييجو جارسيا وأساطيلهما في المحيط الهندي يمثل تهديدا خطيرا لأمن مصر والدول العربية المطلة علي البحر الأحمر, كما أن التحرك الصيني الجديد في هذه المنطقة والذي يعتمد علي فكرة التغيير الناعم مقابل هيمنة الاقتصاد والمصالح النفعية البحتة هو الدافع الرئيسي للموقف الراهن ضد مصر من قبل دول مثل كينيا واثيوبيا وأوغندا فيما يتعلق حقوق مصرفي نهر النيل.الجبهة الغربية.. سلاح وإرهاب لاشك أن الوضع الحالي في ليبيا يمثل خطرا كبيرا ليس فقط علي أمن مصر وانما علي مستقبل ليبيا كدولة, حيث أصبحت التنظيمات المسلحة المنتشرة خاصة في شرق وجنوب غرب البلاد بارتباطاتها بتنظيم القاعدة في بلاد المغرب والصحراء الكبري تحكم قبضتها علي الأرض الليبية في ظل ضعف الدولة المركزية هناك, ولتلك التنظيمات معاقل في درنة وبنغازي في شرق البلاد ويتراوح عدد أعضاء كل جماعة بين1500 و3500 مقاتل, وورثت ترسانة ضخمة من مخازن أسلحة نظام العقيد الراحل معمر القذافي يتجاوز تعدادها عدة ملايين من الأسلحة الخفيفة والثقيلة, وأخطرها مستودعان كبيران للأسلحة بمدينة درنة بها الآلاف من قطع أسلحة فردية وثقيلة وعربات مدرعة ومدافع هاون ومضادات الطائرات والدبابات مثل أر بي جي وصواريخ مختلفة الطرز مثل سكود وجراد واستربلاه فضلا عن سيطرتها علي العديد من القواعد والمطارات العسكرية وقامت تلك التنظيمات ببيع وتهريب100 ألف قطعة سلاح فردية و20000 رامية قذائف مختلفة الطرز للجماعات الإرهابية في الشرق والجنوب الغربي لليبيا, ومن أخطر الميليشيات الليبية المسلحة, الجماعة الاسلامية الليبية المقاتلة وجماعة أنصار الشريعة التي أنشأت في شرقي ليبيا4 معسكرات هي( الملاحم في درنة, والنوفلية جنوب سرت, وخليج بردة والجبل الخضر) لتجهيز وتدريب المسلحين من دول مختلفة منها مصر. كما تنسق مع نظيرتها في مصر لإنشاء ما يسمي بالجيش المصري الحر لتنفيذ عمليات إرهابية داخل مصر بالتنسيق مع الإخوان وجماعات أنصار الشريعة وأنصار بيت المقدس وأجناد مصر في سيناء والدلتا ضد الجيش والشرطة.واتضح هذا في العمليات التي استهدفت وزير الداخلية ومديريتي أمن الدقهلية والقاهرة وبعض الكنائس. كما أن هناك خطورة تقسيم ليبيا إلي ثلاث دويلات هي برقة, وفزان, وطرابلس, أو تغيير تركيبتها الجغرافية والسكانية في ضوء إعلان بعض الجماعات في ليبيا عن توجهات انفصالية بما سيكون له نتائج اجتماعية سيئة علي مصر وخاصة أن قبائل أولاد علي تعيش في المناطق الحدودية بين مصر وليبيا ويتوزعون بين الدولتين مما يعرض مصر وليبيا علي حد سواء لعدم الاستقرار.كما أن وجود دويلات ضعيفة علي أنقاض ليبيا يعطي فرصة للتدخل الأجنبي في شئونها وتهديد أمن مصر واستقرارها, لذا فالتوجه الاستراتيجي لمصر خلال المرحلة المقبلة هو ضرورة دعم عملية الكرامة التي يقوم بها اللواء خليفة حفتر باعتبارها مطلبا شعبيا ليبيا عكسته المظاهرات الشعبية في مدن ليبية عدة وكذا دعم تأسيس جيش ليبي موحد وقوي قادر علي مواجهة التنظيمات الإرهابية وضبط الحدود والعمل علي منع تقسيم ليبيا بكل الطرق من خلال تأسيس نظام حكم وطني يشمل كل الليبيين.