طرحت في مقال سابق دوافع الحرب علي الإسلاميين وأواصل في هذه السطور الكلام عما يكمل نفس الفكرة وابتداء أقول إن الأمية الدينية هي الخطر القادم هذه هي القضية التي اطرحها في هذه السطور. ان الاسلام العظيم ليس دين عبادة فقط وإنما هو عبادة وسلوك فالإيمان الحق كما قال الرسول صلوات الله وسلامه عليه هو ما وقر في القلب وصدقه العمل.. وفي الأثر الديني المعاملة والنصوص والأقوال في هذا الصدد لا يحدها حصر.. وكان كل ذلك هو السبب في عظمة الاسلام كدين خاتم وكان ايضا هو السبب في اقبال الشعوب عليه عند ظهوره وفي اقبال كبار المفكرين الغربيين اليوم عليه بمجرد فهمه ولكن المشكلة هي ان أعدي أعداء الإسلام واخطرهم عليه هم بعض المسلمين وهو ما أفضل أن اسميهم الأميين الإسلاميين فهم لا يعرفون عن الاسلام إلا بعض قشور ولم يتح لهم الداعية الواعي أو الفاهم الذي يمكنه ان يشرح لهم حقيقة الدين الذي يؤمنون به.. التيار السلفي في مصر ليس جديدا أو حديثا وإنما هو قديم وقد بدأ بجماعة انصار السنة المحمدية قبل ان يتفرع ويتشعب ويتفرق طرائق قددا.. والذين كانوا متصدين للدعوة لهذا الاتجاه كانوا وللأسف الشديد أو غالبيتهم لكي أكون حسن النية من غير المؤهلين دينيا لا للدعوة ولا للافتاء وقد اقبل بعض الناس عليهم إما للميل للتدين أو لمبادرتهم بتقديم الخدمات الاجتماعية المشكورة ولاشك.. كانت لهم مساجدهم وكانوا هم خطباؤها وكانوا يقولون ما يحلو لهم في وقت كان الأزهر غائبا أو مغيبا عن الساحة ونشأ جيل وتكون فريق ليس بالقليل وفجأة أصبح لدينا ملايين من الشباب الذي يفهم الدين بالطريقة التي تعلمها علي ايدي هؤلاء الدعاة وهم في الأصل ليسوا من العلماء وفهمهم للاسلام متأثر إلي أبعد مدي بتيارات أكثر منهم جهلا وانغلاقا وتشددا مثل جماعة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر بالدرجة الأولي.. لم تكن الدولة المصرية في النظام السابق أو الذي سبقه تهتم بهم أو تعيرهم التفاتا انطلاقا من حكمة الرئيس المخلوع »خليهم يتسلوا« والأغلبية المسلمة لم تكن ايضا تهتم بهم كثيرا فلهم مساجدهم.. هم يقضون ساعة أو اكثر في اداء صلاة واحدة هم أحرار.. يلبسون جلابيب قصيرة هم أحرار يرسلون ذقونهم هم أحرار.. يفرضون النقاب علي زوجاتهم وبناتهم هم أحرار وكان المعتدلون يدينون بالإسلام علي مذهب أبي حنيفة النعمان وهو المذهب المصري والبعض علي مذهب الإمام الشافعي والقلة من الحنابلة كانوا المدد لهذه الجماعة.. لم يكن احد يهاجم أحدا ولم يكن أحد يسفه سلوك أحد وكان المصري الأصيل يردد دائما في سماحة واعتدال.. »فكلهم لرسول الله منتسب«. وجاءت الثورة.. أقصد ثورة 52 يناير وظهر التيار السلفي ظهورا واضحا وخرج من المساجد إلي الندوات والفضائيات والصحف والمجلات والنشرات والكاميرات.. انغمسوا في السياسة أو ان جاز لي القول انغمسوا في أوصال السياسة حتي ذقونهم.. وحتي هذه اللحظة فهم أحرار ولكن نشرت الصحف منذ أيام قيام مجموعة منهم باعتراض ميكروباص علي طريق الزقازيق يقل رجالا ونساء وأصروا علي انزال الرجال وأن يقوم السائقون بتخصيص سيارات للنساء وأخري للرجال وعندما اعترض زوج يصاحب زوجته في زيارة للأقارب وهي لا تعرف الطريق انهالوا عليه ضربا.. هذا حادث قد يبدو بسيطا ولكنه يشير إلي أن لدينا الآن مجموعات من أمثال هؤلاء المهووسين دينيا وهم من الذين تربوا طوال سنوات علي أيدي دعاة منهم هم أكثر منهم جهلا بالإسلام الحق. هذا التيار لو تزايد أو تصاعد أو انتشر فهو في رأيي الخطر الحقيقي فلن يقبل مصري ما كان يقبله السعودي في السنين الماضية عندما كان يسير مع زوجته في السعودية فينهال عليه مأفون جاهل من أمثال هؤلاء ضربا بالعصا في عرض الطريق.. التصدي لهذا الاتجاه هو أمانة الآن نضعها في عنق حزب الحرية والعدالة سياسيا وجماعة الإخوان مذهبيا ونذكر الجميع بواقعة من التاريخ فعندما كانت مصر والعالم العربي يرزخ في ذلة تحت الاستعمار الانجليزي والفرنسي انصرف أصحاب الذقون إلي معركة ضارية بين بعضهم البعض حول هل يجب اطالة اللحية وعدم المساس بها أو تهذيبها، فتقاتلوا من أجل ذلك ولم يفكروا فيما يرزخون تحته من مذلة واستعمار ونطق الإمام الرشيد والعظيم الشيخ محمد عبده بقوله الشهير: ألا ليت اللحي كانت حشيشا فنطعمها خيول المسلمين ولله الأمر