حسنا فعلت السعودية ومن قبلها الإمارات عندما شرعتا كلا على حدة فى صياغة رؤية لإخراج بلديهما من حالة «الإدمان البترولي» عبر خريطة طريق جديدة تستشرف المستقبل عندما تجف منابع البترول. هذه بالفعل نقطة ضوء تكسر ظلامية المشهد العربى الراهن وتؤكد نضوج الوعى السياسى للأمة التى ينبغى عليها أن تتحسب للأخطار والتحديات المحتمل حدوثها. ولست أريد أن أدخل فى تحليل الدوافع التى عجلت بطرح هذه الرؤى الرشيدة وما إذا كانت مرتبطة بالهبوط الحاد فى أسعار البترول فى السنوات الأخيرة أم لا.. ولكننى ألمس توجها حميدا يصب فى اتجاه ارتقاء الفكر السياسى العربى من أجل ركوب قطار العصر وعدم التشبث بموروثات قديمة لم تكن تتحمس للسياحة والأنشطة الترفيهية. نحن إزاء متغير استراتيجى عميق لن يقتصر على السعودية والإمارات وحدهما وإنما سيعم كل دول الخليج البترولية التى تشهد فى السنوات الأخيرة سباقا تنافسيا نحو تحديث مناهج التعليم وتطوير برامج التأهيل المهنى والبدء فى تسعير تدريجى للخدمات الاجتماعية. وربما يقول أحد أنه حتى لو نفد البترول فى أرض السعودية ودول الخليج فإن هذه البلاد ترقد فوق مخزون هائل من الغاز الطبيعى وجبال غنية بالثروات المعدنية وهذا قول صحيح يعزز من قيمة وأهمية الاستشعار المبكر لإدخال الإنسان الخليجى ضمن منظومة الثروة ودفعه للعمل فى مشاريع البناء والتصنيع واستصلاح واستزراع الأراضى ودخول الآفاق الواسعة للاستزراع السمكى بدلا من استمرار التقوقع فى المشروعات التجارية وأعمال السمسرة بمختلف أشكالها. ولابد لى أن أسجل إعجابى بعبارة أثيرة وموحية قالها الأمير محمد بن سلمان ولى ولى العهد السعودي: «إن الرؤية السعودية 2030 تعتمد على ثلاثة محاور رئيسية أولها العمق العربى والإسلامى بوجود الحرمين الشريفين.. وثانيها: امتلاك السعودية لقدرات استثمارية.. وثالثها: الموقع الاستراتيجى للمملكة».. ومعنى ذلك أن الرؤية ليست من فراغ وأنها تستند إلى أوراق قوة حقيقية لها ظل حقيقى على أرض الواقع!. خير الكلام: أخاك أخاك إن من لا أخا له.. كساع إلى الهيجا بغير سلاح!. [email protected] لمزيد من مقالات مرسى عطا الله