ما معني أن تكون إسلاميا؟ هذا التساؤل مطروح منذ زمن طويل في الساحة المصرية, علي خلفية السلوكيات المشينة لبعض المنتسبين للتيار الإسلامي, والتي يشوبها كثير من الشطط والأنانية والجهل. الإسلامي في تقديري هو الذي يتجسد فيه الفرق بين الإسلام والإيمان.. هو الذي وقر الإيمان في قلبه وصدقه عمله.. هو الذي يصبر علي تجاوزات معارضيه ويتحمل سخافاتهم حتي يقضي الله امرا كان مفعولا. هو المتجرد للوطن الذي يغضب من أجل المصلحة العامة, وليس من اجل مصلحته الشخصية هو الأكثر حكمة والابعد نظرا في تقدير عواقب الأمور. لهذا لم يكن غريبا ان يجتمع الإسلاميون علي التصويت بنعم في استفتاء 19 مارس 2011, علي خريطة الطريق التي تنهي حكم العسكر في خلال أشهر, لادراكهم ان كل يوم إضافي يقضيه العسكر في الحكم يوجد الكثير من الازمات والمشاكل, وأنه كلما طال بقاؤهم علي كرسي الحكم ازدادوا التصاقا به, وأخيرا, فإن الإسلامي لا يكذب أبدا أيا كانت الأسباب والأهداف. وإذا نظرنا إلي سلوكيات الشيخ حازم أبو إسماعيل واتباعه علي ضوء ماسبق. فسنجد أنها ابعد ما تكون عن الإسلامية, فقد كان ينبغي عليه, في مواجهة وثائق الحكومة الأمريكية, أن يثبت بما لايدع مجالا للشك ان والدته رحمها الله لم تحمل الجنسية الأمريكية, ولكنه إما رفض إثبات ذلك, وإما أنه عجز عنه, إن كان رفضا, فهي مصيبة لانه لم يدرك عواقب هذا الرفض, حيث كان يكفيه اظهار الجرين كارد الخاص بوالدته, أو استدعاء السيدة اخته وزوجها ليقسما علنا علي ان والدته لم تكن أمريكية, ولو أنه فعل, لكان وأد الفتنة في مهدها, وابعد نفسه عن مواطن الشبهة. ان عدم تقديره لعواقب رفضه, ومحاولته الالتفاف حول القضية, باللجوء إلي حكم محكمة لا علاقة لها بها, يعني أن الشيخ حازم لم يكن مؤهلا علي الاطلاق لحكم هذا البلد أو أي بلد, أما إذا كانت المسألة هي عجزه عن مواجهة الوثائق الأمريكية, فالمصيبة اعظم لانها تعني انه كذب.. كذب من اجل تحقيق حلم كان عليه ان يتعامل معه بشيء من التواضع, بدلا من أن يخرج علي قومه في زينته ليغلق بها شوارع القاهرة, كان واضحا ان الشيخ حازم مشتاق لمنصب الرئاسة, مستميت عليه وعندما جري استبعاده اصيب هو واتباعه بصدمة دفعتهم إلي محاولة الثأر من الجميع بمنطق يافيها لاخفيها, ولهذا أقدم اتباعه علي ما لم تجرؤ اي قوة ثورية أخري علي الاقدام عليه طوال العام الماضي وهذه كلها جرائم بلطجة وسلوك متدن لايمت للإسلامية بصلة, ولأن الغضب كان لمصلحة شخصية, لم يلتفت اتباع الشيخ إلي ماتكرر حدوثه في كل مرة اعتصمت فيها قوي ثورية, وهو سهولة اختراق البلطجية للمعتصمين لاشعال حريق يسقط فيه ابرياء كثر. لقد كان في مقدور الشيخ حازم ان يكون حازما مع أتباعه, فيصرفهم عن العباسية, لكنه لم يفعل إما عن عجز وإما عن رغبة, إن كان عجزا, فهو يؤكد ثانية انه غير مؤهل لقيادة بلد وهو عاجز عن قيادة قلة من الاتباع المهووسين, وإن كان عن رغبة, فهذا يعني ان الشيخ حازم مسئول مباشرة عن كل الدماء البريئة التي سفكت في العباسية, وان يده ملوثة بها, ولكنه بدلا من الاعتراف بخطئه لكي يتحمل المسئولية عنه,كما يفعل الإسلامي الحق, رأيناه يتهرب ويتنصل من كل ماجري. كمفكر إسلامي أري أن مصر لانهضة ولاقيام لها إلا في ظل حكم إسلامي وسطي مستنير, لا اقبل السكوت عما تسبب فيه الشيخ حازم وأتباعه, من ناحية فإن سلوكياتهم تشوه التيار الإسلامي, وتسمم البضاعة الطيبة التي يحملها للناس, وتسهل مهمة كل من يسعي إلي شيطنته والاصطياد في الماء العكر. من ناحية أخري, فكيف ندين العقلاء في التيار العلماني علي سكوتهم علي خطايا المنتسبين إليهم, وعلي رأسها خيانة الديمقراطية والانقلاب عليها عندما اتت بنتيجة لاتشتهيها أنفسهم, ونسكت نحن الإسلاميين علي خطايا من ينتسبون إلينا, إن أكبر خطر علي مصر اليوم يأتي من الجماعات المهووسة في التيارين الإسلامي والعلماني, وهو مايستوجب علي الجميع المبادرة بتطهير صفوفه قبل فوات الأوان.