محاولات استهداف الجيش المصريأخطر ما يواجه الأمن القومي المصري التهديد الامريكي الغربي علي مصر ومنطقة الشرق الاوسط بعد ان استطاعت ثورة30 يونيو إيقاف المخطط المعروف بالشرق الاوسط الموسع,وهو الامر الذي جعل الولايات المتحدة الامريكية في حالة تخبط, ومهاجمتها المستمرة للثورة, وإيقافها المعونة العسكرية عن مصر.والولايات المتحدة كانت تسعي مع جماعة الاخوان الي تغيير العقيدة العسكرية للقوات المسلحة, بحيث تتحول من عقيدة قتالية إلي مكافحة الإرهاب والشغب, ورصدت لها مبلغ500 مليون دولار من المعونة العسكرية للبدء في ذلك التحول, ولم تكن ترغب في أن تكون لمصر قوة عسكرية تخوض أي معارك أو تهدد أمن إسرائيل, الامر الذي جعلها تأخذ موقفا ضد الثورة وما تلاها, لأن ذلك سيؤثر بشكل مباشر علي خططها التي بدأت في تنفيذها في مصر, ومن ثم استكمالها الي باقي دول المنطقة, فالجيش المصري الآن مستهدف من قبل الولايات المتحدة وحلفائها.وإذا نظرنا بعمق إلي توجهات الولايات المتحدة في منطقة الشرق الاوسط نجد أنها تنفذ خططا طويلة الأجل, بهدف تدمير القوة العربية كاملة, وتفتيت الدول لدرء أي مخاطر عن مصالحها بمساندة بعض دول المنطقة, وبخاصة تنفيذ مشروع الشرق الاوسط الموسع, والقضاء علي محور الشر الذي أعلن من قبل الرئيس الامريكي الأسبق جورج بوش الابن في عام2001 بعد احداث11 سبتمبر, وكان يقصد وقتها العراق وايران وسوريا.واستطاع البنتاجون الامريكي ان يضع خططه من اجل الوصول لذلك الهدف من خلال تدمير الجيوش العربية وجعلها بلا قوة قد تعمل علي مواجهة اي خطط ترغب في تنفيذها, وجاءت البداية في عام2003 وبعد الاحتلال الأمريكي للعراق, ومع تعيين بول بريمر كأول حاكم أمريكي للعراق قام باتخاذ قراره الأول بحل الجيش العراقي. وهو الامر الذي لم يحدث في اي دولة في العالم من قبل. فالجيش يعني هوية الدولة. كما يعني الاستقرار لها ومواجهة اي عمليات داخلية او خارجية, وحتي لو كان منكسرا بعد حرب لا يمكن ان يتم حله إلا لو كانت هناك اسباب تهدف الي ذلك, وهي اسباب تصب جميعها في مصلحة الولايات المتحدة, وأهمها جعل العراق بلا هوية لإعادة تشكيلها من جديد والعمل علي تقسيمها دون اية مقاومة. إلا أن المخطط الامريكي ازداد شراسة مع دخول تنظيم القاعدة في الاراضي العراقية وتم تدمير ما تبقي من كيان وهوية الدولة العراقية. مما جعل العراق تبتعد عن الصورة الاقليمية بعد أن كانت قوة مؤثرة بشكل كبير فيها.لم يتوقف المخطط الامريكي الجهنمي عند. هذا الحد فقط بل إن الولايات المتحدة قامت في عام2004 بإقرار مشروع الشرق الاوسط الموسع في قمة الثماني ثم من بعدها في قمة اسطنبول لحلف الناتو بحيث جعلت للحلف مهام أمنية وإستراتيجية داخل المنطقة من اجل ان يكون له الغلبة من خلال إعادة نشر قواته في مواقع استراتيجية مثل البحر الاحمر والخليج العربي وقواعد عسكرية في دول اخري.