تتعرض مصر للعديد من المخاطر التى تؤثر على الامن القومى هذه المخاطر داخلية وإقليمية ودولية، وبالاخص ما تسعى اليه بعض الدول من اجل اسقاط الدولة المصرية، واثارة الفوضى فى منطقة الشرق الاوسط، حيث ان مصر هى الدولة الوحيدة القادرة على تماسك المنطقة وإعادتها مرة اخرى إلى استقرارها. والامن القومى يشمل مجموعة إجراءات لحماية مصالحها الداخلية والخارجية من أى تهديد ، وبما يضمن تحقيق أهدافها وغاياتها القومية , وقبل كل ذلك تحديد الأخطار أومصادر التهديد لأمنها القومى ومنها عدة أخطار اقليمية ودولية . الأخطار الحقيقية التى قد تدفع مصر إلى الازمات تأتى من الجنوب وتتمثل أولا فى إقامة إثيوبيا عددا من السدود على منابع نهر النيل ومنها سد النهضة المتوقع الانتهاء منه فى 2017 والذى يعتبر أكبر سد فى إفريقيا على الإطلاق وواحدا من أكبر عشرة سدود على مستوى العالم وسيخزن نحو 74 مليار متر مكعب من المياه بما يسبب أزمة كبرى لمصر حيث سيؤثرعلى تدفق المياه اليها خاصة فى ظل تجربة بناء سد تانا عام 2010 الذى أدى إلى التأثير على تدفق المياه الواردة لمصر. وثالثا يواجه مصر خطر تقسيم السودان الشمالى مرة أخرى فى ظل الحرب الأهلية الدائرة فى دارفور, كما يمر السودان باضطرابات عديدة بين دولتى الشمال والجنوب فى ظل الصراع الدموى على الحدود خاصة منطقة أبيى الغنية بالنفط , كما زادت احتمالات عودة الحرب الاهلية لجنوب السودان فى ضوء الصراع بين رياك مشار وسيلفا كير بما يزيد من مخاطر تهريب السلاح الى مصر ومن مخاطر تهديد تدفق مياه النيل اليها . كما تمثل منطقة القرن الإفريقى مصدرا لتهديد الأمن القومى المصرى فى ظل غياب دولة قوية فى الصومال وتفتيت هذه الدولة لعدة أقاليم منفصلة عن بعضها البعض ومتحاربة منذ بداية تسعينيات القرن العشرين وحتى الأن , ويتمثل هذا التهديد فى عرقلة الملاحة فى البحر الاحمروقناةالسويس بما يؤثر بالسلب على مصر من خلال عمليات القرصنة , كما ان الوجود العسكرى المباشر لأمريكا وفرنسا من قواعدها العسكرية فى جيبوتى أو فى قاعدة دييجو جارسيا وأساطيلها فى المحيط الهندى يمثل تهديدا خطيرا لأمن مصر والدول العربية المطلة على البحر الأحمر، كما أن التحرك الصينى الجديد فى هذه المنطقة والذى يعتمد على فكرة التغيير الناعم مقابل هيمنة الاقتصاد والمصالح النفعية البحتة هو الدافع الرئيسى للموقف الراهن ضد مصر من قبل دول مثل كينياوأثيوبيا وأوغندا فيما يتعلق بحقوق مصرفى نهر النيل . الجبهة الغربية.. سلاح وإرهاب لاشك أن الوضع الحالى فى ليبيا يمثل خطرا كبيرا ليس فقط على أمن مصر وإنما على مستقبل ليبيا كدولة حيث أصبحت التنظيمات المسلحة المنتشرة خاصة فى شرق وجنوب غرب البلاد بارتباطاتها بتنظيم القاعدة فى بلاد المغرب والصحراء الكبرى تحكم قبضتها على الأرض الليبية فى ظل ضعف الدولة المركزية هناك , ولتلك التنظيمات معاقل فى درنة وبنغازى فى شرق البلاد ويتراوح عدد أعضاء كل جماعة بين 1500 و3500 مقاتل, وورثت ترسانة ضخمة من مخازن أسلحة نظام العقيد الراحل معمر القذافى يتجاوز تعدادها عدة ملايين من الأسلحة الخفيفة والثقيلة, وأخطرها مستودعان كبيران للأسلحة بمدينة درنة بها الآلاف من قطع أسلحة فردية وثقيلة وعربات مدرعة ومدافع هاون ومضادات الطائرات والدبابات مثل أر بى جى وصواريخ مختلفة الطرز مثل سكود وجراد واستربلاه فضلا عن سيطرتها على العديد من القواعد والمطارات