لم تمر ساعات على صدور قرار رفع أسعار الأدوية التى يقل ثمنها عن 30 جنيهًا، حتى رفع الصيادلة أسعار الأدوية الموجودة لديهم؛ رغم أنهم حصلوا عليها من الشركات المنتجة لها بالسعر القديم، وزاد الطين بلة أن هناك من فسروا قرار رفع الأسعار بأنه سيكون بناء على سعر الشريط وليس العلبة. ويعنى ذلك ببساطة أن جميع الأدوية قد ارتفعت أسعارها! وهو أمر يثير الضحك والبكاء فى آن واحد.. الضحك على التفسير العجيب لقرار الرفع، فليس معقولًا أن يصل الأمر بالمسئولين إلى هذا الحد من عدم مراعاة المرضى البسطاء الذين لا يجدون قوت يومهم، ومهما قيل من مبررات لرفع أسعار الأدوية، فإن هذا الأسلوب الغامض فى معالجة القضية ينذر بتفاقمها.. أما البكاء فهو حسرة على عدم استطاعة الفقراء العلاج، فالأيام تمر والأمور تتأزم، وقضية الدواء يطول شرحها، إذ أن الكل يتهرب من مسئوليته، خصوصًا ما يتعلق باختفاء أربعة آلاف صنف من السوق؛ نتيجة عجز الشركات المصرية عن الإنتاج فى ظل ارتفاع قيمة الدولار، وأسعار المواد الخام. وتقول تقارير الهيئات الدوائية إن هناك 12 ألف منتج دوائى فى مصر 35% منها أدوية غير متوافرة، كما أن 90% من الأصناف التى زاد سعرها حتى الآن يمكن الاستغناء عنها، فمعظمها فوارات وأدوية للحموضة، ولها بدائل فى السوق، وهذا الكلام الصادر عن المسئولين عجيب وغريب. انظروا إلى قوائم الأدوية التى زادت أسعارها تجدون أنه لا يوجد دواء لم يرتفع سعره، وتشهد بذلك صرخات المرضى ورسائلهم واتصالاتهم التى لا تتوقف، وهم يطلبون تدخل الحكومة بقرارات واضحة، والرقابة المشددة على الصيدليات، فما يتحدث عنه المسئولون كلام وردى لا يمت إلى الواقع بصلة، فالحقيقة المرة أن أسعار الأدوية فى ارتفاع مستمر، ليست المستوردة فقط ولكن المصنعة محليا أيضا، بدعوى ارتفاع أسعار المواد الخام اللازمة لتصنيع الأدوية، وبالتالى فإن ارتفاعات أسعار صرف الدولار تنعكس على الأدوية بشكل عام! أما ما يقال عن قانون التأمين الصحى الجديد الذى سيوفر العلاج مجانا للمرضى، فهو بمثابة «جعجعة بلا طحن» فالأعوام تمر، ولا وجود لهذا القانون ولا غيره، والمسألة برمتها ليست سهلة، ولابد من مراجعة كل القرارات المتعلقة بالأدوية والوقوف على تفاصيل ما يجرى بشأن تسعيرها، فالأمر جد خطير.