وخلال تلك الفترة بدأت الإدارة الأمريكية في فتح قنوات اتصال مع بعض القوي المعارضة في بعض الدول العربية لتكون موالية لها في حال تنفيذ أي ثورات بعد اعلان كوندليزا رايس وزيرة الخارجية الامريكية في الادارة الامريكية السابقة, عن مصطلح الفوضي الخلاقة الذي يجب ان يتم تنفيذه في منطقة الشرق الاوسط والدول العربية, وحاولت الادارة الامريكية ان يكون لها حلفاء في حال حدوث ثورات عربية وهو الأمر الذي كانت تخطط له الولايات المتحدة لاعادة تشكيل المنطقة كما ترغبها لحماية مصالحها وجعل اسرائيل هي القوة الوحيدة ومن ثم القضاء علي القوة العربية المهددة لها.وجاءت بعد ذلك ثورات الربيع العربي لتجد الولايات المتحدة دورا أكبر لها لتكون نصيرا للديمقراطية في الشرق الاوسط, وهو الظاهر من خلال تصريحاتها التي دائما ما تطلقها القيادات في الادارة, أما الخفي منها فيهدف الي تنفيذ مشروعها الكبير من خلال تدمير مؤسسات الدول, ثم تدمير الجيوش العربية, وإضعاف الدول في القدرة علي تحديد مستقبلها منفردة, وتجعل من الولايات المتحدة وصية عليها تنفذ تعليماتها التي هي في الغالب تدمير لكل ما هو قوي في تلك الدول مثلما حدث في النموذج العراقي, وهو ما يظهر جليا في تعامل الادارة الامريكية مع الملف السوري, فبرغم ما يفعله النظام من قتل وذبح للمدنيين, فإن الولايات المتحدة جاءت لها فرصة ذهبية لتدمير الجيش السوري تماما من خلال تسليح المعارضة وإدخال البلاد في حرب أهلية وتتحول الثورة من سلمية الي دموية يقتتل فيه الجانبان, وفي النهاية تخرج سوريا مهلهلة بلا جيش ومدمرة اقتصاديا, وبها صراعات طائفية.وقد فعلت ذلك من قبل مع ليبيا من خلال دور الناتو هناك وتسليح المعارضة, ثم بعد ذلك صراعات قبلية تدخل الدولة في دوامة كبيرة يتم بعدها الاحتكام للولايات المتحدة وحلفائها في الغرب ليتم تقسيم ليبيا إلي دويلات صغيرة.أما بالنسبة الي مصر فهي نموذج مختلف بالنسبة لباقي الدول العربية, فمصر ليس بها خلافات إثنية, وليس بها خلافات قبلية فهي دولة متماسكة, حتي بعد الثورة, لان بها جيشا قويا قادرا علي حماية الدولة وأركانها, برغم المحاولات العديدة من البعض لإقحام الجيش في صراعات, فإنه استطاع أن يبتعد عن ذلك كله ويحمي الدولة مرة أخري.
خطر الإرهاب
إن اخطر ما يواجه مصر في المرحلة الحالية الارهاب العابر للحدود الذي يؤثر بشكل مباشر علي امن واستقرار الدولة, ولذا أخذت القوات المسلحة علي عاتقها تطهير الاراضي المصرية من تلك الجماعات في الاتجاهات الاستراتيجية المختلفة, ومحاصرة والقضاء عليه وخاصة في سيناء والمنطقة الغربية.
مفهوم الأمن القومي
علي الرغم من الأهمية القصوي لمفهوم الأمن وشيوع استخدامه, فإنه مفهوم حديث في العلوم السياسية, وقد أدي ذلك إلي اتسامه بالغموض مما أثار عدة مشكلات.فلا يعد اصطلاح الأمن هو أفضل المصطلحات للتعبير عن الأمن الوطني للدولة المعاصرة من ناحية, كما لم يتبلور المفهوم لكي يصبح حقلا علميا داخل علم السياسة, منفصلا عن علوم الإستراتيجية, تطبق عليه قواعد تأسيس النظرية, بدء من وضع الفروض وتحديد مناهج البحث الملائمة, واختيار أدوات التحقق العلمي, وقواعد الإثبات والنفي وإمكانية الوصول إلي نظرية عامة, وبالتالي الوصول إلي قانون يحكم ظاهرة الأمن الوطني.أولا: مفهوم الأمن.
علي الرغم من حداثة الدراسات في موضوع الأمن فإن مفاهيم الأمن قد أصبحت محددة وواضحة في فكر وعقل القيادات السياسية والفكرية في الكثير من الدول.