العسكرية وقامت تلك التنظيمات ببيع وتهريب الاسلحة للجماعات الإرهابية فى الشرق والجنوب الغربى لليبيا, ومن أخطرا لميليشيات الليبية المسلحة , الجماعة الاسلامية الليبية المقاتلة و جماعة أنصار الشريعة التى أنشئت فى شرقى ليبيا 4 معسكرات هى (الملاحم فى درنة، والنوفلية جنوب سرت، وخليج بردة والجبل الخضر) لتجهيز وتدريب المسلحين من دول مختلفة منها مصر. كما تنسق مع نظيرتها فى مصر لإنشاء ما يسمى بالجيش المصرى الحر لتنفيذ عمليات إرهابية داخل مصر بالتنسيق مع الإخوان وجماعات أنصار الشريعة وأنصار بيت المقدس وأجناد مصر فى سيناء والدلتا ضد الجيش والشرطة. كما أن وجود دويلات ضعيفة على أنقاض ليبيا يعطى فرصة للتدخل الأجنبى فى شئونها وتهديد أمن مصر واستقرارها, لذا فالتوجه الاستراتيجى لمصر خلال المرحلة المقبلة هو ضرورة دعم عملية الكرامة التى يقوم بها اللواء خليفة حفتر ، وكذا دعم تأسيس جيش ليبى موحد وقوى قادر على مواجهة التنظيمات الإرهابية وضبط الحدود والعمل على منع تقسيم ليبيا بكل الطرق من خلال تأسيس نظام حكم وطنى يشمل كل الليبيين محاولات استهداف الجيش المصري أخطر ما يواجه الأمن القومى المصرى التهديد الامريكى الغربى على مصر ومنطقة الشرق الاوسط بعد ان استطاعت ثورة 30 يونيو إيقاف المخطط المعروف بالشرق الاوسط الموسع،وهو الامر الذى جعل الولاياتالمتحدةالامريكية فى حالة تخبط، ومهاجمتها المستمرة للثورة، وايقافها المعونة العسكرية عن مصر. ان الولاياتالمتحدة كانت تسعى مع جماعة الاخوان الى تغيير العقيدة العسكرية للقوات المسلحة، بحيث تتحول من عقيدة قتالية إلى مكافحة الإرهاب والشغب، ورصدت لها مبلغ 500 مليون دولار من المعونة العسكرية للبدء فى ذلك التحول، ولم تكن ترغب فى أن تكون لمصر قوة عسكرية تخوض أى معارك أو تهدد أمن إسرائيل، الامر الذى جعلها تأخذ موقفا ضد الثورة وما تلاها، لأن ذلك سيؤثر بشكل مباشر على خططها التى بدأت فى تنفيذها فى مصر، ومن ثم استكمالها الى باقى دول المنطقة، فالجيش المصرى الآن مستهدف من قبل الولاياتالمتحدة وحلفائها . وإذا نظرنا بعمق إلى توجهات الولاياتالمتحدة فى منطقة الشرق الاوسط نجد أنها تنفذ خططا طويلة الأجل بهدف تدمير القوة العربية كاملة وتفتيت الدول لدرء أى مخاطر عن مصالحها بمساندة بعض دول المنطقة, وبخاصة تنفيذ مشروع الشرق الاوسط الموسع, والقضاء على محور الشر الذى أعلن عنه من قبل الرئيس الامريكى السابق جورج بوش فى عام2001 بعد احداث11 سبتمبر, وكان يقصد وقتها العراق وايران وسوريا. واستطاع البنتاجون الامريكى ان يضع خططه من اجل الوصول لذلك الهدف من خلال تدمير الجيوش العربية وجعلها بلا قوة قد تعمل على مواجهة اى خطط ترغب فى تنفيذها, وجاءت البداية فى عام2003 وبعد الاحتلال الأمريكى للعراق, ومع تعيين بول بريمر كأول حاكم أمريكى للعراق قام باتخاذ قراره الأول بحل الجيش العراقي, وهو الامر الذى لم يحدث فى اى دولة فى العالم من قبل, فالجيش يعنى هوية الدولة, كما يعنى الاستقرار لها ومواجهة اى عمليات داخلية او خارجية, وحتى لو كان منكسرا بعد حرب لا يمكن ان يتم حله الا لو كانت هناك اسباب تهدف الى ذلك, وهى اسباب تصب جميعها فى مصلحة الولاياتالمتحدة, وأهمها جعل العراق بلا هوية لإعادة تشكيلها من جديد والعمل على تقسيمها دون اية مقاومة, إلا أن المخطط الامريكى ازداد شراسة مع دخول تنظيم القاعدة فى الاراضى العراقية وتم تدمير ما تبقى من كيان وهوية الدولة العراقية, مما جعل العراق تبتعد عن الصورة الاقليمية ؟