فقدت الجماعة الأكاديمية المصرية واحدا من بين أبرز أساتذتها ممن أسهموا بنصيب كبير فى مجال الإعلام، على المستويين المصرى والعربي، هو الدكتور فاروق أبوزيد أستاذ الصحافة والعميد الأسبق لكلية الإعلام جامعة القاهرة، ثم عميد كلية الإعلام بإحدى الجامعات الخاصة، حيث رحل بعد صراع شديد مع المرض عن عمر يناهز 75 عاما. تعود جذور راحلنا الكريم إلى محافظة أسيوط بصعيد مصر، وقد تخرج من قسم الصحافة بكلية الآداب جامعة القاهرة عام 1962م، ومارس العمل الصحفى فى مجلة (الإذاعة والتليفزيون)، حيث جمع فى شبابه بين العمل الصحفى والدراسة الأكاديمية، وتخصص علميا فى حقل تاريخ الصحافة المصرية، الذى يعد أحد أقدم حقول البحث العلمى فى مجال الصحافة، إذ حصل على درجة الماجستير فى أوائل السبعينيات من القرن العشرين من كلية الآداب جامعة القاهرة عن موضوع عنوانه «الفكر الليبرالى فى الصحافة المصرية 1828 1881»، ثم استكمل الموضوع نفسه ليحصل على درجة الدكتوراه عام 1975م من كلية الإعلام عن موضوع عنوانه «الفكر الليبرالى فى الصحافة المصرية 1882 1924». وللدكتور فاروق أبوزيد العديد من الأبحاث والمؤلفات والمقالات الصحفية التى أثرت المكتبتين المصرية والعربية، لا سيما أن إنتاجه العلمى قد اتسع ليشمل جوانب متعددة فى مجال الصحافة والإعلام، كما أنه أشرف على كثيرين من الطلاب فى مرحلتى الماجستير والدكتوراه، وناقش عشرات الرسائل العلمية، وقدره أساتذته وزملاؤه على حد سواء، وكان بارا بأساتذته ومعلميه من جيل الرواد، نذكر منهم الدكتور خليل صابات وكيل كلية الإعلام، والدكتور محمد أنيس رئيس قسم التاريخ بآداب القاهرة، والدكتور محمود خيرى عيسى عميد كلية الاقتصاد والعلوم السياسية، والدكتور عبدالملك عودة عميد كلية الإعلام، والدكتور مختار التهامى أستاذ الصحافة بكلية الإعلام. ومن أشهر مؤلفاته: الصحافة وقضايا الفكر الحر فى مصر، أزمة الديمقراطية فى الصحافة المصرية، أزمة الفكر القومى فى الصحافة المصرية، عصر التنوير الصحفي، فن الخبر الصحفي، فن الكتابة الصحفية، الصحافة العربية المهاجرة، الصحافة المتخصصة، مدخل إلى علم الصحافة، النظم الصحفية فى الوطن العربي، انهيار النظام الإعلامى الدولي، الفكر الليبرالى فى الصحافة المصرية، الكتابة للجريدة والمجلة. وتولى رئاسة قسم الصحافة بكلية الإعلام جامعة القاهرة، ثم عمادة الكلية لمدة ست سنوات خلال الفترة الممتدة بين 1994م و2000م، افتتح خلالها المبنى الجديد لكلية الإعلام، كما شهدت الكلية خلال تلك السنوات العديد من الأنشطة الطلابية والفعاليات العلمية التى شارك فيها نخبة من الرموز المصرية والعربية والأجنبية، واختير عضوا فى المجلس الأعلى للصحافة لسنوات عديدة، أشرف خلالها على إعداد تقارير الممارسة الصحفية والتى كانت تصدر دوريا بمشاركة مجموعة من تلاميذه خلال الفترة من 1998م إلى 2010م، كما اختير عضوا بالمجلس القومى للمرأة والمجالس القومية المتخصصة. وعندما كنا طلابا فى مدرجات وقاعات كلية الإعلام، تعلمنا من الدكتور فاروق أبوزيد أن نهتم بقراءة جريدة أو مجلة يوميا على الأقل حتى نتعرف على سوق الصحافة المصرية واتجاهاتها وأساليب كتابها، وفى مجال التدريب كان يشجعنا على المشاركة فى تحرير صحيفة «صوت الجامعة»، ومن جانب آخر يقوم كل طالب بتوزيع عشر نسخ منها حتى نتدرب على فنون التوزيع، وفى واقع الممارسة العملية فإنه كان يأخذ على الصحافة المصرية غياب التلمذة وتبنى الصحفيين لأجيال جديدة من الشباب.. رحم الله الأستاذ الكبير وأنعم على أهله وتلاميذه بالصبر والعزاء. د. رامى عطا صديق