عالم من الخيال سيصبح حقيقة واقعة خلال سنوات قليلة .. ستفتح باب شقتك باشارة من اصبعك ،اشارة المرور فى الشارع ستحس بوجودك وستفتح لك مادام لا يوجد سيارات عابرة ولن تنتظر طويلا ، يمكنك التقاط ما تريد من صور فى الظلام وبدون اضاءة ، يمكنك أن تقيس وتجرب كل الملابس التى تريد شراءها وانت فى منزلك قبل شرائها من حوانيت الانترنت، واذا اصبت فى حادث طريق لا قدر الله، لن ينتظر الاطباء كثيرا حتى يعرفوا اصابتك فقط يمكنهم أن يسألوا الجهاز المتصل بك شفويا وسيخبرهم اين الاصابة بل وكيف يعالجونها بدون تضييع وقت. .................................................................................................. احتياجاتك من منشوراتك على الانترنت (بوستاتك) ستتعرف عليها شركات البيع. مثلا اذا كنت تفكر فى تغيير سيارتك او شقتك- من بوستاتك التى تكتبها على مواقع التواصل الاجتماعى، وتفاجئك بعرض ما تحتاجه بل ويمكن ان تجربه وانت فى بيتك ، ايضا المزارع فى الريف لن يحتاج ان يمر كل يوم على حقله بل سيعرف كل تفاصيل زرعته بالموبايل وهو جالس فى بيته! اما الحصول على فقرة جديدة من فقراتك العظمية بدلا من المتآكلة او ضرس ضربه السوس تريد استبداله سيمكنك ذلك من خلال الطابعة ثلاثية الابعاد ، ليس هذا فقط بل ان الانسان الآلى «الروبوت« لن يكون آليا بل امستأنسب يحس ويشعر ويغضب ويفرح ويتحدث 20 لغة ! لن يحتاج المصورون الصحفيون للمخاطرة بحياتهم لالتقاط صور حية لاحداث ساخنة وخطرة .. فقط سيمكنهم الحصول على ما يريدون وهم جالسون أمام شاشات حواسبهم يلعبون بطائرات صغيرة مزودة بكاميرات حساسة يتم توجيهها فوق الحدث حتى لو كان فوهة بركان ثائر . هذه نماذج بسيطة ومعدودة فقط من بين اكثر من 500 نموذج لابتكارات جديدة تبشر بعصر جديد ..عصر «انترنتة» كل الاشياء والطباعة الثلاثية والحوسبة السحابية والبيج داتا ، والانترنت الحيوى ... انه عصر الديكونومى diconomy أى رقمنة الاقتصاد والبيزنس وليس الاقتصاد الرقمى - فقد اصبح موضة قديمة. لم اقرأ أو اسمع عن هذه الاختراعات وانما رأيتها رأى العين فى مدينة هانوفر الالمانية فى صالات عرض اكبر معرض دولى لتكنولوجيا المعلومات والاتصالات سيبت 2016 ش والذى شارك فيه 3300 شركة من كل قارات العالم وزاره اكثر من نصف مليون زائر وتحدث فيه 200 شخصية من رؤساء اشهر شركات تكنولوجيا المعلومات والاتصالات والمخترعين والمبدعين وكان شعاره رقمنة الاقتصاد .. شارك ابدع وانجح، وخلال 5 ايام ، عقد اكثر من 2000 ندوة ومحاضرة متخصصة حول موضوعات المستقبل الرقمى مثل التخطيط السحابى وامن المعلومات السحابية ورقمنة الادارة الحكومية وطرق المواصلات والمدن الذكية والواقع الافتراضى ، ومستقبل انترنت الاشياء وتأثيره على اعادة توزيع الادوار فى الشركات وفرص العمل التى ستوجدها رقمنة الاقتصاد والمنافسة بين البشر والروبوتات على الوظائف وعقد ايضا حوالى 5 ملايين محادثة تجارية بين الشركات والمتخصصين والمبتكرين ، وكما قال السيد اوليفر فريزه عضو مجلس ادارة هيئة معارض المانيا ، فان أكثر من 50 مليار شىء او كائن سيرتبطون بالشبكة العنكبوتية خلال ال5 سنوات القادمة من السيارات الى الحيوانات وحتى المنشآت والمبانى مما سيجعل الرقمنة ثورة حقيقية ستغير وجه العالم .. الاقتصاد .. والمجتمع وحتى السياسة الدولية وادارة الشركات والمستشفيات والمواصلات فكما قال ايضا فى المؤتمر الصحفى الختامى اننا يمكن ان نرى تطبيقات عملية خلال العشر سنوات القادمة فى اضافة قدرات جديدة للعقل البشرى من خلال زرع شريحة معلومات رقمية فى المخ تضيف الى قدراته امكانات جديدة وذلك فى ظل التطور السريع لما يعرف بالانترنت الحيوى اى ربط الجسم البشرى مباشرة بشبكة الانترنت من خلال زرع شرائح رقمية داخل الاعضاء الحيوية فى جسم الانسان . العالم يستعد على قدم وساق لثورة الرقمنة ..