,بعد أن كانت قوة مؤثرة بشكل كبير فيها. لم يتوقف المخطط الامريكى الجهنمى عند هذا الحد فقط بل إنها قامت فى عام2004 بإقرار مشروع الشرق الاوسط الموسع فى قمة الثمانية ثم من بعده فى قمة اسطنبول لحلف الناتو بحيث جعلت للحلف مهام أمنية وإستراتيجية داخل المنطقة من اجل ان يكون له الغلبة من خلال إعادة نشر قواته فى مواقع استراتيجية مثل البحر الاحمر والخليج العربى وقواعد عسكرية فى دول اخري. وخلال تلك الفترة بدأت الإدارة الأمريكية فى فتح قنوات اتصال مع بعض القوى المعارضة فى بعض الدول العربية لتكون موالية لها فى حال تنفيذ أى ثورات بعد اعلان كوندليزا رايس وزيرة الخارجية الامريكية فى الادارة الامريكية السابقة, عن مصطلح الفوضى الخلاقة الذى يجب ان يتم تنفيذه فى منطقة الشرق الاوسط والدول العربية, وحاولت الادارة الامريكية ان يكون لها حلفاء فى حال حدوث ثورات عربية التى كانت تخطط له الولاياتالمتحدة لاعادة تشكيل المنطقة كما ترغبها لحماية مصالحها وجعل اسرائيل هى القوة الوحيدة ومن ثم القضاء على القوة العربية المهددة لها. وجاءت بعد ذلك ثورات الربيع العربى لتجد الولاياتالمتحدة دورا اكبر لها لتكون نصيرا للديمقراطية فى الشرق الاوسط,وهو الظاهر من خلال تصريحاتها التى دائما ما تطلقها القيادات فى الادارة, أما الخفى منها فيهدف الى تنفيذ مشروعها الكبير من خلال تدمير مؤسسات الدول, ثم تدمير الجيوش العربية, وإضعاف الدول فى القدرة على تحديد مستقبلها مفردة, وتجعل من الولاياتالمتحدة وصية عليها تنفذ تعليماتها التى هى فى الغالب تدمير لكل ما هو قوى فى تلك الدول مثلما حدث فى النموذج العراقي, وهو ما يظهر جليا فى تعامل الادارة الامريكية مع الملف السوري, فبرغم ما يفعله النظام من قتل وذبح للمدنيين, الا ان الولاياتالمتحدة جاءت لها فرصة ذهبية لتدمير الجيش السورى تماما من خلال تسليح المعارضة وادخال البلاد فى حرب أهليه وتتحول الثورة من سلمية الى دموية يقتتل فيه الجانبان, وفى النهاية تخرج سوريا مهلهله بلا جيش مدمرة اقتصاديا, وبها صراعات طائفية. وقد فعلت من قبل مع ليبيا من خلال دور الناتو هناك وتسليح المعارضة, ثم بعد ذلك صراعات قبلية تدخل الدولة فى دوامة كبيرة يتم بعدها الاحتكام للولايات المتحدة وحلفائها فى الغرب ليتم تقسيم ليبيا إلى دويلات صغيرة. أما بالنسبة الى مصر فهى نموذج مختلف بالنسبة لباقى الدول العربية, فمصر ليس بها خلافات اثنية, وليس بها خلافات قبلية فهى دولة متماسكة, حتى بعد الثورة لان بها جيشا قويا قادرا على حماية الدولة واركانها, برغم المحاولات العديدة من البعض لاقحام الجيش فى صراعات, إلا أنه استطاع أن يبتعد عن ذلك كله ويحمى الدولة مرة أخري. خطر الارهاب ان اخطر ما يواجه مصر فى المرحلة الحالية الارهاب العابر للحدود الذى يؤثر بشكل مباشر على امن واستقرار الدولة، ولذا أخذت القوات المسلحة على عاتقها تطهير الاراضى المصرية من تلك الجماعات فى الاتجاهات الاستراتيجية المختلفة، ومحاصرة الارهاب والقضاء عليه وخاصة فى سيناء والمنطقة الغربية . ان السياسة التى تتبعها القيادة فى مصر تؤكد بما لا يدع مجالا للشك وعيها الكامل بتلك التهديدات واسلوب التعامل مع جميع الملفات يؤكد ان مصر قادرة على الوقوف امام التهديدات بكل قوة وحزم . [email protected]