وقد برزت كتابات متعددة في هذا المجال, وشاعت مفاهيم بعينها في إطاره لعل أبرزها الأمن القومي الأمريكي والأمن الأوروبي والأمن الإسرائيلي والأمن القومي السوفيتي قبل تفككه.وفي مجال التوصل إلي مفهوم متفق عليه للأمن فإنه يجدر بنا التعرف علي ذلك المدلول في إطار المدارس الفكرية المعاصرة.فالأمن من وجهة نظر دائرة المعارف البريطانية يعني حماية الأمة من خطر القهر علي يد قوة أجنبية.ولعل من أبرز ما كتب عنالأمن هو ما أوضحه روبرت ماكنمار وزير الدفاع الأسبق وأحد مفكري الاستراتيجية البارزين في كتابه جوهر الأمن.. حيث قال: إن الأمن يعني التطور والتنمية, سواء منها الاقتصادية أو الاجتماعية أو السياسية في ظل حماية مضمونه, واستطرد قائلا: إن الأمن الحقيقي لدولة ينبع من معرفتها العميقة للمصادر التي تهدد مختلف قدراتها ومواجهتها, لإعطاء الفرصة لتنمية تلك القدرات تنمية حقيقية في كل المجالات سواء في الحاضر أو المستقبل.ولعل أدق مفهوم للأمن هو ما ورد في القرآن الكريم في قوله سبحانه وتعالي فليعبدوا رب هذا البيت الذي أطعمهم من جوع وآمنهم من خوف. ومن هنا نؤكد أن الأمن هو ضد الخوف, والخوف بالمفهوم الحديث يعني التهديد الشامل, سواء منه الاقتصادي أو الاجتماعي أو السياسي, الداخلي منه والخارجي.وفي إطار هذه الحقيقة يكون المفهوم الشامل للأمن من وجهة نظري هو القدرة التي تتمكن بها الدولة من تأمين انطلاق مصادر قوتها الداخلية والخارجية, الاقتصادية والعسكرية, في شتي المجالات في مواجهة المصادر التي تتهددها في الداخل والخارج, في السلم وفي الحرب, مع استمرار الانطلاق المؤمن لتلك القوي في الحاضر والمستقبل تخطيطا للأهداف المخططة.ثانيا: ركائز وأبعاد ومستويات الأمن.
علي ضوء المفهوم الشامل للأمن, فإنه يعني تهيئة الظروف المناسبة والمناخ المناسب للانطلاق بالاستراتيجية المخططة للتنمية الشاملة, بهدف تأمين الدولة من الداخل والخارج, بما يدفع التهديدات باختلاف أبعادها, بالقدر الذي يكفل لشعبها حياة مستقرة توفر له أقصي طاقة للنهوض والتقدم. من هنا فإن شمولية الأمن تعني أن له أبعادا متعددة.أولها: البعد الاقتصادي.. الذي يرمي إلي توفير المناخ المناسب للوفاء باحتياجات الشعب وتوفير سبل التقدم والرفاهية له.ثانيا: البعد الاجتماعي.. الذي يرمي إلي توفير الأمن للمواطنين بالقدر الذي يزيد من تنمية الشعور بالانتماء والولاء.ثالثا: البعد المعنوي أو الأيديولوجي الذي يؤمن الفكر والمعتقدات ويحافظ علي العادات والتقاليد والقيم.رابعا: البعد البيئي الذي يوفر التأمين ضد أخطار البيئة خاصة التخلص من النفايات ومسببات التلوث حفاظا علي الأمن.وتتم صياغة الأمن علي ضوء أربع ركائز أساسية: أولا: إدراك التهديدات سواء الخارجية منها أو الداخلية.ثانيا: رسم إستراتيجية لتنمية قوي الدولة والحاجة إلي الانطلاق المؤمن لها.ثالثا: توفير القدرة علي مواجهة التهديدات الخارجية والداخلية ببناء القوة المسلحة وقوة الشرطة القادرة علي التصدي والمواجهة لهذه التهديدات.رابعا: إعداد سيناريوهات واتخاذ إجراءات لمواجهة التهديدات التي تتناسب معها وتتصاعد تدريجيا مع تصاعد التهديد سواء خارجيا أو داخليا.وللأمن أربعة مستويات:أولا: أمن الفرد ضد أي أخطار تهدد حياته أو ممتلكاته أو أسرته.ثانيا: أمن الوطن ضد أي أخطار خارجية أو داخلية للدولة وهو ما يعبر عنه بالأمن الوطني.ثالثا: الأمن القطري أو الجماعي, ويعني اتفاق عدة دول في إطار إقليم واحد علي التخطيط لمواجهة التهديدات التي تواجهها داخليا وخارجيا, وهو ما يعبر عنه بالأمن القومي.رابعا: الأمن الدولي.. وهو الذي تتولاه المنظمات الدولية سواء منها الجمعية العامة للأمم المتحدة أو مجلس الأمن الدولي ودورهما في الحفاظ علي الأمن والسلم الدوليين.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.