جونتر اوتينجر المفوض الاوروبى للمعلومات والذى شارك فى احدى منتديات المعرض دعا الى سرعة انشاء السوق الاوروبية الرقمية ووضع البنية التحتية لها موضحا ان البيزنس الرقمى سيقلل من اهمية الحدود السياسية للدول وسيخلق فرصا جديدة للشركات والمبدعين والمخترعين ، اما زيجمار جابرييل نائب المستشارة ميركل ووزيرالاقتصاد والتكنولوجيا فى المانيا فقال انه تم تخصيص مليار يورو لاستكمال البنية التحتية الرقمية لالمانيا ، بينما شددت المستشارة ميركل نفسها خلال زيارتها للشركات الالمانية العارضة على ضرورة الاسراع فى رقمنة الاقتصاد الالمانى حتى تستطيع المانيا جنى مكاسب وثمار الرقمنة ، وايدها فى ذلك رئيس شركة فودافون الذى اكد ان الحلول الرقمية ستمثل ضرورة حيوية للنجاح الاقتصادى فى هذا القرن مشيرا الى ابداع المخترعين الالمان فى هذا المجال والذين نجحوا فى تطويرسرعة شبكات الاتصالات لتصل الى سرعة جيجا بايت فى الجيل الخامس من اجهزة الاتصالات ، ليس هذا فقط بل ان الجامعات ومراكز الابحاث الالمانية عرضت اكثر من 300 ابتكار تطبيقى جديد لاول مرة وكلها تقوم على الابتكارات الرقمية والافكار الابداعية وتؤسس لمشروعات وشركات جديدة وشارك فى الكثير منها طلاب من كليات الهندسة فى الجامعات الالمانية . فى المقابل لم تشارك أى شركة مصرية فى هذا المنتدى العالمى للرقمنة ، ولكن شارك شباب مصريون يمثلون او يعملون فى شركات من دول اخرى منها دبى وباكستان وبنجلاديش نعم بنجلاديش !! وحينما سألت محمد عطية الجوهرى ابن مدينة طنطا وصاحب شركة متخصصة فى اللوجيستيات مقرها دبى هل هذه المرة الاولى لمشاركتكم فى هذا المنتدى العالمى قال هذه المرة الرابعة، وشجعنى رؤيتى للعلم المصرى جنبا الى جنب علم الامارات على جناح الشركة فى المعرض على أن اساله لماذا لا تعمل فى مصر فقال هو وشريكه تامر عبد الجواد ابن مدينة طنطا ايضا فى نفس واحد نحن مستعدون وحالا، فقلت اذن ما المشكلة فقالا نريد فقط تسهيلات بعيدا عن البيروقراطية الحكومية والرشاوى ولا نطلب تمويلا من اى بنك مصرى .. رأسمال شركتنا 40 مليون دولار ونعمل فى معظم اسواق الشرق الاوسط الا مصر ولدينا طائرات شحن وننقل %80 من تجارة العراق !! ليس هناك شك ان ثورة «الديكونومى» والرقمنة قد بدأت.. و صناعة المستقبل الرقمى يتنافس فيها المتنافسون ، اما المتخلفون والكسالى سيكونون خارج سياق التاريخ ..لن يجنوا ثمار وفرص هذه الثورة من تقدم تكنولوجى وازدهار اقتصادى ينعكس على مستوى معيشة المواطنين ولكن مع هذا تبقى المخاطر ايضا قائمة ومن نفس النوع ونقصد ما يتعلق بالامن المعلوماتى الرقمى حيث يمكن ان يؤدى الابداع الرقمى الى اسلحة رقمية جديدة خاصة من نوع «الهاكرز» الحيوى والذى يمكن من خلاله لشخص واحد مزروع فى جسمه شريحة فى حجم حبة الارز ان يدمر النظام المعلوماتى لدولة بحالها ولهذا ابدعت شركة المانية برنامج تشفير يصلح لكل مواطن او مستخدم فى اطار مبادرة اطلقت عليها التشفير للجميع !! تبقى قضية اخرى مثيرة للعالم العربى ازاء ثورة الرقمنة وهى ترجمة المصطلحات الجديدة لهذه الثورة وتعريبها فهل تقوم المجامع اللغوية العربية بهذه المهمة قريبا ليتيسر للناطقين بلغة الضاد فهم واستيعاب مخرجات الثورة الجديدة على الاقل اذا كنا غير قادرين على المشاركة فيها .